خريطة «ذا واشنطن بوست».. لشرح سوريا

صحيفة السفير اللبنانية ـ

حسن نصّور:

نشرت صحيفة «ذا واشنطن بوست» خريطة، تعكس واقع الحال القديم/ الجديد في نظرة الإعلام الغربي لمنطقتنا. تتضمّن الخريطة تشريحاً لبلاد الشام على خلفية إثنية طائفية. وذلك ما يعد هاجساً في العديد من الصحف، وأمراً دارجاً في وسائل الإعلام المرئية، من سنوات. تقسيمات وتعريفات، تختصر ما نعيشه من تقسيم، في حين لم تعد عوامل الجمع، وطنيةً كانت أو قومية، أكثر من مدعاةٍ للنوستالجيا.

«الخريطة الوحيدة»، كما تسميها الصحيفة الأميركيّة، نشرت مع مقال لماكس فيشر بعنوان «لماذا الوضع السوري معقّد لهذه الدرجة؟». وتندرج الخريطة ضمن مشروع The Gulf/2000 Project برعاية «جامعة كولومبيا الأميركية»، وهو مشروع أنشئ في العام 1993، ويتضمّن دراسات وخرائط تفصيلية لبلدان المنطقة، من ضمنها تكوينات هذه المنطقة العرقية والدينية.

يأتي نشر هذه الخريطة في ظرف بالغ الدقّة، لجهة ترجيح شنّ هجمات عسكريّة على سوريا. وفيما لا يمكن غضّ النظر عن كون تلك الخريطة صادرة عن أحد أهم صروح علمية أكاديمية في العالم، إلا أنّها تقع في مغالطات اصطلاحية، ذات منشأ استشراقي إذا صح التعبير. منها مثلاً التعريف بسكان المنطقة العرب، على أنّهم مسلمون سنّة فقط. فيما تستثنى الجماعات الإثنية والدينية الأخرى من التعريف بهويّتها العربيّة، ليصار إلى حضرها بصفتها الطائفيّة، مثل مسيحيين ومذاهب إسلاميّة أخرى، مع الإشارة إلى أنّ هؤلاء يتكلّمون العربيّة.

وتظهر الخريطة تفرقة غريبة بين العلويين والنصيريين باعتبارهم جماعتين لا جماعة واحدة، وهم بطبيعة الحال عبارة عن تسميتين لجماعة واحدة. فيما يبدو انتشار «الإماميين» في لبنان (شيعة) باللون الأخضر كما هو معروف مبالغا فيه.

تعكس هذه الخريطة عجزاً غربياً سياسياً وأكاديمياً عن النظر إلى المنطقة، خارج العقليّة التقسيميّة على أسس إثنيّة ودينيّة. تقسيمات تشكّل حجة قويّة في يد المشككين بكل خطابات الغرب عن الحريّة والديموقراطيّة، خصوصاً في جزئيتها على حقوق الأفراد في الشرق تحت مسمّى السعي إلى نشر الديموقراطية. إذ كيف يمكن لمن لا يرى المنطقة إلا من هذه الزاوية، أن يكون صادقاً في إعانة شعوبها على تحقيق الديموقراطية والتخلص من أنظمة الحكم الأحادية؟

[ رابط لخريطة «إثنيات الشرق»

http://www.washingtonpost.com/blogs/worldviews/files/2013/08/Levant_Ethnicity_lg-smaller11.jpg