خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في احتفال الانتصار في عيتا الشعب 16-8-2013 (كاملاً)
السيد حسن نصرالله:لم يعد مسموحاً لأي جندي إسرائيلي تحت أي عنوان من العناوين أو تساهل من التساهلات أو تسامح من المسامحات أن يخطو خطوة واحدة ليدنّس أرضنا اللبنانية التي طهرت بدماء شهدائنا، هذه الأقدام ستقطع مع الرقاب.
إذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الإرهابيين التكفيرين أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا، سنذهب إلى سوريا، وسنذهب إلى سوريا كما ذهبنا من أجل سوريا وشعبها، من أجل لبنان وشعب لبنان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجين وجميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
بالبداية، أتوجه إليكم، إلى هذا الحضور الكبير والكريم، بالشكر الجزيل على حضوركم في مثل هذه الأجواء وهذه الظروف، وخصوصاً إلى هذه البلدة الحدودية الملاصقة للشريط الشائك، إلى جانب الكيان الغاصب المحتل لأرض فلسطين العزيزة.
أشكر لكم هذا الحضور، وأتوجه إليكم بكل التحايا، ولا بد في البداية أيضاً من أن نستحضر ما جرى بالأمس، ونتوجه بالدعاء، بطلب الرحمة وعلو الدرجات للشهداء المظلومين الذين قضوا في التفجير الإرهابي في الضاحية الجنوبية، وأن أتوجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بالشفاء العاجل لكل جرحى هذا الإعتداء الإرهابي الكبير والخطير، والتعزية والتعبير عن أسمى مشاعر المواساة لعوائل الشهداء وعائلات الجرحى ولكل من أصيب جسدياً ونفسياً وروحياً ومادياً يوم أمس في هذا العدوان، كما يجب أن أقدّر عالياً بخشوع وخضوع واحترام أمام صبر الناس، أمام أهل الضاحية وصبرهم وتحمّلهم للمسؤولية ووعيهم الكبير وسلوكهم المنضبط والحضاري. ونتوجه بالشكر أيضاً إلى كل من تضامن وأدان وعبّر عن مشاعره اتجاه هذه الحادثة الأليمة من رؤساء ووزراء وقادة دينيين وسياسيين ونواب وأحزاب وجماعات وأشخاص ووسائل إعلام ودول وحكومات، ويجب أن ندين أيضاَ صمت الدول الساكتة والتي قد تكشف الأيام أنها داعمة للإرهاب والقتل والجريمة التي تجري في كل منطقتنا.
كلامي اليوم في مقطعين، الأول يرتبط بمناسبة الذكرى السنوية لهذه الحرب، حرب تموز، سموها ما شئتم : حرب الوعد الصادق حرب لبنان الثانية كما أسماها العدو، والمقطع الثاني أود أن أتحدث فيه عن الأوضاع الداخلية، انطلاقاً من المجزرة الإرهابية التي ارتكبت بحق أهلنا في الضاحية يوم أمس، وما سبقها من اعتداءات صاروخية وتفجيرية، خصوصا في المقطع الثاني وأنا أخاطبكم أنتم مباشرة ولكن أخاطب من خلالكم كل الذين يستمعون الآن ويتابعون في مختلف المناطق والبلدان. اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح وبهدوء وبمسوؤلية وبشفافيّة، وأن أسمّي الأشياء بأسمائها، وأن أرسم خارطة طريق لنتعاون معاً من أجل تعطيل هذا المشروع الإرهابي التدميري الفتنوي.
هذه السنة أحببنا أن نحيي هذه الذكرى في بلدة عيتا، الملاصقة الواقعة على الشريط الشائك، على الحدود المطلة على فلسطين المحتلة، والتي هواها هواء فلسطين ونسماتها نسمات فلسطين، ومن حيث أنتم تشمّون عبق رائحة فلسطين المحتلة، بما لانتخاب هذا المكان من دلالة، أنتم الآن الرجال والنساء والكبار والصغار والشخصيات السياسية والدينية والعسكرية والأمنية الذين تحتشدون في هذا المكان، أنتم على مرمى حجر من العدو، هذا الإحتشاد بعد 65 سنة من قيام الكيان الغاصب له معانٍ ودلالات كبيرة جيداً تعرفونها ويعرفها كل من يشاهد هذا المنبر.
أحببنا أن نجتمع اليوم، ونُحيي الذكرى في عيتا كرمز، عيتا ككل بلداتنا وقرانا وأحيائنا ومدننا في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وبقية المناطق اللبنانية،هي رمز لكل هؤلاء، رمز بأهلها الطيبين الصامدين، المتمسكين بأرضهم، ومقاوميها الأبطال الشجعان، وشهدائها الأحياء عند ربهم، وجرحاها الصابرين، وأسراها المحررين، هي رمز لكل البلدات التي قاتلت ثلاثة وثلاثين يوماً، وصمدت ولم تنهزم. عيتا هي رمز لهذا الثبات ولهذه الشجاعة ولهذا الإصرار، بل هي عنوانٌ للقتال من موقع البصيرة، وللقتال والتضحية من موقع العشق. ما جرى في عيتا خلال ثلاثة وثلاثين يوماً كان من حيث قيمته المعنوية ما فوق التكليف، وما فوق الواجب الوطني أو الواجب القومي أو الواجب الديني، ما فوق التكليف وما فوق القانون، كان يُعبّر عن القيمة الإنسانية والأخلاقية لهذه المقاومة ولشعب هذه المقاومة ولأرض هذه المقاومة، ولذلك أقول إن خلفية هذا الصمود وهذا القتال كانت المعرفة والعشق. وأنا لا أنسى في تلك الأيام عندما دُمرت أغلب بيوتها، وكانت تتعرض لقصف وحشي من قبل سلاح الجو والمدفعية الإسرائيلية، والهجمات المتكررة من قبل الدبابات الإسرائيلية، وكانت في خطر شديد، وكان مقاتلوها ومعهم بعض أهلها في خطر شديد أن يُقتلوا جميعاً، وقلنا لهم، أنا أرسلت لهم، عبر الإخوة المسؤولين المباشرين: أنتم لستم ملزمين أن تبقوا في عيتا، ولستم مجبرين أن تبقوا في قرية على الحدود، لن يلومكم أحد، وهذا لا يتناقض مع إستراتيجيتنا التي ما قامت على التمسك بالجغرافيا، وإنما على قتال حرب العصابات، التي تريد أن تُلحق أكبر قدر من الخسائر بالعدو. ولكنهم هم ، هؤلاء المقاومون الشجعان الأبطال، هم الذين قرروا أن يبقوا في القرية الحدودية عند الحدود، ويُقاتلوا حتى آخر طلقة وآخر قذيفة وآخر قطرة دم وآخر نَفَس ليقدّموا رسالة إلى اللبنانيين ولكل العالم، عن الهوية المعنوية والقيمية الحقيقية لهذه المقاومة ولهذا الشعب. وأنا عندما أتذكر هذا الموقف يحضرني أصحاب الحسين (عليه السلام) ليلة العاشر من المحرم، عندما قال لهم:”ألا إن هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل واحد منكم رجلاً من أهل بيتي ودعوني وهؤلاء القوم”، مع أن المقاومة لم تقل للمقاتلين في عيتا إذهبوا فهذا الليل قد غشيكم، طلبت منهم أن ينتقلوا إلى موقع قتال آخر، ولكنهم أصروا أن يبقوا في الموقع الأمامي، وكأني بأرواحهم وقلوبهم وأجسادهم وخلاياهم والدم الذي كان يجري في عروقهم في كل ساعات الثلاثة وثلاثين يوماً في عيتا الشعب، كان نداءهم في الليل والنهار لبيك يا حسين. عيتا هي رمزٌ للقرية التي عاد أهلها كما عاد كل الأهلين عند أول ساعة من وقف إطلاق النار، عادوا إلى بيوتهم المهدمة، وافترشوا حصرهم، ونصبوا خيمهم، وسكنوا بين الدمار، وأصروا على البقاء في أرضهم، وأعادوا إعمار بيوتهم وزرع حقولهم، وأعادوا الحياة الكريمة التي قدمها لهم الشهداء الأعزاء من أبنائهم، عيتا اليوم هي البلدة الجميلة والوفية والشامخة ككل بلداتنا الجميلة والوفية والشامخة، وهي هذا وأكثر.
