خاطرة “أبو المجد” (الحلقة السابعة والسبعون)
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
الحلقة السابعة والسبعون:
[ صَعْبٌ على الأحرارِ، أن يستسلموا قَدَرُ الكبير، بأنْ يظلّ كبيراأاا]
-1-
[ التخلّي عن السلاح الكيماوي.. ليس هزيمةً ولا نَصْراً ]
· بقدر ما يُخطئ مَن يرى إلى التخلّي السوري عن السلاح الكيماوي، بأنه “هزيمة”، يخطئ مَن يراه “نَصْراً” إنه عملية تراجع تكتيكي سوري، في سياق حرب كبرى، لقاء تراجع إستراتيجي أمريكي.. إنّه خطوة سورية إلى الخلف، مقابل سلسلة خطوات أمريكية إلى الوراء.
وكم هو وَاهِمٌ مَن يظنّ أنه جرى أو سيجري أو يمكن أن يجري نزع مخالب وأنياب سورية، بذلك، فسورية جدّدت أنيابها القديمة بأنيابٍ ومخالب جديدة منذ نهايات القرن الماضي، وهي تمتلك الآن من مقوّمات الردع الإستراتيجي في مواجهة إسرائيل، ما لم تكن تمتلكه عندما خاضت حرب تشرين/أكتوبر، عام “1973” عندما كانت تمتلك إسرائيل عشرات الرؤوس النووية.
ولن نقف عند عويل وفحيح الأعداء وأبواقهم الرغبوية أو الكيدية أو المرتهنة.. فكل ما يقوله هؤلاء، نابع من غيظهم وخيبة أملهم، لأنّ الإدارة الأمريكية لم تَشُنّ حرباً شاملة على سورية.. وهذا هو أصل كل الهجومات المسمومة ضد سورية وقيادتها الوطنية.
· مَن يحق له الحديث عن حرصه على سورية وأمنها، هو الدولة الوطنية السورية وحلفاؤها وأصدقاؤها.. وأمّا عندما يأتي التباكي على أمن سورية، من أعداء سورية ومن خصومها ومن المتآمرين عليها، ممّن لم يتركوا طعنة مسمومة إلّا ووجّهوها للدولة الوطنية السورية، فهذا يشكّل دليلاً دامغاً، على أنّ سورية وقيادتها الوطنية، تسير في الدرب الصحيح.. ولكن عندما يتساءل بعض الشرفاء في سورية وخارجها، ويطلبون توضيح المسألة، فهذا حقّهم.
· وبالتأكيد، ليس من مصلحة أيّ دولة أن تتخلّى عن أيّ سلاح تمتلكه، سواء كان هذا السلاح تكتيكياً أم إستراتيجياً.. إلّا إذا اضطرت للتخلّي عنه، في سياق الحرب أو في سياق إحدى المعارك الحربية، كأن تجري إصابته وتدميره من قبل العدو أثناء الاشتباك معه، أو عندما تصبح تكاليف الاحتفاظ بهذا السلاح أكبر من مردود وعوائد التخلّي عنه.
· والمهمّ أنّ الكثيرين يقاربون مسألة السلاح الكيميائي في سورية، وكأنّ سورية تعيش حالة سلام واستقرار وهدوء وراحة، وليس حالة حرب شعواء تشنّها عليها قوى دولية وإقليمية وأعرابية ومحلية.. وفي الحرب هناك أرباح وخسائر، وهناك كرّ وفرّ، وإقدام وإحجام، والوضع السوري يشبه وضع طائرة حربية في الجوّ، تواجه سرباً معادياً من الطائرات، ولكنها تجد نفسها مضطرة، لِتَتَخَفَّفَ من بعض الحمولات من (الذخيرة والوقود) التي تحملها، من أجل أن تكون أكثر قدرة على المناورة والكرّ والفرّ، وأكثر قدرة على المواجهة الناجعة للعدوّ، بدلاً من الاحتفاظ بكامل حمولتها التي تعيق حركتها ومناورتها.. وهذا بالضبط ما يشبه الحالة السورية، اليوم، وهي في خضمّ الحرب الطاحنة الدائرة عليها.
