خطورة شبكات التجسس بلباس ’المعارضة السورية’ على الامن اللبناني
علاقة المسلحين وبعض رموز المعارضة السورية، بالعدو “الاسرائيلي” لم تقف عند حدود الزيارات او المشاركة في مؤتمرات “هرتسيليا”، ولا تصدّر هؤلاء لوائح المهنئين بانتخاب رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، او عيادة الاخير لجرحى “النصرة” و”الحر” في مستشفيات صفد، أو مساندة العدو للمسلحين بغاراته الجوية في أكثر من منطقة ومحطة مفصلية. علاقة تخطت حد العمالة الى حد الوقاحة بالمتاجرة بقضية وطن ودماء ابنائه، وبيعه في سوق النخاسة مقابل حفنة دولارات، وكرمى لعيون الاعداء.
عمالة المعارضين السوريين لـ”الموساد” الاسرائيلي تتم دون خجل أو وجل، وهي لا تقف عند حدود، بل تتجاوز الساحة السورية، وما قدم حتى الآن من خدمات (“جليلة” للعدو، وصولا الى اختراق الساحة اللبنانية، وفق ما كشفه توقيف الامن العام بالامس لشبكة التجسس العاملة لصالح العدو في صيدا.
توقيف الشبكة التجسسية الجديدة، والذي يمكن ادراجه ضمن سلسلة اخترقات سابقة للساحة اللبنانية من جهة، يكشف عن تقاطع في الاهداف بين الشبكات التكفيرية وشبكات التجسس، بعدما كان قد سبقه الكشف عن مراسلات بين ضابط الارتباط “الإسرائيلي” مندي الصفدي (العامل في مكتب نتنياهو) ,المجموعات السورية المسلحة، والتي بينت حجم تورط معارضين سوريين بالعمالة لصالح العدو، وتزويده بالمعلومات عن مواقع الجيش السوري والمقاومة، فضلا عن تلقي المجموعات المسلحة السلاح والمال لتدمير سوريا.
اليوم وبعدما ثبت تورط المعارضين السوريين بالعمالة لـ”الموساد” الاسرائيلي، في اكثر من محطة، وان العدو يتعامل مع لبنان وسوريا كساحة واحدة في اختراقاته، يثبت مجددا بالمنظور العكسي، وبالمصداق العملي، اهمية النص النظري لاتفاق الطائف حول جوهر علاقة لبنان وسوريا، لجهة ان أمن لبنان من أمن سوريا وأمن سوريا من أمن لبنان، الا ان السؤال يبقى:”هل يجوز الا تتخذ الدولة اللبنانية اجراءات، تحد من اختراق العدو للساحة اللبنانية، بـ”لباس المعارضة السورية”، وتحت عناوين هيئات سياسية، ومنظمات حقوقية او اغاثية، او تحت ستار النازحين، وذلك من اجل حماية امنها القومي وتحصين ساحتها في الحرب الامنية المفتوحة مع العدو؟!”
برأي العميد المتقاعد امين حطيط، ان شبكات التجسس الاسرائيلي لم تعد كما كانت عليه في السابق منذ نشأة الكيان. بنظره تقوم الشبكات اليوم على ساقين، الاول التجنيد المباشر المعتاد، أما الثاني والجديد فهو “شبكات المعارضة السورية العاملة مع اسرائيل والتي تنخرط في المشروع الصهيواميركي”، والتي يصفها حطيط بأنها “اخطر من النوع الاول”.
يشرح حطيط مكامن خطورة الوجه المستجد للشبكات التجسسية “الاسرائيلية” بلباس سوري معارض، فيشير الى ان عنوان “المعارضة” الذي تعمل في ظله، يجعل البعض يحتضنها في الداخل اللبناني، وهي بدورها تستفيد من هذا الاحتضان، لتكون في مساحة آمنة بالعمل، ومرونة بالتحرك لصالح العدو، وسرعة بالوصول للاهداف.
اما نشاط الشبكات التجسسية – بحسب حطيط- فيتركز على تحقيق ثلاثة اهداف:
- التركيز على المقاومة وجمع المعلومات عنها وتوفير القدرات لتشكيل بنك الاهداف الاستراتيجي لاسرائيل لضربه في عدوان لاحق.
- تحشيد الشارع عبر الانخراط في الحرب الاعلامية والنفسية لتضييع الوحدة الوطنية وخلق شروخات في المجتمع، بما يجعل المقاومة مضطرة للاستدارة الى الداخل ويعرقل قدراتها على المواجهة.
- الضغط على المجتمع السياسي اللبناني عبر اختراقات امنية تمنع استقراره، وانخراطه بالموقع الاقليمي الذي تمكنه منه المقاومة بوجودها، كون لبنان المستقر قوة للمقاومة، اما لبنان المختل امنيا والغير مستقر يضعف المقاومة.
ويخلص حطيط الى أن نشاط الشبكات التجسسية لصالح “الموساد” بشكلها السابق كان ينحصر بمعظمه (80 %) بالهدف الاول، أي تشكيل بنك الاهداف ضد المقاومة، وضرب القيادة، أما الهدفان الثاني والثالث فلم يحتلا حيزا من نشاط هذه الشبكات، كما هو حال الشبكات الثانية المغطاة بلباس “المعارضة السورية”.
امام هذه الاختراقات المستجدة للساحة اللبنانية، يلفت العميد حطيط الى أن الحذر منها متوجب، والمسؤولية تجاهها مركبة، بين مسؤولية رسمية على عاتق الامن الرسمي، وشعبية على كافة الصعد، ويؤكد على ضرورة كف يد السياسيين عن الاجهزة الامنية التي تمتلك المهنية والاحتراف اللازم لكشف شبكات العدو، معتبرا ان بعض الجهات السياسية تمنح هؤلاء العملاء الحصانة تحت شعار مذهبي، مشيرا في هذا السياق، الى ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من صور تظهر استقبال أحد الزعماء السياسيين اللبنانيين للعميلة الموقوفة التي تبين انها عضو في شبكة جاسوسية، مشيرا الى ان مثل هذا الامر يعطيها مناعة للدخول الى اي مكان تريد.
ينبغي ان يتنبه الشعب على الرغم من كل ما يحصل بالعالم العربي من حريق الساحة اللبنانية الحاضنة للقطب المقاوم الرئيس الذي يقض مضجعه. الحذر متوجب من الفئات الشعبية والرسمية مسؤولية المتابعة والمواجهة من اجهزتها الشعب.