حماية المُستهلِك، بين المنبر النيابي وقوس القضاء
موقع قناة المنار-
أمين أبوراشد:
كانت لافتةً كلمات النواب في جلسة الثقة بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وهي على اختصارها، جاءت نماذجَ عن الأداء السياسي في لبنان منذ عشرات السنوات، ولو أن كلمات بعض النواب شكَّلت خروجاً عن العموميات، وسمَّت الأمور بمسمياتها، وما تطرَّق إليه النائب فضل الله أو النائب جبران باسيل وبعض النواب في حديثهم عن ملفات الفساد، يُلزم النيابات العامة بتلقائية التحرُّك، بصرف النظر عن الظروف التي تُسيِّس كل ما هو قضائي وتُقيِّد الواجبات الوظيفية لأصحاب الإختصاص.
لن نذكر كلمات النواب التي تأتي في سياق الهجوم السياسي وتُحلِّق في الإتهامات العشوائية، ومن جهة أخرى، فإن السياق الثابت الذي تنتهجه كتلة نيابية أو أي نائب فيها على مدى سنوات بالتصويب والتسديد على مكامن الخلل، ينقل الكرة من الملعب النيابي الى مرمى القضاء، وحسبُ هذه الكتلة أو هذا النائب أنهم أدُّوا قسطهم من الواجب وأكثر، ليس فقط في كارثة الفساد المُستشري، بل مباشرة في الأمور التي ترتبط بحماية المستهلك اللبناني الذي بات يسكن الطوابير، ويدفع من اللحم الحي عشرة أضعاف سعر المادة والسلعة لو حصل عليها.
نشير الى كلمة للنائب حسن فضل الله في نيسان من العام 2017، في إحدى جلسات مُساءلة الحكومة يومذاك، عن الهدر الحاصل في مالية الدولة نتيجة الفساد او الوظائف الوهمية او والإيجارات وغيرها ، وقد تم تمَّ تكليف النائب فضل الله برئاسة لجنة من حزب الله عام 2018 للبحث في ملفات الفساد، وقيام هذه اللجنة بتوثيق كل ما توصلت إليه ضمن تقارير دقيقة، وتسليمها الى الجهات القضائية وفق الأصول، ولم يُحرِّك القضاء ساكنا حيال العديد من الملفات وهذا ما أعلنه النائب فضل الله في جلسة منح الثقة للحكومة منذ أيام.
هذه الأنشطة الشبه يومية بوجه الفساد تُلامس عن قُرب أوجاع الناس، وتساؤلات النائب فضل الله حول الإحتكار والأرباح المشبوهة المُحققة للتجار من تعب الفقراء وأرزاقهم، وتأييد الحملة التي قام بها الجيش اللبناني في مداهمة مستودعات ومخزونات المواد الأساسية، توصلنا الى كلام وزير الإقتصاد أمين سلام، حول ضبط الاسعار، حيث اشار الى أن 150 سوبرماركت تنتسب الى نقابة أصحاب السوبر ماركت في لبنان أبدت تجاوباً لتخفيض الأسعار بطريقة عادلة، لكن هناك 22 ألف محل على امتداد لبنان غير مُسجلين في النقابة ويجري التواصل معهم. مع الاشارة الى ان عديد مراقبي وزارة الاقتصاد حوالي 70 على كافة الاراضي اللبنانية حسب ما اكدت الوزارة اكثر من مرة.
4 سنوات على الأقل، نفس النائب يتحدث عن فائض في عديد القطاع العام ووظائف وهمية، وما زال عديد مراقبي الوزارة 70 شخصاً؟ فما هو العائق أمام إجراء تشكيلات في القطاع العام لصالح وزارة الإقتصاد، أو لصالح المؤسسات الرقابية الأخرى، ونحن نرى الجيش اللبناني يقوم بدور مصلحة حماية المستهلك تلبية لصرخة الناس؟ والى متى يستمر هذا الإشكال الدستوري وهذا الخلط في عمل المؤسسات العامة والشعب اللبناني ينتقل بسرعة دراماتيكية من طوابير الشراء الى طوابير الجوع؟، والجواب لدى المؤسسات الدستورية ولدى القضاء…