أيها الإخوة والأخوات، كان إنتصاركم التاريخي في 25 آيار 2000 كما قلنا قبل أيام وفي أكثر من مناسبة، كان إنهاءً وإجهازاً على مشروع إسرائيل الكبرى، لأن إسرائيل وجيشها الذي لا يستطيع أن يبقى في لبنان الدولة العربية الأضعف، الأضعف بلا نقاش في ظاهر الحال، لا يستطيع أن يُقيم دولة من النيل إلى الفرات، وكان إنتصاركم التاريخي في 14 آب 2006 إنهاءً وإجهازاً على مشروع إسرائيل العظمى، التي كانت تريد أن تفرض نفسها كقوة مقتدرة ومتكبرة ومهيمنة، تفرض شروطها على الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين وكل العرب وكل شعوب المنطقة أو على إيران، وأن تكون قوة مخيفة ومرعبة ترتجف عند ذكر جيشها أو إسمها القلوب والأعصاب. هذا سقط في 14 آب 2006، أنتم الذين تحتشدون في عيتا اليوم تُثبتون أن هذا سقط، إسرائيل هذه خرجت من حرب تموز بإعتراف زعمائها وجنرالاتها وشعبها خاسرةً وفاشلةً وضعيفةً ومهزومةً، وما زالت تُعالج جراحها حتى اليوم، بالتدريب والمناورات والتخطيط و.. و..، لكن في محصلة هذين الإنتصارين الكبيرين، هناك نتيجتان إستراتيجيتان للبنان ولشعوب وحكومات المنطقة: النتيجة الأولى من الإنتصار الأول، أن المقاومة الشعبية والمنظمة والمسلّحة والمحتضنة من شعبها وأهلها، هي قادرةٌ على فعل التحرير، ولا نريد أن نتكلم نظريات فلسفية، والدليل 25 آيار 2000 وما حصل في قطاع غزة لاحقاً، فهذه هي نتيجة إستراتيجية على المستوى الفكري وعلى مستوى الخيارات وعلى مستوى الرؤية وعلى مستوى الفعل، وأما النتيجة الثانية المترتبة عن الإنتصار الثاني ـ لأنه قد يقول البعض نعم المقاومة الشعبية هي قوة تحرير لأنها تعتمد حرب العصابات والنفس الطويل وإستنزاف العدو وإستخدام الزمن وتنوع التكتيكات وعدم قدرة العدو على الإحتمال لوقت طويل فتفرض عليه أن ينسحب، ولكن المقاومة الشعبية لا تستطيع أن تكون قوة دفاع، أمام هجمة عسكرية شرسة وقوية ومتعددة الأبعاد والمستويات ـ حرب تموز وتجربة هذه الحرب أيضاً قالت بوضوح إن المقاومة الشعبية المنظمة والمحتضنة من شعبها، هي قادرة أن تكون قوة دفاع حقيقية في الزمن الذي لا يملك فيه البلد المعتدى عليه الإمكانيات العسكرية والتكنولوجيةوالعدة والعديد والعتاد الذي يملكه العدو المُهاجم، والدليل ما حصل في حرب تموز.
وقدّمت حرب تموز مدرسة كاملة تدرّس الآن في مراكز الدراسات في العالم منذ ذلك الوقت، وتدرّس أيضا في أكاديميات العالم العسكرية، وإن كان البعض هنا يراهن على التخلص من هذه المدرسة أو التخلي عنها.
إننا اليوم نؤكد التزامنا بهذه المدرسة وبهذا الطريق، طريق المقاومة لتحرير ما تبقى من أرضنا المحتلة وللدفاع عن شعبنا وأهلنا وقرانا ووطننا لبنان وسيادته وأرضه ومياهه وخيراته ومقدّراته ونؤكد إيماننا القاطع واعتقادنا الجازم الذي أثبتته تجارب السنوات الطويلة وعلى مدى 65 سنة، لأن ما نحن فيه الآن هو حصيلة كل هذه التجارب التي عاشتها حكومات المنطقة وشعوب المنطقة وجيوش المنطقة وأحزاب المنطقة وفصائل وحركات المقاومة في المنطقة، نصل إلى القناعة الجازمة بأن أغلى ما يملكه لبنان الآن وأفضل ما يملكه لبنان الآن وأقوى ما يملكه لبنان الآن هو المعادلة الذهبية التي تقول: الجيش والشعب والمقاومة.
هذا نؤكد عليه اليوم، ونقول للعدو وللصديق: نحن باقون هنا، عند الحدود وفي القرى الحدودية، فضلاً عن الأعماق، في المناطق الخلفية، باقون هنا، نزرع حقولنا بأيدينا عند الحدود، نبني بيوتنا، ليس عند الحدود فقط، بل عند الشريط الشائك، بالإذن من اليونيفيل وبالإذن من غير اليونيفيل، عند الشريط الشائك نريد أن نبني بيوتنا، وبنيتم بيوتكم، وسوف نحفظ مياه أنهارنا، ولو غارت في الأرض أو ضاعت في البحر، لكن لن نسمح أن تُسرق من العدو وسنستخرج ـ طبعاً دولتنا يجب أن تستخرج نفطها وغازها ـ من بحرنا وعند حدودنا البحرية مع فلسطين المحتلة، والإسرائيلي لن يستطيع أن يفعل معنا شيئاً، واليوم أقول لكم أكثر من ذلك، مع رسالة الكمين النوعي والعملية النوعية في اللبونة، اليوم أيضاً أجدّد ما قلته قبل أيام: لم يعد مسموحاً لأي جندي إسرائيلي تحت أي عنوان من العناوين أو تساهل من التساهلات أو تسامح من المسامحات أن يخطو خطوة واحدة ليدنّس أرضنا اللبنانية التي طهرت بدماء شهدائنا، هذه الأقدام ستقطع مع الرقاب.
نحن لن نتسامح بالدفاع عن قرانا وعن أرضنا وعن أهلنا وأقول للإسرائيليين: إن زمن السياحة العسكرية الإسرائيلية على الحدود اللبنانية وداخل الأراضي اللبنانية، هذا الزمن انتهى بلا عودة وبلا رجعة.
ولأؤكد لكم أيها الإخوة والأخوات إن مقاومتكم اليوم، وبعد سبع سنوات من إنتصار حرب تموز، وبالرغم من كل ما جرى خلال هذه السنوات القاسية، أؤكد لكم ـ ليس من موقع المجاملة ولا من موقع رفع المعنويات وإنما بالأرقام والإحصائيات والمعلومات الدقيقة ـ إن مقاومتكم هذه اليوم هي أقوى من أي زمن مضى، وهي أكثر عدّة من أي زمن مضى، وهي أوفر عديداً من أي زمن مضى، وهي أصلب إرادة وعزما من أي زمن مضى.
