خبراء صينيون: رغم “هجوم الغوطة الكيماوي”… واشنطن لا تقف على أعتاب شن حرب على سوريا
صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم: ثريا لوه
وسط إتهام الغرب للقوات السورية بشن “هجوم الغوطة الكيماوي” وتلويح واشنطن بالخيار العسكري ضد سوريا وتحذير بريطانيا وفرنسا من إمكانية تجاوز الأمم المتحدة حال وجود”حاجة إنسانية ماسة”، يبدو أن الأزمة السورية تمضى نحو تصعيد خطير وربما تدخل عسكري تحذر دمشق من مغبة أن يوجد “كتلة من النار واللهب تحرق الشرق الأوسط “.
وبدورهم، أعرب الخبراء الصينيون عن ريبتهم إزاء مزاعم الهجوم الكيماوي، قائلين إن “المنطق السليم” يقول إن الحكومة السورية “لم تفقد صوابها” لتستخدم الكيماوي وخاصة في هذا التوقيت الدقيق، مرجحين ألا يتعدى الأمر كونه “مسرحية” من إخراج المعارضة السورية والإدارة الأمريكية بهدف كسب المزيد من الوقت، ومستبعدين أن تشن واشنطن حربا وشيكة علي سوريا.
— الولايات المتحدة لن تشن حربا علي سوريا “الآن”
وفي هذا الصدد، قال جين تسان رونغ، الأستاذ بكلية العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينية، إن تحقيق الأمم المتحدة في الحادث عمل يستحق الإشادة، غير أن نتائجه لن تؤثر كثيرا على قرار الغرب بشأن شن الحرب، فإتخاذ الولايات المتحدة لقرار التدخل العسكري يتوقف على تقييماتها الاستراتيجية داخليا وخارجيا.
وإتفق شي تسه هوا، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، مع جين قائلا إن أوباما صرح بأن بلاده لن تتخذ قرارا في هذا الصدد إلا بعد إعلان نتائج التحقيق الأممي . ولكن حتى ولو لم تكن النتائج في صالح الحكومة السورية، فلن تقدم الولايات المتحدة علي شن حرب على سوريا على المدى القصير ويرجع ذلك إلى ستة أسباب:
أولا، إن شن حرب على سوريا سيكون مكلفا للغاية وستدفع فيه الولايات المتحدة ثمنا أكبر بكثير من الذي دُفع في الحرب على ليبيا، علاوة على صعوبتها، فجيش الحكومة السورية ما زال قويا ويوطد علاقاته مع حزب الله وإيران.
ثانيا، إن غالبية الأمريكيين ، وفقا لاستطلاعات الرأى، لا يحبذون تدخل بلادهم عسكريا في سوريا لأن ذلك يتطلب مضاعفة الإنفاق العسكري في وقت بدأوا يشهدون فيه بوادر على انتعاش الاقتصاد الأمريكي.
ثالثا، إن شن حرب على سوريا سيعني أن الولايات المتحدة ستضطر إلى وقف استراتيجية “إعادة التوازن” تجاه منطقة آسيا الباسيفيك التي أطلقتها مؤخرا، وسيعنى أن نيران الحرب قد تمتد من سوريا إلى دول الجوار لتقع الولايات المتحدة في “مستنقع” حرب شاملة بالشرق الأوسط .
رابعا، إن واشنطن لا تريد الآن أن تحسم الوضع على الأرض في سوريا بحرب شاملة لأنها تخشى من أن يؤدي سقوط نظام بشار إلى صعود نفوذ التيار الإسلامي المتطرف في بلد له خصوصية جيوسياسية وجيواستراتيجية في الشرق الأوسط.
خامسا، إن مجلس الأمن الدولي لن يصدر على الأرجح تفويضا بشن حرب على سوريا في ظل دعم روسيا الثابت والعلني لدمشق. ولهذا، فإن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستعرض نفسها لوابل من الانتقادات إذا ما شنت حربا كهذه دون تفويض من الأمم المتحدة.
سادسا، إن خوض حرب كهذه يتطلب استعدادات كثيرة مسبقة، وهو ما لم تستعد له واشنطن تماما بعد.
— تكهنات حول التحركات الأمريكية بعد مزاعم الهجوم الكيماوي
وحول ما تردد عن نشر واشنطن 4 مدمرات مزودة بصواريخ كروز في البحر المتوسط، قال الخبير جين تسان رونغ إن هذا النشر من العتاد الحربي لا يكفي لشن حرب فعلية، لذا فهو لا يتدعى كونه مجرد “تهديد” بشن حرب أو ربما يكون تمهيدا لشن حرب مستقبلا.
بيد أن وانغ باو فو، الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني الصينية، يرى إنه إنطلاقا من القدرة العسكرية للولايات المتحدة، فهى قادرة على ضرب سوريا في أي وقت، ولكن ثمة عوامل سياسية واقتصادية لا بد أن تأخذها أولا في الحسبان.
ومن جانبه، ذكر لي وى جيان إنه حتى إذا ما تأكد فريق التحقيق الأممي من أن الحكومة السورية هى من استخدم الأسلحة الكيميائية، فسيظل شن حرب على سوريا الخيار الأخير بالنسبة لإدارة أوباما التي ستسعى في الوقت الراهن إلى إتباع التحركات التالية:
أولا، تعزيز دعم المعارضة السورية وتزويدها بالمزيد من المال والسلاح والمعلومات والتدريبات.
ثانيا، نشر قوات حول سوريا، لتشمل مدمرات كبيرة مزودة بالصواريخ وطائرات قتالية حديثة وقوات خاصة وما أشبه ذلك لفرض ضغوط تهديدية على قوات الحكومة السورية.
ثالثا، مطالبة الحكومة السورية بوقف ما تشنه من هجمات علي مسلحي المعارضة عبر منابر الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات، ودفع مجلس الأمن الدولي إلى استصدار قرار بشأن مشاركة طرفي النزاع السوري في مؤتمر دولي حول بلادهم .
رابعا: تحرك واشنطن في إتجاه تحريض تركيا على توجيه ضربة لسوريا ودعم إسرائيل في شن غارات جوية على قواعد عسكرية وأهداف استراتيجية داخل سوريا في ظل ضعف مسلحي المعارضة على الأرض ورجحان الكفة الآن لصالح قوات الحكومة السورية.
خامسا: شن واشنطن هجمات محدودة على قواعد عسكرية سورية بالصواريخ حتى يثبت أوباما صدق تصريحاته بأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا “خط أحمر”.
ولذا يقول المحللون إن تهديد الإدارة الأمريكية باستخدام القوة تحت ذريعة هذا الحادث يهدف إلى فرض مزيد من الضغوط على الحكومة السورية لدفعها إلى تخفيف ضرباتها ضد مسلحي المعارضة الذين سيتاح بذلك أمامهم متسع من الوقت لاستعادة قوتهم على الأرض.
ومع دخول الأزمة السورية إلى منعطف جديد بالهجوم الكيماوي المزعوم في ريف دمشق، يؤكد المحللون الصينيون مرة أخري على أهمية وضرورة تكاتف المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي لا يزال هو السبيل الأمثل لتسوية الأزمة السورية التي طال أمدها.