خروج بايدن من السباق الرئاسي وانعكاسه على حملة كلينتون
موقع الميادين نت ـ
واشنطن ـ منذر سليمان:
واشنطن ـ منذر سليمان:
جوزيف بايدن يحسم موقفه ويعلن عدم خوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي في موقف مفاجىء ويتعارض مع العرف والتقليد في التجربة الانتخابية الأميركية. المناظرة الأخيرة لمرشحي الحزب الديمقراطي وتفوق هيلاري كلينتون والزخم الاضافي الذي عزز حملتها عزز موقف بايدن بصرف النظر عن دخول السباق.
بعد شهور من الشائعات والتخمينات والتوقعات، حسم جوزيف بايدن موقفه، وأعلن قراره بعدم خوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي… قراره كان مفاجئاً لأنه يتعارض مع العرف أو التقليد في التجربة الانتخابية الأميركية، حيث يعتبر نائب الرئيس في نهاية الولاية الثانية للرئيس، المرشح الطبيعي التقليدي والقوي لحزبه، ونادراً ما تتاح الفرصة أو الرغبة من الحزب بترشيح منافس له. السجل التاريخي لنواب الرئيس، يشير إلى أن الحظ لم يحالفهم للفوز بالرئاسة، وإن حصلوا على تزكية الحزب لهم بالترشح. ومنذ الحرب العالمية الثانية نجح جورج بوش الأب فقط بمنصب الرئاسة، بعد أن أمضى 8 سنوات نائباً للرئيس ريغان، لأنه بعد 8 سنوات من إشغال حزب واحد للبيت الأبيض، يتولد لدى الناخبين الأميركيين نزوع نحو التغيير وتبديل الحزب الحاكم. أما نائب الرئيس جوزيف بايدن، فقد انتظر طويلاً لإعلان نواياه، وتأخّر في اظهار رغبته، أو تصميمه على الترشح للرئاسة من عدمه. وكان لوفاة ابنه بعد صراع مع المرض، وحاجته إلى فترة زمنية للتعامل مع هذه الخسارة الأليمة مع عائلته، الأثر الكبير في تأجيل حسم موقفه. ويبدو أن المناظرة الأخيرة لمرشحي الحزب الديمقراطي، وتفوق هيلاري كلينتون فيها – ما منح حملتها زخماً إضافياً – عزّز من ميله لصرف النظر عن دخول السباق. يدرك بايدن من تجارب الحملات السابقة، أن كلينتون تتمتع برصيد قوي في أوساط الحزب الديمقراطي وقياداته، ولديها حملة انتخابية منظمة ومجرّبة تعود إلى فترة رئاسة زوجها. ويشير بعض المراقبين إلى أن هناك سوابق لشخصيات بارزة اضطرت للانسحاب من منافسة بيل كلينتون عام 1992، مثل ماريو كومو، ومارك ورنر، من أمام هيلاري كلينتون في حملة 2008، وذلك بعد انتشار شائعات عن إمكانية لجوء حملة كلينتون إلى التعرض لأمور شخصية لهما، في حال دخولهما السباق، وهذا يعني أن حملة كلينتون ستكون جاهزة لمواجهة عنيفة مع بايدن لن تتورع عن كشف عيوبه أو زلّاته الكثيرة . كان البعض ينظر إلى شهادة هيلاري أمام لجنة معادية في الكونغرس يتزعمها الجمهوريون، كمحطة يمكن أن تحدث أضرارا كبيرة في سمعتها ومصداقيتها، بسبب مقتل السفير الأميركي في بنغازي كريستوفر ستيفنز، عندما كانت وزيرة للخارجية… ولكن يبدو أن بايدن توصّل إلى قناعة بأنه سيتهم بالانتهازية إذا انتظر نتائج الجلسة، خاصة وأنه يعرف أن المسؤولية الحقيقية تكمن في سياسة الإدارة التي اتبعتها للتدخل في ليبيا، وليس ما تتحمله كلينتون شخصياً. يبدو من مراجعة الماراثون الذي أمضته كلينتون أمام لجنة خاصة في مجلس النواب، تنظر في مسؤوليتها عن مقتل أربعة أميركيين، بينهم السفير ستيفيز في بنغازي، أن ميزان القوى الانتخابي، لن يتأثر كثيراً، ولن تهتز مكانة كلينتون أمام قاعدتها الحزبية الانتخابية، كما لم تشهد المناقشات والاستجواب ما يمكن اعتباره “سقطة” أو “كبوة” لكلينتون تؤدي إلى تعديل المشهد الانتخابي. لا شك أن الحزب الجمهوري لن يتوقف عن توظيف التحقيق في حادثة بنغازي، للنيل من كلينتون وحملتها الانتخابية، كما سيتم التركيز على انتقاد استخدامها للبريد الشخصي، واتهامها بالإهمال والنيل من مصداقيتها. لكن الأمر الجوهري يبقى أن حظوظ عودة الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض بعد 8 أعوام من السيطرة، لن تكون سهلة، ورغم الجاذبية التي تختزنها حملة كلينتون باحتمال رفع أول امرأة إلى سدة الرئاسة، ما يعزز من فرص تصويت المرأة عموماً لها. إلا أن الحزب الجمهوري قد يتمكن من تجاوز هذه العقبة أمامه بأن يتمكن من من إعادة تنظيم صفوفه، ودفن انقساماته، والتحلق حول شخصية قادرة على جذب المرأة والأقليات، ليجعل المنافسة في الانتخابات العامة، تميل لصالحه. ولكنه يبقى تحدياً كبيراً وليس بعيد المنال.