انتقل إلى المقطع الثاني، وسنتحدث بهدوء حتى نحمل مع بعضنا المسؤولية، أن يستهدف هذا الجمهور، هؤلاء الناس، هذه البيئة، هؤلاء الأطفال والنساء والرجال والشيوخ وأصحاب المحلات والدكاكين في الضاحية أو في غير الضاحية، هذا ليس أمراً جديداً مع العدو، كان دائماً ـ أي عدو وطبعاً التجربة الإسرائيلية ـ كان دائماً عندما يفشل في مواجهة المقاومين يلجأ إلى ضرب الناس، جمهور المقاومة، شعب المقاومة، حاضنة المقاومة، حتى الناس الذين ربما لا يكونون مع المقاومة، لكن “خلص” هم موجودون في هذا البلد، في هذه المناطق، وتاريخ الحروب الإسرائيلية والمجازر الإسرائيلية، قانا الأولى، قانا الثانية، وما جرى قبل ذلك، وبعد ذلك في سحمر والنبطية الفوقا في حولا في البدايات، في كثير من البلدات، في الضاحية، في الشياح، في بعلبك، في النبي شيث، في علي النهري، في كثير من الأماكن، خلال حرب تموز، الشاهد واضح.
طبعاً، العدو يتصرف بهذه المسألة، لأن هذه نقطة ضعفنا، هنا نتوجع، هذا يؤلمنا فيضغط علينا هنا، عندما يفشل في مواجهتنا عسكرياً. هذه نقطة ضعف لكن هي نقطة إعتزاز، لأن هذه على ماذا تدل؟ تدل على أن العلاقة بين المقاومة، بين قادة المقاومة ورجال المقاومة، وبين الناس هي علاقة عاطفية وإنسانية وأخلاقية وروحية ومعنوية وأنهم واحد.
هذه المقاومة في لبنان لم تتصرف في يوم من الأيام أنها قادمة مثلاً من أدغال أفريقيا أو مستوردة ـ مثل بعض المقاتلين في هذه الأيام ـ مستوردة من أماكن أخرى في العالم، وبالتالي ماذا يحصل، ماذا يجري للناس هو لا يعنيها أبداً، ولذلك في طوال عشرات السنوات من أداء وسلوك المقاومة كانت حريصة، وهذا أحد أسباب إلتفاف الناس حول المقاومة، ما كانت تعمل بعمل عسكري ومقاوم بمعزل عن حساب ردات الفعل وحماية الناس والمدنيين، إلى أن جاء تفاهم نيسان الذي استطاع بدرجة كبيرة جداً أن يفرض معادلة حماية الناس خصوصاً في الجنوب في مقابل المستوطنات والمستعمرات الإسرائيلية.
إذاً، عندما يكون هناك مقاومة وناس تبادلها المشاعر، تفرح لفرحهم، تحزن لحزنهم، تتألم لألمهم، يسعدها ما يسعدهم، هذه نقطة قوة من زاوية، وهي نقطة ضعف يستغلها العدو. من ناحية أخرى يمكن أن يكون هناك جهات لا يعنيها الناس، المهم الزعيم بخير، عائلته الخاصة بخير، بقية الناس ما هي الأكلاف التي تتحملها قد لا يعنيها هذا الأمر شيئاً.
ما جرى بالأمس أيها الإخوة والأخوات في الضاحية الجنوبية كان استهدافاً للناس، لم يكن عملية اغتيال، لم يكن هناك كادر أو قيادي في حزب الله هو المستهدف، لم يكن هناك مركز أو مقر أو مؤسسة لحزب الله هي المستهدفة، وإنما من ارتكب هذه المجزرة أمس في الضاحية الجنوبية كان يريد عامداً متعمداً قاصداً عالماً عارفاً أن يلحق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف النساء والأطفال والناس المدنيين، هذا كان الهدف.
طبعاً، ما قيل حتى الآن في بعض وسائل الإعلام إن العبوة 50 كيلو، 60 كيلو، هي أكثر من هذا بكثير، لاحقاً الإخوة إن شاء الله يعلنون عن الأرقام الحقيقية، أكثر من مئة كيلو، وفي هذا المكان بالتحديد، كما كان الحال في المتفجرة السابقة في بئر العبد، والتي كانت تريد أيضاً أن تقتل وأن وأن وأن… وكان الهدف هو قتل الناس وليس اغتيال قيادي أو كادر أو استهداف مركز أو ما شاكل.
على كلٍّ، هذه المجزرة تأتي في سياق هذه المعركة الكبيرة المفتوحة منذ عشرات السنين، قبل حزب الله ومع حزب الله، طالما هذا الصراع موجود، هذه من أدوات وتفاصيل هذه المعركة، ما دام هناك فريق يقاوم ويرفض الاستسلام للإرادة الدولية وللإرادة الصهيونية، وما دام هناك بيئة حاضنة لهذا الفريق، الفريق وبيئته الحاضنة من الطبيعي أنهم يتحمّلون التبعات والتضحيات، وهذا ليس بالجديد.
نحن نحتاج الآن لوقفة وتفصيل كي نحدّد المسؤوليات، وكما قلنا خارطة طريق، لأنه اليوم لا نود الوقوف على الإطلال، ولا في أي يوم نحن تعوّدنا أن نقف على الأطلال، نحن نرفع شهداءنا على الأكتاف، ندفنهم باعتزاز وبألم، خصوصاً هؤلاء الشهداء، خصوصاً هؤلاء الشهداء، ونداوي جرحنا ونعمّر بيوتنا، ونحن سنكون ـ الدولة طبعاً مسؤولياتها أن تكون إلى جانب المتضررينـ لكن نحن أيضاً سنكون إلى جانبهم ولن نتركهم، هذا ما نفعله ولكن علينا ان نمضي في مواجهة ما هو آت. ليست هذه بداية الدنيا ولا هذه نهاية الدنيا ولا بداية المعركة ولا نهاية المعركة، هي حلقة في هذا الطريق الطويل، خلال الأشهر والأسابيع الماضية في البقاع سقطت صواريخ على الهرمل وبعض قرى الهرمل وعلى سرعين والنبي شيث، أو في جوار النبي شيث، وعلى مدينة بعلبك، كان معروفاً من الذي أطلق الصواريخ، لأن الصواريخ أُطلقت من داخل الأراضي السورية، إذاً، ما يسمى بالجماعات، جماعات المعارضة السورية المسلحة، الجماعات المسلحة هي التي أطلقت الصواريخ، هنا الفاعل معروف، وليس هناك داعٍ أن نفتش وأن نجمع معلومات وأن نحلل ونضع فرضيات، الفاعل معروف.
حصلت أمور أخرى، حصلت تفجيرات على طريق الهرمل، على الطريق العام، أصابت مدنيين وأصابت أيضاً قوة من الجيش اللبناني، حصل تفجير على طريق مجدل عنجر، حصل تفجير على طريق زحلة، أطلقت صواريخ على الضاحية الجنوبية، إلى أن بتاريخ 9-7 كانت المتفجرة في بئر العبد، بعدها الصواريخ التي أطلقت من داخل بعض المناطق في ضواحي بيروت الشرقية باتجاه الجبل، وقبل الأخير صواريخ باتجاه منطقة اليرزة ـ بعبدا، والخاتمة كانت أمس، في المجزرة الرهيبة التي ارتُكبت في الضاحية الجنوبية .
