خطوة مهمة نحو تجريم الاستيطان: الأمم المتحدة تنشر لائحة بالشركات التي لها روابط تجارية مع المستوطنات في الضفة
خطا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان خطوة مهمة في طريق تجريم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال تحديده أكثر من مئة شركة عالمية لها روابط تجارية مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، الأمر الذي كان مثار ترحيب فلسطيني وعربي، مقابل استياء إسرائيلي كبير عبّر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير خارجيته.
فقد نشرت الأمم المتحدة الأربعاء قائمة بـ 112 شركة تمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية التي يعتبرها القانون الدولي غير قانونية، بينها شركات “اير بي إن بي” و”إكسبيديا” و”تريب آدفايزور”.
وتستند هذه الخطوة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2334 وهو قرار تبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016، وحث على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ونص القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967، وهو أول قرار يُمرر في مجلس الأمن متعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2009.
كما يأتي تلبية لقرار أصدره مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة العام 2016 وطلب فيه “قاعدة معلومات عن كل الشركات التي تمارس انشطة خاصة مرتبطة بالمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة”.
وبالرغم من أن اللائحة كان يفترض أن تصدر قبل أربع سنوات، إلا أن الضغوط الأميركية والإسرائيلية أجّلت إصدارها حتى هذا التاريخ.
وقد حاولت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه التخفيف من وقع إصدار اللائحة بالقول إن هذه القائمة “لا تشكل وليس في نيتها أن تشكل عملية قضائية أو شبه قضائية”، إلا أنها أضافت في بيان أصدرته: “أدرك أن هذا الموضوع كان ولا يزال موضع جدل”، مشددة على أن هذا التقرير “يستند إلى وقائع”.
وذكر التقرير الصادر في جنيف بعد تأجيل طويل أن 94 شركة من المؤسسات المعنية مقرها إسرائيل و18 في ست دول أخرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا ولوكسمبورج وهولندا وتايلاند وفرنسا.
واعتبر خبير القانون الدولي الفلسطيني حنا عيسى أن التقرير الدولي “يعبر عن جرائم حرب استنادا لنص المادة الثامنة الفقرة (ب) من نظام روما لسنة 1998.”
وأكد عيسى في بيان صدر عنه نقلته وكالة وفا الفلسطينية الرسمية أن جميع الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية غير قانونية وتشكل انتهاكات جسيمة للمادة 49 فقرة 6 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وبالتالي تشكل جرائم حرب كما هو منصوص عليه في المادة 85 فقرة 4 من البروتوكول الاضافي الاول لسنة 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1949 والمادة 8 فقرة (ب) من نظام روما لسنة 1998.
تأييد فلسطيني
في رد الفعل الرسمي الفلسطيني رحب رئيس الوزراء محمد اشتيه بإصدار “قائمة الشركات العاملة في المستوطنات المقامة على أراضي فلسطين، تنفيذا لقرار مجلس حقوق الإنسان ذي الصلة.”
وقال اشتية: “نشر سجل داعمي الاستيطان والمستثمرين فيه، خطوة باتجاه فضح الاستيطان وتعرية محاولات شرعنته، وتطبيق القرارات الدولية الرافضة له لا سيما قرار محكمة العدل الدولية القاضي بعدم شرعية المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية والقدس والجولان، وبضرورة اتخاذ موقف منها”.
وطالب اشتية الشركات بإغلاق مقارها وفروعها في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية والتي تخالف بوجودها القوانين الدولية والقرارات الأممية، على الفور.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: “سنلاحق الشركات التي ورد ذكرها في التقرير قانونيا عبر المؤسسات القانونية الدولية وعبر المحاكم في بلادها على مشاركتها بانتهاك حقوق الإنسان، وسنطالب بتعويضات بدل استخدامها أراضينا المحتلة بغير وجه حق، وعلى ممارستها نشاطا اقتصاديا في أراضينا بدون الخضوع للقوانين الفلسطينية والالتزام بالضرائب”.
وأضاف اشتية: “إن الحكومة الفلسطينية مستعدة لدراسة إمكانية نقل مصانع ومقار هذه الشركات إلى المدن والقرى الفلسطينية، إن رغبت إداراتها بتصويب أوضاعها”.
كذلك رحب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، بإصدار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قاعدة بيانات الأمم المتحدة المتعلقة بعمل الشركات المتواطئة في الإستيطان والإحتلال.
ووصف عريقات، في بيان صحفي، هذه الخطوة بالإنتصار للحق الفلسطيني وللقانون الدولي في الوقت الذي يعتزم فيه نتنياهو ضم المستوطنات بالتنسيق مع إدارة ترمب، في محاولة لتدمير الشرعية الدولية وخلق نظام دولي جديد يستند إلى سيطرة القوة والأحادية.
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي باسم القيادة الفلسطينية، فقد أعربت عن شكرها لمجلس حقوق الإنسان والمفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، التي أصدرت قائمة الشركات العاملة في المستوطنات غير الشرعية في أرض دولة فلسطين المحتلة، تنفيذا للولاية التي أنيطت بها، وتنفيذا لقرار مجلس حقوق الإنسان ذو الصلة.
ولفتت عشراوي في بيان صدر عنها إلى أن إصدار القائمة سيساهم في إنهاء تورط هذه الشركات بالمنظومة الاستعمارية باعتبارها ملزمة قانونيا بوقف أنشطتها، وسيمنع الشركات الأخرى في العالم من العمل في المستوطنات كونها ستصبح متواطئة في الجريمة، وبالتالي تكون عرضة للملاحقة والمساءلة القضائية.
ترحيب عربي
وكما رد الفعل الفلسطيني، جاء رد الفعل العربي مرحباً بالخطوة، وأكد الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة سعيد أبو علي في تصريح خاص لـ”وفا”، مساء الأربعاء، أهمية التزام تلك الشركات بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والتوقف الفوري عن العمل والتعاون مع المستوطنات الاستعمارية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وطالب الأمين العام المساعد، دول العالم بتعزيز وتوسيع نطاق حظر منتجات المستوطنات، إضافة إلى العمل على حظر منتجات وسلع المستوطنات الإسرائيلية كونها مخالفة للقانون الدولي.
واعتبر أبو علي هذه الخطوة بالهامة لإسهامها في حماية حقوق الإنسان الفلسطيني من جرائم الاحتلال وخاصة الاستيطان غير الشرعي، داعيا أعضاء المجتمع الدولي إلى تعزيز آليات المحاسبة والمساءلة لسلطة الاحتلال وتذكيرهم بالتزاماتهم تجاه إنفاذ القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
.. وسخط إسرائيلي
بالمقابل، أثار نشر اللائحة حالة سخط كبيرة عند الجانب الإسرائيلي.
ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التقرير ووصفه بأنه نتاج عمل ”هيئة متحيزة وغير مؤثرة“.
وقال نتنياهو ”بدلا من التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، يحاول هذا المجلس تشويه سمعة إسرائيل. نرفض بأشد العبارات وباشمئزاز أي محاولة من هذا القبيل“.
أما وزير الخارجية إسرائيل كاتز فقال في بيانله عن التقرير “إنه استسلام مخجل للدول والمنظمات التي مارست ضغوطا من أجل الإضرار بإسرائيل”، مشيراً إلى أن العديد من الدول أعربت عن قلقها بشأن القائمة.
وقال مسؤولون إسرائيليون أن القائمة ستستخدم لتبرير مقاطعة واسعة النطاق لعمل القطاع الخاص في إسرائيل.