حول تورط حماس في سورية
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
عندما طرحنا السؤال في بداية الأحداث السورية حول موقف قيادة حركة حماس الملتبس من الوضع في سورية جاءنا من يعاتب ويستمهل قليلا بانتظار فرصة مواتية لإعلان موقف واضح ينصر خيار سورية المقاوم في وجه من يتآمر عليها كما فعلت سورية في وجه انقلاب دايتون -دحلان في غزة !.
أولا: أوحت ردود بعض المسؤولين في حماس بداية بأن قيادة الحركة تنسق مع القيادة السورية و هي لن تسمح بأي تشابكات يستغلها تنظيم الأخوان المسلمين السوريين أو سواه مع جسم الحركة التنظيمي في إطار العمليات الإرهابية التي تستهدف الأمن السوري وعلى الرغم من وجود معطيات معاكسة لدى القيادة السورية التي وضعت يدها على جماعات من حماس تنقل الأسلحة لصالح الإرهابيين و وضعت يدها على ما هو أخطر من ذلك منذ الأشهر الأولى للأحداث في سورية، فإن قرار دمشق كان إبقاء جميع المعلومات والمعطيات بما فيها وجود مقاتلين من حماس على الأرض مع العصابات الإرهابية ، خارج أي تداول إعلامي أو سياسي و بقرار حازم ، لم تصدر كلمة واحدة عن أي مسؤول سوري في هذا الموضوع ، وكان مصدر الحرص السوري أن القيادة في سورية تعتبر حماس جزءا أساسيا من منظومة المقاومة في المنطقة وهي تحرص على عدم مقابلة التخريب والتآمر ، بأي موقف عدائي رهانا منها على تحريك نقاش داخل حماس و بين قيادتها و سائر الحلفاء الذين لم يتأخروا عن المعاتبة و النصح و المكاشفة ، حول صواب موقف القيادة التي وضعت ولاءها لقيادة التنظيم العالمي للأخوان المسلمين فوق ولائها لخيار المقاومة والصمود.
ثانيا: بعض الذين برروا صمت حماس في بداية الأزمة وعدم إدانتها للمخطط الاستعماري التركي الخليجي الذي يستهدف سورية ، بحجة عدم التدخل في الشؤون الداخلية ، وهذه العبارة استحضرها بالتحديد الصديق الأستاذ منير شفيق في رده على الدعوات إلى وجهها أكثر من كاتب وسياسي من الفريق الوطني إلى قيادة حماس للخروج عن صمتها وارتأى الأستاذ شفيق يومها أن عدم التدخل في الشؤون السورية الداخلية هو الموقف الحكيم الذي اختارته حماس انسجاما مع الشعار نفسه الذي أنتجته حركة فتح بعد انطلاقة العمل الفدائي الفلسطيني ، وكم كنا نتمنى لو صح ذلك ولم تنتقل حماس إلى التورط المباشر في الأحداث، بداية عبر وسائلها الإعلامية ومن ثم من خلال بعض المجموعات المقاتلة التي زجت بها إلى جانب الذراع العسكري لتنظيم الأخوان المسلمين وجماعات الإرهاب والتكفير على الأرض السورية وصولا إلى الإعلان عن تشكيل جماعة فلسطينية مقاتلة تنتمي إلى هذا الخليط الإرهابي.
ثالثا: إن الغاية المركزية من خطة تدمير الدولة السورية التي ينفذها الأخوان المسلمون وفصائل التكفير العالمية بدعم من الحلف الأطلسي وتركيا وقطر والسعودية هي فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة بعد التخلص من العامود الفقري لمنظومة المقاومة الذي تمثله سورية.
إن الحرب العالمية على سورية تقع على ذات النسق مع عملية تدمير الأنفاق في غزة و الغارة الصهيونية على الخرطوم ، وتراجع محمود عباس الصريح والمعلن عن حق العودة ولجوء حماس إلى الحضن القطري التركي الأخواني ، وتشدد الرئيس المصري محمد مرسي في الالتزام باتفاقيات كامب ديفيد، تلك ليست إلا حلقات متصلة من خطة شاملة لفرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة و تصفية قضية فلسطين وكل تورط في التآمر على سورية يقع في هذه المنزلة بالذات ، وليس له أي تفسير آخر ومن الواضح تماما أن الرعاية القطرية لقيادة حماس هي مؤشر استدراج إلى هاوية الاعتراف والتطبيع والشراكة مع السلطة الفلسطينية في صكوك إنهاء القضية والتخلي عن حق العودة ، والتورط في الحرب العالمية ضد سورية يبدو اليوم كثمن تدفعه بعض القيادات في حماس لقاء تذكرة في قطار التصفية الأميركي الخليجي التركي.
رابعا: ان قيادات وكوادر ومناضلي حماس المقاومين مطالبون بموقف يضع حدا لهذه المأساة وهم يعلمون أن سورية التي تحدى رئيسها كولن باول على حافة حرب كبرى لحماية قادة حماس ولإبقاء الحضن السوري مفتوحا لخيار المقاومة الفلسطينية، مدينة لهم أخلاقيا و وطنيا وقوميا بموقف واضح فهي التي نصرت فلسطين يوم عز النصير وهي التي منعت شطب حق العودة في القمم العربية وقاومت تفكيك المسارات التفاوضية بعد مؤتمر مدريد وعطلت مشاريع التطبيع مع العدو .
إن الجيش السوري والشعب السوري هم رفاق سلاح لكل مقاوم عربي وفلسطيني على وجه الخصوص ومن يتورط في استهدافهم يطعن قضية فلسطين وخيار المقاومة.