الآن دعوني أتكلم عن ما قبل التفجير أمس.
حسناً، نحن كيف تصرفنا؟ العبوات كانت تستهدفنا، على طريق الهرمل، على طريق مجدل عنجر، على طريق الزحلة. الصواريخ التي قصفت الضاحية كانت تستهدفنا، الصواريخ الأخرى التي قيل إنها سقطت في الجبل ليس معروفاً بعد إن كان المقصود بها الضاحية أو لا. الإنفجار الكبير الذي حصل في 9-7 وأدى إلى جرح 50 وكان ممكن أن يؤدي إلى مجزرة رهيبة، أيضاً واضح انه يستهدف ناسنا ومنطقتنا وبيئتنا.
نحن ماذا فعلنا؟ أريد أن أقول ماذا فعلنا لنؤسس عليه. أولاً، لم نقم بأي رد فعل متسرع. تعرفون في لبنان، يحصل حادث في أي مكان، ترى الناس قد نزلت وبدأت بقطع الطرقات، طرقات عامة، طرقات دولية، واعتدت على السيارات وكسّرت وسألت عن هويات وضربت وآذت، إلى آخره… لم نقم بأي رد فعل، وهنا يجب التنويه بالناس، ببصيرتهم، بوعيهم، هذا الذي سأؤكد عليه بخارطة الطريق بعد قليل.
حسناً، ثانياً، لم نتهم أحداً، لم نتهم أحداً، وأنا في ذلك الوقت طلبت من الأخوة، أنه يا أخوان، ليس هناك داعٍ أن “نعمل تصريحات و لا شيء”، حتى أنا الآن لم أتكلم بموضوع بئر العبد أو بموضوع التفجيرات أو بموضوع الصواريخ على الضاحية، وأتينا وعملنا علمياً كما كنا نطالب من يُعتدى عليه بعملية إغتيال أو تفجير أو يتعرض لأي حادث. ماذا كنا نقول لهم؟ لماذا توجهون إتهامات؟ تكون الحادثة “بعدها بأرضها” ترى الإتهامت قد صدرت، ليس فقط إتهامات، إتهامات وإدانات وأحكام ومطلوب العالم أن تذهب إلى السجون، مثل ما يحصل دائماً. حتى في متفجرة بئر العبد، قيل كلام ولو خجول، في متفجرة 9-7، قيل كلام من بعض الأوساط اللبنانية للأسف، ولو خجول، إن هذه السيارة وضعها حزب الله، حتى يأخذها ذريعة لأنه يريد أن يقوم بأحداث وأعمال ويريد أن يقلب الطاولة في البلد. يعني، أكثر من هكذا إفتراء وظلم، واللهِ، ” يعني عم نحلف يمين ونحن الآن لسنا محتاجين أن نحلف يمين”، لن تجدوا أحداً يحب هؤلاء الناس، ويعشق هؤلاء الناس، ويتألم لهؤلاء الناس، ويتواضع لهؤلاء الناس، ويقبّل التراب تحت أقدام هؤلاء الناس مثل حزب الله وقيادة حزب الله. ثم يأتي بعض السفهاء السفلة، ليقولوا في تصريحات أو مقابلات أو مواقع أنترنت إن المتفجرة في 9-7 في بئر العبد، هذه من حزب الله، هو قام بذلك، والدليل أنه لم يمت أحد، أنتم تعملون هذا، أجهزة المخابرات التي أنتم تعملون معها هي التي تعمل هذا، حزب الله لا يعمل هكذا، والذي مثل حزب الله لا يعمل هكذا.
حسناً، جئنا وضعنا إحتمالات، أنه يا أخوان، كما نطالب الآخرين نحن يجب أن نعمل، سوف نضع فرضيات، تعالوا لنرى، من الذي وضع هذه السيارة في بئر العبد ـ مركز التعاون الإسلامي؟ من الذي ضرب علينا صواريخ؟ من الذي وضع لنا العبوات على طريق الهرمل وعلى طريق مجدل عنجر؟
يوجد فرضيات . طبعاً، الأجهزة الأمنية، خصوصاً مديرية المخابرات التي بذلت جهود خاصة تشكر عليها، هم كانوا يعملون على نفس الملفات، ونحن كنا نعمل على نفس الملفات بعد ذلك قاطعنا هذه المعطيات وهذه المعلومات.
حسناً، نحن، جاء إخواننا لكي نضع فرضيات. الفرضية الأولى إسرائيل، يوجد ثأر كبير بيننا وبين إسرائيل، يوجد معركة مفتوحة بيننا وبين إسرائيل، فالفرضية الأولى والمنطقية خصوصاً عند حزب الله، وحسب عقليته ومنهجيته يضع أول شيئ إسرائيل. حسناً، تعالوا لنفتش، عملاء إسرائيل، الآن لا أريد أن أقول نحن كيف نفتش، أنه ما هي الإشارات التي تجعل هذا الإحتمال قوياً أو ضعيفاً؟ عملنا على المؤشرات، “ما مبين معنا” لكن تبقى كفرضية، لا نستطيع نفيها وليس لدينا شيئ يثبتها.
الفرضية الثانية، هي الجماعات التكفيرية التي أعلنت في مناسبات كثيرة، وليس بعد دخول حزب الله إلى القصير، بل من الأيام الأولى للصراع في سوريا، أعلنت حربها، أنها هي آتية لنا وستقاتلكم وستدفعكم الثمن وانتم ماجوس وأنتم فرس وأنتم وأنتم… حسناً، هذه الفرضية الثانية، لنفتش في هذه الفرضية، أيضاً، المؤشرات ، المعطيات، دعونا نذهب ونجمع، بوسائل الجمع المختلفة.
يوجد فرضية ثالثة، أن تكون جهة أخرى دخلت على الخط، تعتبر أنه يوجد معركة بيننا وبين إسرائيل، يوجد تهديد من قبل الجماعات التكفيرية لنا، فمن الممكن طرف ثالث دخل على الخط حتى يعمل على تصعيد الجو مع الإسرائيلي أو إلى فتنة وقتال داخلي وصراع داخلي على أساس مذهبي أو طائفي. حسناً، هذه أيضاً فرضية، بمعزل من هي هذه الجهة الثالثة التي من الممكن أن تكون ألف، باء، تاء، إلى آخره.
ولم نسارع إلى توجيه أي إتهام إلى اليوم.
أنا اليوم أريد أن أتهم، أنا اليوم أريد أن أتهم، لكن حتى الأمس نحن لم نتهم أحد، يعني بعد أكثر من ثلاثين يوماً على متفجرة بئر العبد، وأكثر على الصواريخ وأكثر على العبوات بالطرقات، لأنه نحن جمعنا معطياتنا، وبعد ذلك، ومن الإنصاف أيضاً، أن مديرية المخابرات اعتقلت أشخاصاً، ليس بناءً على معطيات نحن قدمناها، هي ذهبت، بناءً على معطياتها، اعتقلت أشخاصاً وحققت معهم، واعترفوا بمعطيات قاطعناها مع معطياتنا، وصلت لصورة واضحة.