· بالتأكيد هناك تنازلاتٌ تُقَدِّمها سورية، ولكنّها ليست تنازلاتٍ تمسّ جوهر الأمن القومي في سورية، ولا أمن حلفاء سورية.. ولكنها تنازلات تتعلق (بنزع الذرائع) من يد الثور الأمريكي الهائج الذي يلعب على حافة الهاوية، والذي قد يجد نفسه، فجأةً، صار في قلب الهاوية، بسبب مجموعة من العوامل المتنوعة الداخلية (الأمريكية) والإسرائيلية والدولية، والإقليمية في المنطقة.. ذلك أنّ اللعب على حافة الهاوية، لا يجيده إلّا أصحاب العقول الكبيرة، والعم سام، يَضْمُرُ عقله شيئاً فشيئاً، كلما أيقن بأنه لم يعد صاحب الحل والعقد الوحيد في العالم.. ولذلك من الحصافة والحنكة، تلافي نطحة الثور الهائج، طالما أنّ ثمن تلافي هذه النطحة هو أقل بكثير من تلقيّها، في المدى المنظور، حتى لو كانت تداعيات تلك النطحة، على المدى البعيد، سوف تؤدّي إلى تكسير قرون هذا الثور.. ولكن المزاج العام الشعبي في بلاد الشام، لا يحبّذ ولا يرغب ولا يتمنّى اندفاع الأمور إلى هذا الحدّ.. ولذلك كان لا بدّ للقيادة السياسية السورية، أن تبني قرارها – وهي في خضمّ الحرب – على وجدانات الأغلبية الشعبية الساحقة من الجماهير العربية عامة، ومن جماهير بلاد الشام وسورية خاصةً.. ولذلك ظهرت مبادرة نزع السلاح الكيميائي.
· وللعلم، لمَن لا يعلم ولمَن يريد أن يعلم، فإنّ السلاح الكيميائي ليس هو القوّة الضاربة الإستراتيجية التي تعتمد عليها سورية، كما يظن البعض، بل هي أحد عوامل القوة، ولكنّها لا تمثّل في أحسن الأحوال، أكثر من (10%) من قدرات سورية العسكرية الإستراتيجية.. وأنّ هذا السلاح ليس للاستخدام، بل هو للردع، وعندما لا يبقى هذا السلاح عنصرَ رَدْعٍ رئيسياً، بل عندما يتوافر سلاح صاروخي إستراتيجي – جرى تصنيعه بعد الكيماوي – يثير الرعب في قلوب الإسرائيليين، وجرى تجريبه في حرب تموز “2006” مع “حزب الله”، لا بل إنّ (20) صاروخاً فقط مسدَّدَةً على ستّ محطات نووية منتجة للكهرباء في إسرائيل، وعلى مستودعات الوقود الكبرى ومخازن الفوسفات وعلى المفاعلات النووية الإسرائيلية، هي أكثر تأثيراً وفاعلية من السلاح الكيماوي.
· ويشبه موقف أعداء سورية وضفادعهم الإعلامية، في موضوع نزع السلاح الكيميائي، موقفهم من حرب تموز (2006) في لبنان، وموقفهم من مختلف المواقف المبدئية السورية، عندما يسفّهونها ويتهجّمون عليها، ويجهدون لتقويضها.. وهذا أكبر دليل على أنّ مواقف سورية، سليمة وصحيحة وصائبة.
والمستقبل دائماً للقابضين على الجمر، وهم يدافعون عن قضاياهم الكبرى.. هكذا هو حال بلاد الشام وعاصمتها قلب العروبة النابض، منذ أن كانت عاصمة للأمويين إلى أن صارت حاضرةً للآساد.
