خاص: جرمانا الشهادة
خاص بـ “موقع إنباء الإخباري” ـ
نص من دمشق للمحامية السورية سمر عبّود:
هي تبلغ من العمر سبع سنوات، استيقظت كعادتها في كل صباح، وكما في كل صباح ترتب حقيبتها…هو يتحدث الى صديقه في الهاتف، يقول له أين أنت، أنا أنتظرك في ساحة الرئيس، لا تتاخر… هي تودع طفليها، وتمسح دمعة يتيمة من على وجنتيها. لم يغمض لها جفن منذ أيام، فهي لا تعرف عن زوجها الذي يخدم في حلب شيئاً منذ اسبوع، تنفض أفكارها وتتابع طريقها.. هو فقد أخاه على حاجز في حلب، كان مشاغباً ضاحكاً ..رسم ابتسامة على وجنتيه حين تذكره.. كلهم في ساحة الرئيس في جرمانا .
الساعة الآن السابعة والنصف صباحاً
تصاعد الدخان وصرخت الأرض.. تطايرت الأشلاء …ونزفت سوريا دماء …حقيبتها هنا فأين هي ؟؟؟ أما هو فأين هو، كان ينتظره هنا …..هي لن تبكي الليلة، لن تبكي خوفاً وشوقاً لزوجها…. وهو يركض فرحاً مسروراً للقاء أخيه … هم بعض من شهداء جرمانا .
أما هم ، فهم أناس يتسلحون بعباءة الحقوق الإنسانية ومن أسماها الحرية. لقد باتت الحرية شعار من لا شعار له. يعبثون فساداً باسم الدين ونسَوا أن الله قال: بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين في في فحوى كتابه العزيز، وفي الإنجيل قال: لا تقتل…
منذ بعض الوقت وضعوا كمية كبيرة من المتفجرات، وذهبوا إلى هناك، إلى ساحة الموت… لم يعبأوا بقدسية الحياة، لم يثنهم عن نيتهم السوداء ضحكتها الخجولة ولا تحيته ولا ابتسامتها من وراء الدموع ولا شجاعته. قاموا بتفجير السيارة دون أن يؤنبهم ضميرهم، هذا إن كان موجوداً….
بعض الأموال ستصل بعد هذه العملية. هو قال: كلما زاد عدد الشبيحة المقتولين زادت كمية المال المتلقاة منهم. من هم؟؟ هم صناع الموت، من يموّل الجها ت المسلحة بالمال والأسلحة ليقتلوها ويقتلوه ويقتلوهم جميعاً …
ضجّت وسائل الاعلام، الموت يرسم على جدران جرمانا، رائحه الموت والدم في كل مكان، صراخ وعويل أمهات، الأشلاء الملقاة لا تترك لأحد مهلة التفكير، تفقدك صوابك لدقائق، ربما تموت للحظات، لكن يجب أن تقوم من بين الأموات لتقول كلمتك .
ها هم من تموّلهم دول تنشد النور في الظلام، تنشد الحرية في معقل الظلمات، ظهر عريهم… هيئات تسلب الحقوق من النساء، ذقون تجيز زهق الارواح ذبحاً لاختلافها في الراي… فقط لكونه “شبيح”.
لنعرّف كلمه شبيح، هو كل من خالفهم الرأي، أيّاً كان، طفلاً كان أم عجوزا، عاجزاً أم سليما. كل من يخالفهم أصبح مرشحاً لملاقاة الموت يومياً، إما بالقصف بالقذائف التي تبحث عن الحرية من تحت أنقاض البيوت، أو من بين أشلاء الضحايا.
تلك الدول التي تموّل مثل هذه الجماعات، هل وصلت الى حمّام الدم المنشود، أم ما زال في جعبتها المزيد؟هل حققتم الحرية؟؟
حرية نعم ..حرية من الأخلاق، من الضمير، من الإنسانية …حرية لتحصلوا على سوريا ضعيفة، مشتتة، غير قادرة على الوقوف لملاقاتكم، سوريا يسهل التمكّن منها، فهي هدف أول من سلسلة أهداف متتالية: وقف إمداد التسليح لحزب الله المقاوم، التسلط على الغاز والثروات الطبيعية، التمركز على خط إيران وتحويل الدولة السورية من حليفة للنظام الايراني إلى عدوة له، وإيران هي الهدف التالي، إنشاء مشروع شرق أوسط جديد. دمى في مسرح، تحرّكها أيدي أمريكا، وفي النهاية تصب في مصلحة حماية ابنتها المدللة إسرائيل، بمساعده العرب النعاج، الذين آثروا المصلحة والأموال والتبعية على العروبة.
هذا الحلم، وهذا الهدف. إلا أن حلمكم، وبعد قرابة السنتين من النزيف السوري، تحطم على أبواب سوريا.
رغم الدماء، صامدون أقوياء. برغم لحظات الضعف، قادرون على تخطي المحن. خطتكم باتت معروفة، ونواياكم واضحة، وذلك ظهر جلياً بعد أن قصفت غزة، فلم تهبّوا، ولم تسلّحوا ولم تصرخوا مذهولين من العدوان الاسرائيلي، ولم تهرعوا إلى مجلس الأمم، ولم ولم ولن تفعلوا، لأنكم لستم رجالاً ولا دعاة حقوق.
أنتم شيطان الشرق الاوسط… والله معنا
+ من آمن بي و إن مات فسيحيا +
الشهيد الدكتور طارق رياض العيد (28 سنة) الذي هرع مسرعاً لإسعاف المصابين في التفجير الأول الذي استهدف مدينة جرمانا اليوم فطالته يد الغدر بالتفجير الثاني…
وسيتم تشييع جثمانه الطاهر في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الغد الخميس 29/11/2012 في كنيسة الصليب المقدس-القصاع.
للفقيد الرحمة ولكم طول البقاء …
(من شبكة جرمانا)