بكل وضوح أقول لكم اليوم، لنبدأ بالتدرج، إن من وضع العبوتين على طريق الهرمل بات معروفاً بالأسماء، وأحدهم معتقل، وهذا طبعاً، يعني بعض ما سأذكره الآن، قيل في بيان صدر اليوم عن معالي وزير الدفاع الوطني، وأنا أشكر وزير الدفاع على هذا البيان وعلى هذا التوضيح الذي يعبر عن شجاعة ومسؤولية وطنية كبيرة وإحساس كبير بالمسؤولية وجرأة. المفترض أن الناس قد سمعوا البيان جيداً، والذي لم يسمعه فليسمعه ويقرأه ويدقق فيه.
أحد أفراد المجموعة التي وضعت العبوتين على طريق الهرمل أعتقل لدى مخابرات الجيش، واعترف على بقية المجموعة بالإسم، واعترف أيضاً، وهذا ما ذكره اليوم أيضاً بيان وزير الدفاع، عن الأشخاص، وهو واحد منهم، الذين قتلوا الشباب الأربعة في جرود المنطقة هناك، يعني الشهيدان المظلومان من آل جعفر والشهيد المظلوم من آل أمهز، والشهيد الرابع، التركي الجنسية، الذي هو على كل حال من أهلنا، “نحن أهل واحد”. هؤلاء الشباب الأربعة، الآن أصبح قاتلهم معروفاً، وهنا بين هلالين، يعني إن شاء الله أعود لها، يعني لدي كلمة مع آل جعفر وآل أمهز، صح أنا أتكلم من بيروت إلى عيتا، لكن في بعلبك من المفترض يسمعوننا.
من وضع العبوة في مجدل عنجر بات معروفاً بالاسماء، من أطلق الصواريخ على الضاحية الجنوبية بات معروفاً بالاسماء، ومن وضع العبوة المتفجرة في بئر العبد بتاريخ 9ـ7 بات معروفاً بالاسماء، هنا أريد ان أحتاط لأقول 99.99 %، يعني أريد ان أترك 0.1 % من باب براءة الدمة.
حسناً من هم هؤلاء ؟هل ثبت حتى الآن في التحقيقات والمتابعات أنهم عملاء لاسرائيل؟
كلا، ممكن أن يثبت ذلك في ما بعد، ممكن، يعني أنا ما زلت لم أنفِ فرضية أن هؤلاء هم عملاء لإسرائيل، لأن إسرائيل تشغّل كل الناس، ليس لديها مشكلة في ذلك، لكن مما ثبت حتى الآن وبشكل قطعي أنهم مجموعات تنتمي إلى اتجاه تكفيري محدد، ينتمون إلى جماعات تكفيرية محددة، وهم معروفون بالأسماء، ومعروف من يشغّلهم ومن يدعمهم ومن يديرهم، هذا صار معروفاً. بيان معالي وزير الدفاع ذكر بعض الأسماء، وهناك بعض الأسماء لم تُذكر، بعض هؤلاء اعتُقل وبعض هؤلاء لم يُعتقل، وفي جنسيتهم بعضهم لبنانيون للأسف، وبعضهم سوريون للأسف، وبعضهم فلسطينيون للاسف.
حسناً، في متفجرة الأمس كل المؤشرات والخيوط والمعطيات تؤدي إلى هذه المجموعات نفسها، وكانت هذه المؤشرات والمعطيات متوفرة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية التي أبلغتنا أيضاً عن معلومات ومعطيات لديها، عن أماكن محددة وعن أسماء محددة تقوم بإعداد سيارات مفخخة وبكميات كبيرة لإرسالها إلى الضاحية الجنوبية، بالتحديد إلى الضاحية الجنوبية، وكل الإجراءات التي قمنا بها في الضاحية وأزعجنا الناس، و”نزلنا” على المكشوف إلى الطرقات وأقمنا حواجز و”طلع من يتفلسف علينا” بقصة الأمن الذاتي، لأن معلوماتنا ومعلومات الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية أن هناك من يعدّ ومن سيرسل خلال أيام سيارة مفخخة الى الضاحية الجنوبية.
طبعاً، هم قاموا بالذي يقدرون عليه، ونحن بدورنا قمنا بالذي نقدر عليه، وحصل الذي حصل أمس، لا أريد ان أحسم الآن وأقول إن متفجرة الأمس هي مسؤولية الجماعات التكفيرية، ولكن أقول لكم: الترجيح الكبير جداً هو هذا، بحسب المعطيات والمؤشرات وكل ما يتوفر لدينان حتى لا نختبئ وراء إصبعنا، هل هذه الجماعات التكفيرية تعمل لدى إسرائيل؟ أكيد تعمل عند إسرائيل، حتى لا يخرج اليوم من يقول فلان (سماحة السيد نصر الله) يضع إسرائيل خارج الموضوع. كلا، إسرائيل أحياناً تشغّل شبكات ومجموعات، وأحياناً أخرى تشغّل جماعات بكاملها، ولا شك عندنا باختراق أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية وبعض المخابرات الإقليمية لهذه الجماعات، بل لا شك عندنا بالتشغيل المباشر لهذه الجماعات لمصلحة إسرائيل، لكن الجهات المنفذة هي هذه الجماعات التكفيرية.
حسناً، هذا بالاتهام، ماذا يمكننا أن نفعل للمستقبل؟ يعني حتى فرضية الانتحاري ما زالت فرضية قابلة للنقاش، ولكن نريد أن نرى فنياً الذين يعملون على الارض ما هي النتيجة التي سيصلون إليها لأنه تم تداول هذا في وسائل الاعلام، ونحن لا نستطيع أن ننفي حتى هذه اللحظة فرضية الانتحاري، أنه سيارة مفخخة بأكثر من 100 كلغ من الـ “تي أن تي” وهذا الذي قيل محسوم. أما حكاية أنه إنتحاري أو ليس انتحارياً، هذا مفترض أن يظهر مع التحقيق، ما هو المطلوب الآن، هنا دعونا نتكلم بمسؤولية، هناك هدف وطني علينا جميعاً أن نضعه أمامنا ، وهذا كان اليوم على طاولة مجلس الدفاع الأعلى في قصر بعبدا، هناك هدف وطني اسمه كيف نمنع تكرار هذه الاعتداءات الارهابية وهذه المجازر، لأنه أمس (الفاعل) وضعها بالضاحية وبتاريخ 9ـ7 وضعها في الضاحية، ولكن أين سيضعها في الغد؟ لا يوجد مانع إذا كان الاسرائيلي ـ الاسرائيلي لا فرق عنده الضاحية أو غير الضاحية أهل ضاحية وأهل غير ضاحية ـ وإذا كان التكفيري أيها الاخوة والاخوات أيضاً لا فرق لديه، لأن هذه نقطة سأعود إليها بالاسماء بعد قليل، هؤلاء التكفريون يقتلون المسلمون، كما يقتلون الشيعة، ويقتلون المسلمين كما يقتلون المسيحيين، ويفجرون المساجد كما يفجرون الكنائس، ويرسلون إنتحاريين الى المساجد السنية كما يرسلون انتحاريين الى داخل مساجد الشيعة، هذا العراق أمامكم، هذه سوريا أمامكم وهذه باكستان وأفغانستان امامكم والصومال أيضاً ويوجد أيضاً الكثير من الشواهد قادمة على الطريق.
إذاً، أن يأتي من يفترض أنه إذا كانت الجماعات التكفيرية هي من وضعت السيارة في الضاحية الجنوبية إذاً هي لن تضع السيارات إلا في المناطق الشيعية، هو مخطىء ومشتبه ويختبىء خلف إصبعه.