-2-
[ ألف قبلة لجبهة اﻷسد الرابض في عرينه بقاسيون ]
كانت الخطّة الصهيو-أمريكية هي إسقاط سورية، شعباً وجيشاً دولةً، وتفتيتها إلى كيانات متحاربة، تكون”إسرائيل” مرجعيتها والمتحكّم بها.. وعندما فشلت الخطة في تحقيق ذلك، طيلة ثلاثين شهراً، رغم استنفار الحلف الصهيو-أمريكي وأذنابه اﻷطلسية والسلجوقية وبيادقه اﻷعراببة، وعصاباته اﻹرهابية الظلامية.. حينئذ لم يكن لدى “العم سام”، إلّا أن يزجّ بنفسه مباشرة في قلب المعمعة، من أجل إنقاذ مشروعه التفتيتي لسورية.. وهدّد بإعلان الحرب العسكرية المباشرة، بما سمّاه “ضربة” على سورية.. وعندما أيقن أنّ “ضربته” سوف ترتدّ على حلفائه، “ضربات” مضاعفة، أصيب بحالة شبه هستيرية وبدأ بالتخبط، وهدد بالويل والثبور وعظائم اﻷمور، وطرح على “روسيا” سلسلة مطالب في ما يخص سورية، فأجابه الروسي، بأنّك لست في الموقع الذي يؤهلك لفرض شروط، ولكننا على استعداد لمساعدتك، للخروج من الزاوية التي وضعت نفسك فيها.. فكانت “جائزة ترضية” لحفظ ماء وجه اﻷمربكي وتغطية انسحابه أو نزوله من على الشجرة التي تسلقها في لحظة انفعال.. والجائزة هي “وضع السلاح الكيماوي، تحت الرقابة”.
وليست سورية هي مَن أعلن الحرب، لكي تتراجع عنها، بل “اﻷمريكي” هو الذي أعلنها، وهو الذي يتراجع عنها.. ولم تكن خطة اﻷمريكي تتعلق بسلاح كيماوي سوري، بل كانت أكبر من ذلك بكثير، تتعلق بكل سورية وبجغرافيتها وبشعبها وبجيشها وبصواريخها وبقيادتها وبمختلف عوامل قوتها وقدرتها.. وعندما يضطر اﻷمريكي لاختزال ذلك كله، بالرقابة على السلاح الكيماوي، فهذا يعني أنه هو الذي تراجع، وليس سورية.. وإذا كان لا بدّ من الحديث عن التراجع، فاﻷمريكي تراجع إستراتيجيا، والسوري تراجع تكتيكياً.
وأمّا السلاح الردعي الحقيقي، القابل للاستخدام، فهو الصواريخ الإستراتيجية الموجودة في الترسانة السورية.. ويخطئ كل مَن يظن أنّ أسلحة التدمير الشامل، بأنواعها “النووي والكيماوي والبيولوجي” قابلة للاستخدام في هذا العصر، لا بل إنّ دورها رمزي، أكثر مما هو فعلي.. حتى أنّ الاتحاد السوفيتي السابق، كان يمتلك “20” ألف رأس نووي، ورغم ذلك لم تحمه تلك الرؤوس النووية من الانهيار والتفتت.
لا بل يمكن القول، بأنّ الرقابة على السلاح الكيماوي، تنزع ذرائع استخدام العصابات اﻹرهابية، للأسلحة الكيماوية، واتّهام الدولة السورية بذلك.
ومَن كان قادراً على تصنيع أسلحة إستراتيجية، منذ عشرات السنين، يدافع بها عن وطنه وشعبه ودولته، ليس عاجزاً عن تصنيع أسلحة إستراتيجية لاحقة وإبجاد بديل، أكثر فاعلية وردعاً، في مواجهة العدو الصهيوني ومواجهة مختلف اﻷخطار الداهمة.
ويكفي أن تسمع وَلْوَلة وعويل قوارض وزواحف ومرتزقة وإرهابيّي “بندر بوش بن أبيه” حول “استسلام سورية!!!” و”هزيمة اﻷسد!!!!!”، لكي تدرك أنّ كل مراهناتهم على “الضربة!!!!” اﻷمريكية على سورية، قد ذهبت أدراج الرياح، وأنّ كل أوهامهم في إسقاط الدولة الوطنية السورية، قد تبخّرت، وأنّ قادمات الشهور، سوف تقودهم إلى مزابل التاريخ، مهما حقنهم المحور الصهيو-أمريكي بأمصال اﻹنعاش والدعم، ومهما قدّم لهم اﻷعراب اﻷذناب من أسلحة وذخائر.
وأخيراً ألف قبلة لجبهة أسد بلاد الشام الرابض في ذرى قاسيون الرئيس بشّار اﻷسد.
