خبير اسرائيلي: القبة الحديدية لم تعزز الردع
سكان الجنوب والشمال تحولوا الى رهائن بيد حزب الله والمقاومة الفلسطينية..
موقع قضايا مركزية العبري ـ
محطة أخبار سورية ـ ترجمة:غسان محمد:
قالت دراسة اسرائليية صادرة عن ما يسمى” معهد بيغن – السادات” للدراسات الإستراتيجية، إن المبالغة في الحديث عن ايجابيات منظومة القبة الحديدية، امر سابق لأوانه، في ظل حقيقة انها لم تسهم في تعزيز قوة الردع الإسرائيلية بدرجة كبيرة، كما انه حدت من قدرة الجيش الإسرائيلي على اتخاذ خطوات عقابية، بحجة ان قوة الردع موجودة.
وقال البروفيسور آفي كوبر، الذي اعد الدراسة، إن منظومة القبة الحديدية، فتحت الباب أمام سباق التسلح في المنطقة، وتحديدا من قبل أعداء إسرائيل، الذين لا يدخرون جهدا لمهاجمتها عسكريا.
واضافت الدراسة انه بالرغم من نجاح القبة الحديدية خلال عملية”عمود السحاب”الاخيرة على قطاع غزة من اعتراض حوالي 90 بالمائة من الصواريخ الفلسطينية، لكن نسبة الاعتراض هذه ستختلف كثيرا حين يتعلق الامر بمناطق مأهولة بالسكان. اضف الى ذلك أن المنظومة اعطت الإسرائيليين نوعا من الاحساس بالاطمئنان، كون الصواريخ الفلسطينية لن تشكل تهديدا مباشرا للمصالح الأمنية لاسرائيل، مع الاشارة الى ان الكلفة العالية للمنظومة، لا تزال أقل من الضرر الناجم عن الصواريخ الفلسطينية أو صواريخ حزب الله على الممتلكات، ناهيك عن التكلفة في الخسائر بالأرواح.
ولفتت الدراسة إلى أن كل عملية اعتراض للمنظومة تكلف حوالي 50 الف دولار، في حين أن الأضرار التي ألحقها أحد الصواريخ بأهداف إسرائيلية، تقدر بحوالي 750 الف دولار. وفي موازاة ذلك، فان العديد من الخبراء الإسرائيليين عبّروا عن شكوكهم بجدوى القبة الحديدية، قلئلين انها لا تتمكن من اعتراض ألف صاروخ، خصوصا وانها ستكون مُلزمة باعتراض قاذفات صواريخ متعددة، كما انها لم تتمكن في البداية من الناحية التكنولوجية، الدفاع عن التجمعات السكنية القريبة من الحدود مع غزة، الامر الذي يتطلب أنظمة دفاع بديلة، مثل الليزر.
وأكدو الخبراء الاسرائيليون، أن بامكان بعض أنواع الصواريخ التفوق على المنظومة واختراقها، ما يعني ان هناك جوانب سلبية إضافية في المنظومة، يجب اعادة النظر فيها، وفي مقدمة ذلك أن القبة الحديدية لا توفر لإسرائيل قوة الردع المطلوبة، على اعتبار ان كل ما يمكن ان تقدمه هو توفير حد قليل من الدفاع ضد صواريخ حزب الله والمقاومة في غزة، ولكنها غير مؤهلة لمعاقبتهم. ما يؤكد ان المنظومة بوضعها الحالي لا يمكن أن تفعل أكثر من إحباط العدو، وليس ردعه.
وتابع البروفيسور كوبر قائلا، ان مفعول القبة الحديدية يعتبر رسالة للأعداء، مفادها ان الدولة العبرية تخاف منهم، الأمر الذي يرفع من معنوياتهم ويشجعهم على مهاجمة العمق الإسرائيلي، وهنا تكمن المشكلة الرئيسية، ذلك أن القبة الحديدية غير قادر بأي حال من الأحوال، على حماية جميع المدن الإسرائيلية، اذ ستبقى البلدات الإسرائيلية في الجنوب رهينة بأيدي التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، مع الاشارة الى ان آلاف الإسرائيليين ارغموا على البقاء في الملاجئ، وتعطلت الحياة اليومية الروتينية لأكثر من مليون إسرائيلي خلال الهجوم الاخير على غزة.
علاوة على ذلك، ونظرا لقدرة إسرائيل على اعتراض الهجمات الصاروخية، بفضل قلة عدد الضحايا، إلا أن الاسرائيليين في الشمال والجنوب، كانوا وما زالوا، وسيبقون على ما يبدو، رهينة بأيدي حزب الله والمقاومة الفلسطينية.
وحول الزعم بان المنظومة توفر حرية الحركة للقيادة السياسية والجيش الإسرائيليين، والوقت للتحضير لأعمال هجومية، فان هذه المزاعم تنطوي على إشكالية كبيرة، إذ يمكن أن يحصل عكس ذلك تماما، على اعتبار ان عدم وجود إصابات في صفوف المدنيين الإسرائيليين، من شأنه جعل أي عملية عسكرية واسعة النطاق لمعاقبة المقاومة في القطاع أو حزب الله، غير مبررة، خارجيا وداخليا.
وبحسب البروفيسور كوبر، فإن مشكلة القبة الحديدية تكمن في التعامل مع اعداد كبيرة من الصواريخ التي ستُطلق على إسرائيل، فضلا عن انها ستكون حافزا لسباق تسلح في المنطقة، وتشجع العدو للحصول على كميات كبيرة من الصواريخ والقذائف لاختراق المنظومة. ولهذا السبب، تجنبت القوى العظمى خلال الحرب الباردة، نشر هذه النظم، باستثناء مناطق محدودة جدا.
وقال كوبر، ان مساحة إسرائيل صغيرة جدا، ولا تُبرر نشر مثل هذه المنظومة، رغم ان هذا الامر لن يغير من حقيقة أن أعداء إسرائيل توصلوا منذ فترة طويلة إلى قناعة بأن الدولة العبرية ضعيفة من حيث قدراتها الدفاعية، الأمر الذي دفع صنّاع القرار في تل أبيب إلى تطوير هذه المنظومة، بالإضافة إلى منظومات دفاعية أخرى.
وأوضحت الدراسة، أن المنظومة الحديدية غير قادرة على توفير حماية للاسرائيليين الذين يعيشون في منطاق قريبة من الحدود، كما انها لا تستطيع تأمين سير الحياة بشكل طبيعي في الجبهة الداخلية، او منع تحطيم المعنويات. يضاف الى ذلك، انها تاتي بنتائج عكسية في كل ما يتعلق بالردع، وربما خلق انطباع بأن إسرائيل مستعدة للتسامح مع العدو الذي يهاجمها بالصواريخ. بمعنى، ان القبة الحديدية قد تكون تسببت بتقييد أيادي الإسرائيليين، في كل ما يتعلق بحرية الاختيار والعمل والانتقام، حيث يمكن أن تكون سببا لضعف لكشف ضعف الدولة العبرية ومنعها من شن هجوم تقليدي على الأعداء.
وخلص البروفيسور كوبر، الى القول، ان القبة الحديدية هي الخبر السار الوحيد، لكن بشرط واحد هو أنه يتحتم على القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل الاعتراف بمحدوديتها”.