إذا يوجد هدف وطني، الهدف الوطني يقول كيف نعمل كلبنانيين جميعاً على منع تكرار هذا المجازر وهذه الاعتداءات الإرهابية التي طالت اليوم الضاحية الجنوبية وقد تطال أي منطقة أخرى من لبنان، هذا ليس حادثاً أمنياً وهذا ليس اغتيالاً، وهنا درجة المسؤولية يجب أن ترتفع لأنه أريد أن أكون واضحاً وصريحاً جداً: العبوة الأولى تمَ السيطرة على الوضع، مجزرة أمس تمت السيطرة على الوضع، ولكن نحن لا نعلم ـ أنا أقول للمسؤوليين اللبنانيين، للسياسيين اللبنانيين، لقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، لكل اللبنانيينأ لكل المرجعيات الدينية ـ لبنان إذا إستمرت هذه التفجيرات، شئنا أو أبينا، أحببنا أم كرهنا، هو على حافة الهاوية. يجب التصرف بمسؤولية من هذا المستوى، ومن هذا الفهم للتهديد الذي يواجهه لبنان. والذي يعتبر أو يصدق أن هذا التهديد هو لطائفة أو لحزب أو لجماعة محددة، هو مخطئ وهو مشتبه، الذي يدمر المنطقة كلها الآن أخذ قراراً بأن يدمر لبنان، وهذه هي بعض البدايات. من هذا الموقع يجب مقاربة الأحداث الجديدة. حسناً لتحقيق هذا الهدف ما هو الاجراء الذي يجب أن نقوم به؟ هذا يحتاج إلى تعاون، هو مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى وأجهزة الدولة العسكرية والامنية، وأيضاً تعاون الناس، الناس في كل المناطق وتعاون القوى السياسية في كل المناطق والأماكن مع أجهزة الدولة، يعمل على خطين. وهذا الذي سأتكلم عنه ليس اختراعنا، هذا ـ مثل ما يقولون ـ المعتمد في كل العالم، الخط الأول هو الإجراءات الوقائية الاحترازية، تفتيش وحواجز وإجراءات وبحث عن إمكانيات عمل هنا وإمكانيات عمل هناك والخ… معروف ما هي الإجراءات الأمنية الاحترازية الوقائية، هذا موجود “ستاندرد” في كل العالم ولا يوجد اختلاف فيه في المدارس، هناك تجارب حديثة ومتطورة اليوم.
حسناً، مسؤولية الدولة وأجهزتها أن تقوم بهذه الإجراءات، وكلنا مسؤوليتنا أن نساعدهم، لكن بكل صراحة أقول لكم وبكل مسؤولية: هذا الخط الأول ليس كافياً، لا يستطيع أحد في لبنان، لا رئيس ولا وزير ولا قائد جيش ولا مدير عام ولا حزب ولا حركة ولا تنظيم يستطيع أن يقول إن هذه الإجراءات الاحترازية الوقائية التي نقوم بها، هذه تمنع السيارات المفخخة أو تمنع العمليات الانتحارية، نعم تحد منها، تخففها، قد تقلل من أضرارها، من خسائرها، ولكن أن تمنع بالمطلق، وهذا في كل العالم أيضاً، في أقوى دول العالم أمنياً، الإجراءات الاحترازية الوقائية لا تكفي ولا تحل مشكلة.
إذاً، المطلوب الثاني، ان لم يكن أهم يساويه بالأهمية، هو العمل على كشف هذه الجماعات ومحاصرتها وتفكيكها وإلقاء القبض عليها والقضاء عليها. هكذا يعملون في العالم، وهذا أيضاً “ستاندرد”. لا يجلس الناس وينتظرون، هنا حواجز وهناك إجراءات وهناك تفتيش أيمتى تأتي الينا السيارة المفخخة؟! أو أيمتى يأتي إلينا الانتحاري؟ الجهات الامنية المسؤولة يجب أن تذهب وتفتش: الانتحاري من هو؟ وهذه الجماعة التي تعد السيارة المفخخة لكي ترسلها من هي؟ لكي تعتقلها وتمنع إرسال السيارة المفخخة وتمنع إرسال الانتحاري. في العالم هكذا يكافح الارهاب.
إذاً الخط الثاني هو المطلوب. طبعاً هذا يحتاج إلى جهد من الجميع، وإلى جهد كبير جداً، جهد أمني وفني وشعبي وسياسي، وفي هذا السياق عندما نتحدث عن التعاون المطلوب نتحدث أيضاً عن أهمية أن لا يتم تغطية هذه الجماعات ولا حمايتها سياسياً أو أمنياً، ولا الدفاع عنها ولا تبرئتها ولا التساهل والتسامح معها، ليس من أجلنا ولا من أجل الضاحية، بل من أجل لبنان، لأن هذه الجماعات تريد أن تأخذ لبنان إلى الدمار، تريد أن تأخذ الشعب اللبناني إلى الحرب الاهلية.
عليكم أن تمنعوا أخذ لبنان إلى الحرب الأهلية، وهذا هو الطريق.
أيضاً في هذا السياق المطلوب الكف عن التحريض الطائفي والمذهبي. هناك صراع سياسي بيننا، اتركوه سياسياً. نحكي سياسة، نهجم على بعضنا بالسياسة، لأن الدعوة إلى تهدئة وهدنة لم تنجح، هناك أناس تنقطع عليهم (معاشاتهم) رواتبهم إذا تحققت هدنة وتهدئة، وإذا لم يسبّوا على التلفزيونات، ولم يكتبوا مقالات شتائم بالصحف، لن يحصلوا على رواتب (ماشي الحال احصلوا على رواتب) يا اخي اشتموا بالسياسة، لكن اتركوا حكاية شيعة وسنة وطوائف ومذاهب، دعوها جانباً، تجنّب التحريض الطائفي والمذهبي، وعدم الاكتفاء بإدانة المجزرة عندما تقع المجزرة. هذا المطلوب بالإطار العام، بالمواجهة المباشرة، بتحقيق هذا الهدف.
هناك شيء مطلوب أيضاً من الناس، أو كلام للناس، يعني بعد عندي كلمة للناس، وكلمة للقتلة.
كلمة للناس خصوصاً الذين أصيبوا بالأمس وعائلاتهم، والآن كل هذه المناطق تعيش التهديد وتواجه التهديد. نحن نعرف صبركم وشجاعتكم، ونعرف بصيرتكم ووفائكم، وهذا ليس كلاماً عاطفياً. نحن خبرنا هذا خلال عشرات السنين، والامتحان الأعظم والأكبر كان في حرب تموز في مثل هذه الايام، ردة فعل هؤلاء الناس أثناء الحرب وبعد انتهاء الحرب عندما عادوا ووجدوا بيوتهم وأرزاقهم وحقولهم ومحلاتهم وأسواقهم مهدمة مدمرة، وهذه تجربتنا سويّا في المحن الأقسى والمحن الأشد. هم يريدون النيل من عزيمتكم، من إرادتكم، من إيمانكم، من وفائكم، من التزامكم بهذه المقاومة، ونحن كلنا على ثقة من إيمانكم ووفائكم والتزامكم وصبركم واستعدادكم للتضحية، ولذلك هذا الهدف سيفشل، أنتم أفشلتموه دائماً وستفشلونه في المستقبل أيضاً، لكن الأخطر، أنا لست خائفا لا من وفاء الناس ولا من صبر الناس ولا من إرادتهم ولا من عزمهم ولا من التزامهم ولا من تمسكهم بالمقاومة، لأن رأينا أن تمسك هؤلاء الناس بالمقاومة بعد حرب تموز كان أقوى وأشد من أي زمن مضى. هكذا هم الناس.
