خلافات داخل المعارضة السورية حول أسباب التراجع الأميركي
موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:
على الرغم من حجم المشكلة التي تجد قوى المعارضة السورية نفسها فيها، بعد التراجع الأميركي عن قرار توجيه ضربة عسكرية لسوريا، على ضوء الإتفاق الأميركي الروسي على وضع السلاح الكيميائي السوري تحت الرقابة الدولية، تشهد صفوفها الكثير من الخلافات الداخلية حول الموقف مما يحصل، لا سيما أن الآمال التي عقدتها على هذه الضربة كانت كبيرة جداً من أجل تغيير موازين القوى العسكرية على أرض الواقع.
أمام هذا الواقع، هناك مجموعة من الأسئلة التي تطرح حول كيفية قراءة قوى المعارضة لمستقبل الأوضاع السورية، وحول الطريقة التي ستدير فيها الأزمة في زمن الصفقات الكبرى.
الأسد سوف يستفيد من التسوية
تتوافق الأوساط السياسية السورية المعارضة على أن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون من أكبر المستفيدين من الصفقة الدولية التي تحصل في هذه المرحلة، وترى أن حلفاء النظام نجحوا في إخراجه من الأزمة الكبيرة التي وقع بها بعد استخدامه السلاح الكيميائي في منطقة الغوطة الشرقية.
وفي هذا السياق، تعتبر مصادر سورية معارضة، في حديث لـ”النشرة”، أن الاتفاق الذي يحصل هو إتفاق روسي أميركي إسرائيلي، وتشير إلى أن الجهات الثلاثة سوف تستفيد منه، في حين أن “الأسد سيسعى من خلال الدعم الروسي الذي يحظى به إلى الخروج من الأزمة التي هو فيها من خلال الإيحاء بالرغبة في الذهاب نحو الحل السياسي، وفي حال لم يحصل هذا الأمر، سوف يستمر بادّعاء محاربة الإرهابيين الذي يجد له ما يعززه في تصرفات بعض المجموعات المسلحة”.
وتشير المصادر السورية المعارضة إلى أن ثمن هذه الصفقة سيكون التخلي عن السلاح الكيميائي الذي يقلق إسرائيل بالدرجة الأولى، وتلفت إلى أنها “من الطبيعي ألا توافق على هذا الأمر لأن المطلوب ليس تجريد سوريا من الأسلحة الاستراتيجية التي تملكها”، لكنها توضح أن “الولايات المتحدة الأميركية سعيدة بهذا الحل الذي يضمن لها مصالح حليفتها الأساسية في الشرق الأوسط، من دون أن تكون مجبرة على الدخول في أي صراع عسكري جديد”، وتعتبر أن “موجة التخويف من الجماعات المتطرفة المستمرة منذ مدة توضع في هذا الإطار”.
“الإئتلاف” لم يكن على حجم المعركة
على صعيد متصل، لا يبدو أن قوى المعارضة السورية، لا سيما “الإئتلاف الوطني”، ستكون بعيدة عن الدخول في أزمة داخلية جديدة على ضوء ما يحصل، خصوصاً أن هناك قراءات متعددة لما حصل، إذ يعتبر بعضها أن القيادة السياسية لم تكن على حجم المعركة الدبلوماسية التي حصلت.
وفي هذا السياق، تشدد مصادر من داخل قوى المعارضة على أن الموقف الأميركي لم يكن مستغرباً، وتشير إلى أنه “من الطبيعي أن تتاجر القوى الكبرى على حساب الشعوب من أجل تحقيق مصالحها، وهي حققت ما تريد من خلال إبعاد شبح السلاح الكيميائي عن حليفتها إسرائيل”، لكنها تعتبر أن “الإئتلاف الوطني لم يكن على قدر المسؤولية”.
وترى المصادر نفسها أن “الإئتلاف لم يستطع حتى اليوم إستيعاب ما حصل بالشكل المناسب، ويقتصر موقفه على إصدار البيانات الإعلامية التي لم تعد تفيد لأن المطلوب القيام بخطوات عملية”، وتسأل: “هل هو جهة تتولى قيادة الثورة السورية من الناحية السياسية أم مركز إعلامي يصدر بيانات؟”
من وجهة نظر هذه المصادر، لدى الإئتلاف الكثير من الأمور التي يستطيع القيام بها، وتشير إلى أن “في يده ورقة الشعب السوري الرافض لهذه التسوية”، وترى أن “هذا السلاح أقوى من أي لعبة سياسية، حيث من غير الممكن أن تفرض أي تسوية على شعب في حال كان مصراً على رفضها”.
من جهة ثانية، تعرب المصادر عن تشاؤمها بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع السورية، حيث ترى أن “الأمور باتت أصعب مع سلوك التسوية مسارها الجديد”، وتعتبر أن “حرب الإبادة التي يقوم بها النظام سوف تستمر من خلال الأسلحة التقليدية”، وتشير إلى أن “على الثورة البحث عن أصدقاء جديين، وتؤكد أنها عندما تقوم بذلك سوف تجدهم”.
في الختام، تشدد المصادر على أن “كل الذين يصادرون قرار الثورة يتحملون مسؤولية ما يحصل، بالإضافة إلى الدول الإقليمية التي أدخلتها في الصراعات الجانبية في ما بينها بدل التركيز على دعمها”.