-3-
[ حقّ التعبير.. وحقّ الفهم ]
– من حق كل المواطنين السوريين، أن يبدوا رأيهم كما يشاؤون، بخصوص المبادرة الروسية حول السلاح الكيماوي، سواء كان هذا الرأي مغرقاً في السلبية والتشاؤم، أو موغلاً في الإيجابية والتفاؤل….. ولكن ذلك لن يغيّر من أنّ هذه المبادرة، سوف تشكّل السلّم الذي يحقق الهبوط الآمن عن الشجرة التي وجدت الإدارة الأمريكية نفسها فيه، في ما يخص العدوان العسكري المباشر على سورية، سواء عن حساب سابق، أو عن خطأ لاحق في الحساب…. وكذلك لن ينال من عوامل القوّة والقدرة السورية، الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، في مواجهة الحرب العدوانية الصهيو-أميركية-الوهّابية-الإخونجية -الأعرابية -النفطية-الغازية، على الدولة الوطنية السورية.
– وأيّة تفاصيل يجري التطرّق إليها في هذا المجال، أو انتقادها أو التخوّف من مفاعيلها وتداعياتها، على سورية – شعباً ودولةً ومقاومةً – لن تكون إلّا تخمينات وتوقعات وتخوفات وهواجس، غير مبنية على أرضية صلبة.
– والمطلوب منه إثبات صدقيته “مصداقيته” وحسن نيته ونزاهته وفي إعادة النظر بعدوانه على سورية، هو مَن قام ويقوم بالعدوان على سورية، منذ أكثر من ثلاثين شهراً حتى الآن، وليس الجهة المعتدى عليها، التي هي “سورية”، هي مَن يجب أن يطلب منها إثبات صدقيتها ونزاهتها وحسن نيتها.. والمسألة ليست شربة ماء، وليست “مسحة رسول” تجري إزالتها بـ “رقية” بل هي مسألة مركّبة، تحتاج صموداً وإيماناً وتماسكاً وحنكةً ودهاءً سياسياً، وصلابة في المضمون ومرونة في الشكل، في آن واحد.
– والمهم، بل الأكثر أهمية، هو الثقة المطلقة، بحنكة القيادة السورية، التي واجهت العالم بكامله، ولم تتنازل ولم تهن ولم تتراجع ولم تفرّط، عبر السنوات الماضية، وبالتالي، فهي الآن وفي المستقبل القريب والبعيد، لم ولن تفرّط بذرّة واحدة من الأمن الوطني والقومي الإستراتيجي، العربي السوري، والباقي تفاصيل.
-4-
[ النفاق الأعرابي النفطي الغازي ]
إذا كان المحور اﻷعرابي النفطي الغازي “الحليف!!” للولايات المتحدة اﻷمريكية، قلقاً ومتألماً جداً، بسبب استعداد سورية للتخلّي عن السلاح الكيماوي، وإذا كان النفطيون والغازيون وأبواقهم، على هذه الدرجة العالية من الحرص على أمن سورية، وعلى احتفاظها بسلاح ردعي غي مواجهة “إسرائيل”.. إذا كانوا صادقين في هذا الحرص “المزيّف والكاذب والمخادع”، فما عليهم إلّا مطالبة “حليفتهم!!” واشنطن، بالضغط على حليفتها “إسرائيل” لكي تلتزم بعملية نزع سلاح التدمير الشامل، مقابل قبول سورية بذلك، من أجل تحقيق اﻷمن والاستقرار في المنطقة.. وما عليهم إلّا توظيف سلاح النفط وسلاح اﻷرصدة الفلكية الخليجية القابعة في البنوك الأمريكية واﻷوربية، توظيفها لدفع هذه الدول، من أجل الضغط على “إسرائيل” للالتزام بنزع أسلحة التدمير الشامل.
وإذا لم تقم هذه المحميّات الغازية والنفطية، بذلك، فلتتوقف عن التذاكي المفضوح والغبي، ولتتوقف أبواقها الرخيصة عن ذرف دموع التماسيح على “اﻷمن السوري” الذي جرى التفريط به!!!!. إنّ مَن فرّط باﻷمن السوري ومَن استباحه، بالتعاون والتضامن مع “إسرائيل” هم اﻷعراب المتصهينون في عواصم النفط والغاز، والمتأسلمون الوهّابيون واﻹخونجيون الذين تماهوا بالشيطان الاستعماري الجديد، في مواجهة بلاد الشام والعروبة واﻹسلام والمسيحية المشرقية.