ما نخشى منه أيها الناس، وهو من أهداف هؤلاء القتلة، ومن يقف خلف هؤلاء القتلة، هو جرّكم إلى ردات فعل انفعالية عاطفية غير محسوبة تؤدي إلى الفتنة وإلى خراب البلد، هذا الذي نريد الانتباه له.
إلى الآن “ماشي الحال” وإلى الآن الناس تمسك جراحها وعلى آلامها وعلى أحزانها وعلى لوعتها و”ماشي الحال” سنبقى متماسكين، هم ماذا سيأتون ويقولون؟
الآن عندما تأتي وتستعرض الأسماء (هنا بالإذن اسمحوا لي أن أتكلم بصراحة) عندما تتبين الأسماء، لبناني وسوري وفلسطيني، سوف يتبين حسب الانتماء المذهبي أنهم من أبناء الطائفة السنية الكريمة، سوف يأتي من يقول لكم السنّة هم من قصفوا عليكم الصواريخ على الضاحية، والسنّة هم الذين وضعوا لكم العبوات على الطريق، والسنّة هم الذين أرسلوا السيارات المفخخة إلى الضاحية، وهم الذين ارتكبوا المجزرة بالأمس. كل من يتكلم بهذا المنطق هو إسرائيلي، وهو شريك للقاتل في تحقيق أهداف القتل والمجزرة، وأنا على مسؤوليتي أقول لكم هؤلاء ليسوا سنة، هؤلاء لا دين لهم ولا مذهب لهم ولا وطن لهم ولا قوم لهم، هؤلاء ليسوا سوريين ولا فلسطينيين ولا عرب ولا مسلمين ولا سنّة، هؤلاء قتلة قتلة، من فكر القتلة، وهؤلاء قتلوا من السنّة ـ كما قلت في الكثير من الخطب ـ أكثر مما قتلوا من الشيعة، قتلوا من السنة أكثر مما قتلوا من المسيحيين، واذا اردتم أبيّن لكم إحصائيات وأرقام، قتلوا من علماء السنة أكثر مما قتلوا من علماء الشيعة، بالأرقام. ولذلك ما أرجوه من أهلنا في لبنان وخصوصاً من الشيعة، رغم أنه أمس أن المتفجرة (وبالحد الأدنى، بإحصاءات الشهداء، هناك شهيد فلسطيني على ما لاحظت بالاحصاءات الاولية، وهناك جرحى من أهل السنة، وهذه المنطقة فيها سنة، فيها سكان سنة، فيه شهداء سنة، وفيه جرحى سنة، وفيه شهداء فلسطينيين، وفيه جرحى سوريين. أيضاً في التفجير الذي حصل بالأمس، لا يأتينّ أحد ليقول لكم إن السوريين (هم من قتلوكم) حتى نقوم بردة فعل على السوريين الموجودين في البلد، لاجئين ونازحيين، هم وعيالهم وأولادهم ونساؤهم، أو فلان الفلسطيني وفلان الفلسطيني، هناك أناس يعملون لكي يوجدوا صراعاً مع المخيمات ومحيط المخيمات، ويُدخلوا اللبنانيين في قتال مع الفلسطينيين وإدخال الفلسطيينن في قتال مع اللبنانين. لا، هذا الفلسطيني لا تعنيه فلسطين، وهذا السوري لا تعنيه سوريا، وهذا اللبناني لا يعنيه لبنان، هؤلاء مجموعة من التكفيريين، عمي القلوب والأبصار والبصائر. وهؤلاء القتلة أصحاب مشروع تدميري في كل المنطقة، ليس فقط في لبنان، أنظروا حول الذي يحصل في المنطقة، هؤلاء ليس عندهم مشروع آخر ولا عندهم برنامج ولا عندهم خطاب غير التدمير، قتل قتل قتل ، وأنا أجزم لكم، وحتى في العراق والإخوان بالعراق هم يتحدثون متى يشاؤون، عندهم معطيات أكيدة وواضحة من هي أجهزة المخابرات الغربية والعربية والإسرائيلية التي تدير جماعات القتل والتفجير في العراق، وهذا سوف يتضح أيضاً في لبنان.
إذاً، “اعملوا معروف”، نريد أن نحمل هنا، لا نريد أن نقع في الفخ. هنا تضيع دماء شهدائنا. الله سبحانه وتعالى يقول لنا “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، والله تعالى يقول لنا “الفتنة اشد من القتل”. لا نذهب الى الفتنة ولا نعتدي على أبرياء ولا نحمّل أبرياء مسؤوليات أعمال لم يشاركوا فيها، وليس لهم نصيب منها، هذه مسؤولية كبيرة جداً، هذه بحاجة لوعي وصبر وحكمة وتحمل، لا تدعوا أحداً يجرّنا ويجرّكم إلى هذه الامكنة.
هنا الشيء الذي قلته “بين هلالين” أريد أن أتكلم به إلى إخواننا آل جعفر وآل أمهز، اقول لهم الآن اتضح من هو القاتل لأولادكم في الجرود، واحد منهم معتقل عند الدولة اللبنانية، واعترف على بقية القتلة. لذلك وقبل ذلك وبعد ذلك، لا يجوز أن تحمّلوا مسؤولية هذه الدماء لأشخاص لا علاقة لهم بالقتل، ولأشخاص لم يُظهر التحقيق بأنهم شركاء في القتل، ويجب ممارسة أعلى درجات المسؤولية وضبط النفس لأن أي تصرف ـ غير مسؤول وغير شرعي ـ سواءً من أي انتماء لعائلة أو عشيرة أو قرية في منطقة البقاع الشمالي سيؤدي إلى نتائج خطيرة ودامية. اليوم دعوتي للناس، في مقطع الناس، إلى الوعي والصبر والبصيرة والتحمل وتوجيه رسالة واضحة، كما رسالتنا واضحة، أن التفجير والقتل لن يمس بإرادتنا، يجب أن تكون ايضاً رسالتنا واضحة أن التفجير والقتل لن يدفعنا إلى الوقوع في فخ الفتنة.
لكن طبعاً أقول مجدداً هذه ليست مسؤوليتنا، وحدنا هذه مسؤولية الجميع في لبنان، لأنه – أعيد وأكرر وأنا لا أحب أن أكذب على أحد – الأمور إذا استمرت على هذا الشكل قد تصل إلى حافة الهاوية التي تخرج عن سيطرة الجميع.
اما للقتلة، أقول لهم: إن كنتم تعملون مباشرة عند الاسرائيلي “ماشي الحال”، عرفناكم وسنعرفكم ويوجد دولة ومطلوب أن تعتقلكم وتقاصصكم وتقاضيكم، وفي كل الاحوال “أيدينا ستصل اليكم”، إذا الدولة أهملتكم “ايدينا ستصل اليكم”.
نحن لسنا بديلاً عن الدولة – أبداً – لا في الدفاع عن لبنان ولا في الأمن، ولكن في كل مرحلة أو مجال لن تتحمل الدولة مسؤوليتها، أنا لا أجامل أحداً، والذي يريد أن يعترض، فليعترض نحن سنتحمل مسؤولية.
