خطط روسية بديلة في حال صعّدت واشنطن وانقلبت أنقرة
اجتماع ما تُسمى بمجموعة أصدقاء سوريا كانت منصة لإطلاق تطمينات حول عدم وجود وفاق أميركي ـ روسي بشأن سوريا، فرحت الأنظمة الخليجية (السعودية وقطر والبحرين) وهلّلت بعض الدول الغربية التي توجّست من وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
اللافت هو تزامن تلك التطمينات مع الاتصالات الأميركية ـ الخليجية الأخيرة، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى كل من السعودية وقطر والبحرين، الأنظمة الأخيرة كانت تراهن على وصول هيلاري كلينتون وتخاف من سيناريو أسود في حال وصل ترامب، لكن على ما يبدو فإن اللوبي الصهيوني الذي يقيم علاقات ممتازة مع ترامب قد أدى عمله بشكل جيد، فترامب هذا أوعز لإدارته بأنه من الممكن للأنظمة الخليجية أن تتحالف مع الكيان الصهيوني ضد ما أسموه بالخطر الإيراني، وهو القاسم المشترك الذي يجمع بين الدول الخليجية والكيان الإسرائيلي المصطنع.
بالعودة إلى اجتماع “أصدقاء سوريا”، فقد عمدت الصحف الخليجية لا سيما السعودية والكويتية، ومعها الصحف الأردنية إلى تكثيف تركيزها على التطمينات التي أطلقتها واشنطن للخليجيين والحلفاء الغربيين بعدم وجد اتفاق مع موسكو بشأن سوريا، وأنها لن تتعاون وتنسق مع الروس طالما أن الأخيرين يعتبرون جميع ميليشيات المعارضة جماعات إرهابية.
حول هذا الموضوع تفيد المصادر الدبلوماسية الروسية من دمشق بأن موسكو لا توفر جهداً للتعاون مع أي جهة سواء كانت عالمية أو إقليمية من أجل حل سياسي في سوريا، لكن هذا لايعني بأن روسيا لا تمتلك سيناريوهات عدة تتناسب وأية مفاجآت سياسية.
وتضيف المصادر، ان واحدة من التطورات السياسية السريعة وغير المتوقعة بحسب تصريحات سابقة لترامب هو تقاربه مع الخليجيين، وإطلاقه إشارات غزل باتجاه تركيا من خلال منحها دوراً محورياً في معركة الشمال السوري، وهنا عمدت واشنطن إلى تطمين أنقرة بأنها غير متحمسة لإشراك المقاتلين الأكراد في معركة الرقة والمناطق القريبة من الباب التي يسيطر عليها ارهابيو داعش.
وإذ أوضحت المصادر أن كلام واشنطن حول عدم نيتها تطوير التنسيق والتعاون مع موسكو بالشأن السوري إلا في حال اعترفت روسيا بالميليشيات المسلحة كجماعات معتدلة لا إرهابية، يعكس التوجه القادم لإدارة ترامب والذي يتمثل بتبني جماعات محددة بعد استبعاد الأكراد منها، ومنح أنقرة توكيلاً إقليمياً من قوة كبرى في قيادة معركة الشمال هذا على الجبهة السورية، أما على الجبهة السياسية والدبلوماسية فستعمل واشنطن مع المعسكر الخليجي لمعركة الموضوع النووي الإيراني وفرض حظر جديد على طهران ومطالبتها في مجلس الأمن بقرار ملزم لسحب تدخلها في سوريا، وهنا تظهر براغماتية ترامب الذي أرضى تركيا بفكرة المناطق العازلة واستبعاد الأكراد، إضافةً إلى إعطاء الخليجيين ما يريدونه فيما يتعلق بإيران.
إذاً موسكو لن تتخلى عن حليفتيها في دمشق وطهران، وهي على الرغم من مرونتها الكبيرة سياسياً ودبلوماسياً إلا أنها مستمرة في مشاركتها لسوريا وإيران الحرب على الإرهاب، ومن الخطط الروسية البديلة هي شن ضربات قاضية على جماعات تعتبرها واشنطن معتدلة في حال قام ترامب بخلط الأوراق وتعقيد المشهد وانقلاب تركيا على موسكو.