-5-
[ يقول (دوستويفسكي): ]
(عندما لا يريد البعض، سماع الحقيقة، فلأنهم عاجزون عن رؤية أوهامهم، وهي تتحطم).
– وهذا بالضبط ما أدّى بأذناب الحلف الصهيو-أميركي، وخاصة اﻷذناب السلجوقية، والسعودية، وأدواتهما اﻹرهابية الوهّابية واﻹخونجية، إلى اﻹصابة بالسعار وفقدان التوازن وفقدان الاتزان، والتخبّط والنواح والعويل، والتناقض الفاضح في مواقفهم، فتارة يهاجمون الأمريكان بقسوة، ﻷنّهم لم يوجّهوا “ضربة” إلى سورية!!، وتارة يتّهمون القيادة السورية، بأنّها فرّطت باﻷمن القومي السوري، وبأنّها استسلمت للأمريكان!!!!!.
– حسناً، طالما أنّ سورية “استسلمت!!”، فلماذا توجّهون أعلى درجات اللوم للإدارة الأمريكية، ﻷنّها لم تقم بالعدوان العسكري على سورية؟؟؟!!!!!.
– ولماذا لا تستغلون فرصة “استسلام” سورية، وتقومون بما تريدون؟؟؟!!!!.
– وكيف تجلّى، اﻵن، هذا الحرص عندكم على اﻷمن القومي في سورية.. وأنتم لم تتركوا جهة معادية لسورية في العالم، إلّا وبعتم أنفسكم لها، وتحوّلتم إلى عملاء وجواسيس في خدمتها، لا بل تفوقتم على العدو الإسرائيلي في حقدكم ودمويتكم على الدولة الوطنية السورية؟؟؟!!!!.
– وكلّما ارتفع جعيركم ونعيركم وزعيقكم ونعيقكم، وأنتم تهاجمون الدولة الوطنية السورية، بشعبها وجيشها وأسدها، كلما كان ذلك، دليلاً على فشلكم الذريع.
– موتوا بغيظكم.
-6-
[ لماذا ستتراجع الإدارة الأمريكية؟ ]
عندما اصطدمت الصلافة والعنصرية الأمريكية، بأنّ ما تسميه “ضربة!!!” عسكرية محدّدة ومحدودة ، لسورية، لا تؤدّي إلى ردّ سوري (يعني باختصار: بْتَاكْلا سورية بْجِلْدا، وبْتُسْكُت) اصطدمت بجبال الوقائع وتلال الحقائق التي أجبرت الكاو بوي اﻷميركي، على أن يتوقّف عند نقاط أربع، هي:
– الزمان
– المكان
– الحجم
– المردود
اﻷمر الذي يعني أنّ اﻹدارة اﻷمريكية، سوف تكون عاجزة عن التحكم بمدّة الحرب، التي قد لا تقتصر على أيّام وأسابيع، بل قد تستغرق أضعافاً مضاعفة لذلك.
ولن تكون قادرة على التحكم باﻷمكنة البرية والبحرية التي ستمتد إليها الحرب، ولا بالبلدان التي ستصل إليها، ألسنة اللهيب.
وستفشل في القدرة على التحكم، بالحجم الواسع الذي ستأخذه الحرب.
واﻷهم من ذلك كله، أنّ مردود الحرب، لن يكون برداً وسلاماً على “العم سام” وحلفائه وأذنابه ومحميّاته، وأنّ الثمن الذي ستتكبّده، أكبر من المردود الذي قد تحصل عليه من الحرب.
إزاء هذه الحقائق الدامغة، أصيبت إدارة باراك حسين أوباما بالدوار، وبدأت بالتخبّط، بحيث صارت أمام نارين.. فإذا قادتها حماقتها وعنجهيتها، إلى الحرب، فإنّها ستكون أول الخاسرين، وإذا عادت إلى رشدها، فإنّها ستكون في طليعة الخاسرين، ولكن خسارتها، في هذه الحالة، سوف تكون أقل بكثير من خسارتها، في حال حصول الحرب.
وأمّا منظومة المقاومة، وفي طليعتها، قلب العروبة النابض ومعقل اﻵساد، فهي مستعدة وجاهزة ومهيّأة لكل الاحتمالات.
-7-
[ إيَاكمّ أن تُصَدِّقوا كلمة واحدة، مما يقوله الاستعمار ]
إيّاكم أن تصدّقوا كلمة واحدة، ممّا يقوله اﻻستعماريون، القدامى منهم والجدد، حول بلدان العالم الثالث، وانظروا إلى ما تفعله أيديهم، لا إلى ما تقوله ألسنتهم.
عندما يقول رؤساء أو وزراء تلك البلدان اﻻستعمارية، أنّهم يريدون “السلام” لشعوب اﻵخرين ودولهم، فهذا يعني أنّهم لا يريدون بهم ولهم، إلّا “الحرب”.
وعندما يقول هؤلاء أنّهم سوف يقومون بشنّ الحرب على تلك الدول والشعوب، فغالباً، ما يريدون الحصول على نتائج الحرب، دون الحاجة لشنّ الحرب.
وعندما يهدّد هؤلاء بالويل والثبور وعظائم اﻷمور، إذا لم تقم تلك الدول والشعوب، بما يراد منها القيام به، من حيث اﻻنضواء في طابور التبعية للخارج، فهذا يعني استخدام التهويل بديلاً للتنفيذ، من أجل الحصول على المردود المطلوب لهم.
وعندما يرفع هؤلاء عقيرتهم عالياً، ويرتفع صراخهم، إلى أعلى الطبقات الصوتية، فهذا يعني أنّهم يعملون على تعويض الضعف والخلل والتشتت المسيطر عليهم.
وعندما يفكر الاستعمار القديم والجديد، بشنّ حرب طاحنة على سورية، ثم يعمل على تمريرها، تحت اسم “ضربة” لن تؤدي-برأيه- إلى رد سوري عليها، قياساً على ما يقوله بأنّ سورية لم ترد على ضربات إسرائيلية سابقة عليها.. يتجاهل هؤلاء أنّ سورية لم تنم يوماً على ضيم، وأنّ سورية كانت تتعامل مع مختلف أشكال العدوان الإسرائيلي، سواء قبل العدوان المباشر أو بعده، بما يؤلم ويوجع إسرائيل، أكثر بعشرات المرّات، مما لو ردّت بشكل مباشر على كل عدوان إسرائيلي جزئي عليها، وأنّ خسائر إسرائيل الإستراتيجية، من النهج السوري في التعامل مع العدوان الإسرائيلي، سواء من حيث اعتماد نهج الممانعة السياسية، أو من حيث احتضان وتبنّي جميع قوى المقاومة ضد إسرائيل، أو من حيث رفض اﻻستسلام لإسرائيل، تحت اسم “اتفاقيات السلام”، أو من حيث بناء قوة ردع عسكرية إستراتيجية فعّالة في مواجهة الترسانة العسكرية الإسرائيلية.. هذه الإستراتيجية الدفاعية السورية الناجعة، كانت أكثر خطورة على إسرائيل بمئات المرات، من الردود الموضعية المباشرة، أو من التعامل بمنطق الفعل ورد الفعل اﻵني واللحظي.
ومع ذلك، في الوقت الذي تفكر فيه إسرائيل، بشنّ عدوان شامل على سورية، كما تفكر إدارة باراك حسين أوباما، اﻵن، سواء سمّتها “ضربة” كما يسميها اﻷمريكان، أو لم يسموها شيئاً، فإنّ الرد على ذلك العدوان الإسرائيلي، سوف يكون شاملاً وكاملاً، كما هو الرد الشامل والكامل الذي سيكون على أيّ عدوان أمريكي محتمل.
وعندما ترتضي بعض أطراف النظام العربي الرسمي، أن تنضوي تحت اﻹبط اﻷمريكي، للمشاركة في العدوان على سورية، فإنّ من السذاجة بل من البلاهة، بمكان، أن تنتظر تلك الأطراف من سورية، أن تقف مكتوفة اليدين، متفرجة على مَن يفترض بهم أنّهم بنو جلدتها، بينما هم يقفون ضدها وفي خندق أعدائها، مهما كانت ذرائعهم ومبرراتهم.. بل عليهم أن يتأكّدوا أنّ رد الصاع، سوف يكون صاعين، لهم وﻷسيادهم.
-8-
[ مخلوقات الغاز والكاز، ومعهم أحمق السلاجقة ]
إذا كان أعراب الغاز والكاز، المتبرقعون بالتأسلم المزيّف “الوهّابي واﻹخونجي”
ومعهم بقايا سلاجقة “أردوغان-أوغلو”، يمارسون السياسة بغرائزهم الجاهلية اﻷولى، وبإلغاء عقولهم، ويتوهّمون إمكانية دفعهم اﻷمريكان، للقفز من سياسة “حافة الهاوية” إلى “قعر الهاوية” حفاظاً على عروشهم وكروشهم وقروشهم.. فإنّ اﻷمريكان لا يمتلكون هذا “الترف”، وهم مجبرون على ممارسة السياسة، ببعض استخدام العقل، على اﻷقل، مهما اشتطوا في الرعونة والغطرسة والحماقة، وبما لا يقودهم -بعد دروس حرب أفغانستان وحرب العراق – إلى حروب شعواء، ليست ضرورية ولا حيوية لهم، ومهما كانت تلك الحروب ضرورية ﻷذنابهم وعبيدهم وأجرائهم.
وطالما أنّ هناك أغبياء وجهلة، في هذه المنطقة، يقومون بــ “الواجب!!!” وأكثر، باسم “الدين”، ويمولون المشاريع والمخططات واﻷجندات اﻷمريكية، من “حر!!!” مالهم النفطي والغازي، ويجنّدون “المجاهدين!!!” و”مجاهدات النكاح!!!!” للترفيه عن اﻹرهابيين الظلاميين التكفيريين المرتزقة (تصوروا إلى أي درجة، وصل العهر بهؤلاء، بحيث يسمّون الزنا الجماعي غير المسبوق في التاريخ، يسمونه “جهاداً”)، طالما أنّ هناك مخلوقات كهذه المخلوقات الغازية والنفطية، لا زالت تعيش على وجه الأرض، فما هي حاجة اﻷمريكي، ليزج بنفسه في قلب المحرقة؟؟!!.
ولكن ما لم تدركه مخلوقات الغاز والكاز، ومعها أحمق السلاجقة وتابعه، أنّ العصر سيلفظهم، وسيرميهم كالفئران الميتة، في مزابل النسيان، وفي وقت ليس بالبعيد.
-9-
[ انفضاح كل المواقع والأقلام المسمومة ]
بقدر ما كشفت الحرب العدوانية الكونية الأطلسية والصهيونية والأعرابية، على سورية، حجم الحثالات والسفالات والرذالات والزبالات، المعششة في ثنايا وطيات بعض جوانب المجتمع السوري، وكشفت زمر الانتهازيين والوصوليين والمتسللين والمتسلقين و”المتعربشين” على جدران الدولة السورية… بقدر ما كشف موضوع الرقابة على السلاح الكيماوي، مدى هذيان وهيجان وفلتان وسيلان و”ضوجان” ليس الأذناب الأعرابية والأردوغانية، فقط، – فهذا تحصيل حاصل – بل بقدر ما كشف هستيريا بعض الأقلام والمواقع التي تستميت لإظهار نفسها، بمظهر وطني وقومي ويساري وأممي ونضالي وعلماني، حيث تجاوز سعارها وجنونها في النيل من الموقف السوري الحصيف والمحكم والسليم، تجاوز مواقف المحور الصهيو- أميركي ومواقف أرانبه وزواحفه وضفادعه وعقاربه، واعتبر هؤلاء المنافقون المغرقون في النفاق والرياء والدجل، بأنّ سورية انتهت، كدولة، بمجرد الموافقة على وضع السلاح الكيماوي تحت الرقابة الدولية، وكأنّ الدولة السورية، جرى بناؤها على أساس “كيماوي” فقط، وأنه بمجرد ذهاب هذا السلاح، فإنّ الدولة السورية، ستذهب معه!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
والحقيقة أنّ هذه الأقلام والمواقع كشفت عن معدنها الحقيقي وموقفها الأصلي، وتعرّت وعرّت نفسها، كبيادق مخابراتية استعمارية خارجية متسترة ومتخفية، كان مطلوباً منها، أن تلعب دوراً ظاهراً تخفي فيه دورها الفعلي.. وعندما أيقن هؤلاء أنّ الدولة الوطنية السورية – بشعبها وجيشها وأسدها – باقية، شوكة وسهماً ورمحاً وسيفاً، في عيون مشغّليهم وأسياد مشغّليهم، فقدوا أعصابهم وفقدوا السيطرة على عقولهم، وأسهبوا وأسهلوا في التعبير عن مكنونات نفوسهم التي مضى عليها سنوات، وهم يخبؤونها ويحرصون على الظهور بعكسها.
لا بأس، فـ (المزبلة لا يتغير في قذارتها شيء، عندما تضاف لها بعض حاويات الزبالة الجديدة).
-10-
[ ماخور جامعة الأعراب ]
طالما أنّ جامعة اﻷعراب التي صادرتها مهلكة آل سعود الوهّابية التلمودية، قد مارست في اﻷزمة السورية، دوراً يتراوح بين:
(القوادة) و
(الدياثة)
أي يتراوح بين لعب دور “القوادة” كسمسار، وكمحلل” أي: “مجحش / كما يُقال في الشام” عبر تقديم الخدمات المطلوبة، للمحور الصهيو-أميركي، في عدوانها على سورية.
وبين لعب دور “الدياثة”، أي تقديم النفس والأهل، للمحور الصهيو-أميركي، لممارسة العهر والبغاء السياسي، وتسويق هذه الدياثة على أنّها دفاع عن اﻷهل.
وطالما أنّ هذا الواقع العربي الرسمي، قد بلغ أدنى درجات اﻻنحطاط عبر التاريخ، فإنّ هذه “الكوما” القاتلة المسيطرة على الواقع العربي، تستدعي زلزالاً يوقظ هذه اﻷمة من غفلتها وغيبوبتها، ويهزّها من أعماق أعماقها، قبل أن يحكم عليها التاريخ بالخروج من ساحته لمئات السنين القادمات.
ومع ذلك، ورغم ذلك، فإنّ الملحمة الكبرى التي صنعتها وتصنعها، حتى اﻵن، -إرادة الدولة الوطنية السورية “شعباً وجيشاً وأسداً” – والتي ستصنعها، إذا قامت واشنطن، بالعدوان العسكري المباشر على سورية، سوف تكون القابلة والولادة لعهد عربي جديد، يوقظ الغافلين من غفلتهم، ويرمي بحثالات “القوادة” و”الدياثة” السياسية اﻷعرابية، في مزابل التاريخ.
-11-
– تستطيع العين، أن تقاوم المخرز، عندما ينبت للعين، ظفر وناب.
– وكلما سقط ظفر وناب، يستنبت أصحاب القضية، عشرات اﻷظفار واﻷنياب.
– الحرب كر وفر، تتراجع خطوة، لتتقدم بعدها خطوتين، وبعد ذلك أميالاً.
– السياسة مناورة وحنكة ودهاء، واﻷمور فيها تقاس بنتائجها، لا بمجرياتها.
– قي العالم المعاصر، تخاض الحروب عبر اﻹعلام، ولكنها تحسم بالعقول واﻹرادات.
– الحروب صراع إرادات، ولكنها اﻹرادات الواعية الفاعلة، لا الجاهلة المنفعلة.
– الحرص الزائد واجب، ولكن المبالغة فيه، تقود إلى اﻹحجام بدلاً من اﻹقدام.
– السكون في السياسة، يعني التأسّن، وهذا يقود إلى الموت.
– الحرب الحديثة المشتركة، تتكون من حزمة من العناصر، وكثيراً ما تستدعي
المصلحة العليا، أن تتخفف وترمي بعيداً ببعض هذه العناصر، لكي تتمكن من
تحّصين وتمّنيع العناصر الأخرى، استعداداً لتحقيق النصر المبين.
– الحروب لا تُقاس بالخسائر التي يجري تكبّدها عبر سير المعارك، مهما كانت مؤلمة، ولكنها تُقاس بانتصار اﻹرادات، عندما تضع الحرب أوزارها.