إذا كنتم تدعون – أيضا سأكون شفافاً – إذا كنتم تدّعون أنكم تدافعون هكذا كما تدّعون عن الشعب السوري، هل تريدون وضوحاً اكثر من هذا؟ انتم تعاقبون حزب الله – هذه واحدة من الفرضيات والتحليلات – أنتم تعاقبون حزب الله على تدخله في سوريا، أريد أن أقول نقطتين:
أولاً: أنتم “الجماعات التكفيرية” الأشد فتكاً بالشعب السوري، وليس فقط بموالي النظام، بل حتى بالمعارضين للنظام، أشد فتكاً بالشعب السوري، رجال الدين المسحيين الذين معكم ويؤيدون المعارضة تقومون بخطفهم وقتلهم، أنتم تفجرون المساجد، انتم تقتلون الأطفال، انتم ترسلون سيارات مفخخة إلى المدن السورية، دون حساب ودون كتاب، ألستم كذلك؟ انتم الذين تدّعون بأنكم تدافعون عن الشعب السوري، أنتم الأشد والأكثر فتكاً وقتلاً بأبناء الشعب السوري، هذا أولاً.
ثانياً: بالنسبة لنا ـ أيضاً بشفافية ووضوح ـ نحن دخلنا في مكان ما أو أمكنة محددة، وبحدود ما إلى القتال في سوريا، ولأول مرة أريد أن أتكلم بهذا الوضوح الشديد هذا. نحن حيث نقاتل بقيمنا وبضوابطنا، نحن لم نُجهز على جريح وأنتم تُجهزون على الجرحى، نحن لم نقتل أسيراً وأنتم توقفون الأسرى على الحيطان وأمام الكاميرات وتعدمونهم في وضح النهار، نحن لم نقتل المدنيين، نحن في بعض معاركنا من أجل تجنب المدنيين سقط لنا المزيد من الشهداء، وكل ما قيل خلال الاشهر الماضية ويقال عبر بعض الفضائيات العربية من أننا قصفنا وقتلنا وفعلنا وارتكبنا مجازر هي أكاذيب وافتراءات.
على كل حال، اليوم ـ اسمحوا لي بعد بدقيقتين أو ثلاثة ـ بين هلالين وأعرف أن بعض الإخوة سيقولون لي لماذا تسمي؟ أنا أريد أن أسمّي، يوجد قناة الجزيرة وقناة العربية، اجتمعتا على سوريا واجتمعتا على العراق واجتمعتا على إيران واجتمعتا علينا في لبنان، وكان يُقبل في العالم العربي ما تقوله العربية والجزيرة.
الآن بعد الانقسام في مصر، بعد الانقسام في تونس، بعد الانقسام في أكثر من بلد عربي، الجزيرة مع ناس ـ انا لا أريد أن أدخل في تقييم هذه الحادثة، أريد أن أتكلم من زاوية إعلامية ـ والعربية مع ناس، افتحوا على الجهتين، هؤلاء يتكلمون ضد هؤلاء، معلومات مناقضة تماما، هنا يكون 4000 قتيل وعند هؤلاء 50 قتيل، عند هؤلاء فلان قد قتل وعند هؤلاء فلان ما زال حياً يرزق. من ستصدقون؟
اليوم هذا الانقسام أكيد بالرأي العالم العربي، يوجد أناس ما زالوا يسمعون للجزيرة ويشتمون العربية، وأناس يسمعون للعربية ويشتمون الجزيرة، لماذا تقبلون منهم؟
من يعارض العربية في مصر أو يعارض الجزيرة في مصر، لماذا تقبل؟ لا تقبل منهم أخبارهم المصرية وتقبل منهم أخبارهم الشامية، هذه القنوات ـ اسمحوا لي رغم ان حرية الإعلام مفتوحة ـ ولكن للاسف الشديد انحدر الإعلام العربي خصوصاً في السنوات الاخيرة إلى مستوى من – ليس الكذب ونقل الأخبار الكاذبة – بل فبركة الأكاذيب.
نحن، حزب الله، عندما نأتي يوم القيامة لنقف بين يدي الله سبحانه وتعالى سوف ترى الأشهاد، على رؤوس الاشهاد، سوف يشهد العالم كله أننا لم نقاتل إلا الجماعات المسلحة التكفيرية.
نقطة على أول السطر.
نعود لموضوعنا، على كل حال، أنتم لا تدافعون عن الشعب السوري، ولكن إن كنتم تظنون أنكم بقتلكم لنسائنا وبقتلكم لأطفالنا وبقتلكم لأبريائنا، وبقتلكم وتدميركم لأحيائنا وقرانا ومدننا، يمكن أن نتراجع عن رؤية أو بصيرة أو موقف اتخذناه، أنتم مشتبهون. أيها الحمقى اقرأوا تجربتنا خلال 30 عاماً مع إسرائيل، اقرأوا هذه التجربة، أنتم مشتبهون.
إذا احتاجت المعركة
مع هؤلاء الإرهابيين التكفيرين
أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا،
سنذهب إلى سوريا
أنا أقول لكم: إن ردنا على أي تفجير من هذا النوع، أحد ردودنا على أي تفجير من هذا النوع ـ وبكل شفافية أيضاً ـ إذا كان لدينا 100 مقاتل في سوريا سيصبحون 200، وإذا كان لدينا 1000 مقاتل في سوريا سيصبحون 2000، وإذا كان لدينا 5000 مقاتل في سوريا سيصبحون 10000 ، أنتم مشتبهون، أنتم تضربون في المكان الخطأ، أنتم تضربون في المكان الخطأ.
وإذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الإرهابيين التكفيرين أن أذهب أنا وكل حزب الله إلى سوريا، سنذهب إلى سوريا، وسنذهب إلى سوريا كما ذهبنا من أجل سوريا وشعبها، من أجل لبنان وشعب لبنان، واللهِ من أجل كل اللبنانين، من مسلمين ومسيحين، الذين يختبئون خلف إصبعهم، من أجل فلسطين والقدس، من أجل القضية المركزية.
لذلك لا أحد يفترض أنه إذا فتح معركة معنا هو الذي يحسم المعركة، نحن الذين نحسم المعركة، نحن الذين نوقت ختام المعركة، نحن في 25 أيار كنا أصحاب الطلقة الأخيرة، في 1996 في عناقيد الغضب كنا أصحاب الطلقة الأخيرة، في 14 آب 2006 كنا أصحاب الطلقة الأخيرة.
وكما انتصرنا في كل حروبنا مع إسرائيل، إذا أردتم أن ندخل هذه المعركة معكم بكل قوة، أنا أقول للبنانيين وللسوريين وللفلسطينيين ولكل شعوب المنطقة، نحن أيضاً سننتصر في المعركة ضد الإرهاب التكفيري التدميري إن شاء الله، وأنا على يقين من ذلك.
ستكون هذه المعركة مكلفة؟ نعم، ولكنها أقل كلفة من أن نذبح كالنعاج وأقل كلفة من أن ننتظر القتلة والمجرمين ليأتوا إلى بيوتنا وإلى عقر دارنا، بالتأكيد هي أقل كلفة، ونحن في كل معركة هي دفاع عن كرامة وعزة وشرف وعرض ودماء ووجود، نحن رجال هذه المعركة ونساء هذه المعركة، وصغارنا هم كبار في هذه المعركة، ولن يثنينا لا قتل ولا دم، ونحن أصحاب مقولة “انتصار الدم على السيف” منذ أعماق التاريخ .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته