حلم الـ4G في لبنان: مناله ليس قريبا!
فيفيان عقيقي – صحيفة الأخبار اللبنانية
أعلن الوزير بطرس حرب تدشين 350 موقعاً جديداً لتجهيز شبكات الاتصالات اللبنانيّة بتقنيّة الـ4G، واعداً بالاستفادة منها نهاية العام الحالي. إعلان شعبوي يدغدغ آمال اللبنانيين بخدمة إنترنت أسرع وجودة إتصالات أفضل، “تشفط” ما لم تستحصل شركات الاتصالات عليه بعد، من جيوبهم، أمّا الموعد، فلن يكون قريباً كما يؤكّد حرب.
هذه ليست المرّة الأولى التي يطلّ فيها وزير الإتصالات بطرس حرب للإعلان عن موعد تمتع اللبنانيين بتقنيّة الـ4G، “المتوقّع أن تنقل لبنان إلى عصر متطوّر في عالم الاتصالات عبر ترقية الشبكات الحاليّة”. قبل سنة رفع حرب شعار “رؤية الاتصالات الرقميّة – لبنان 2020″، باعتباره “خطّة خمسيّة” لتطوير قطاع الاتصالات والمعلومات، ليعود ويطلّ، أمس، معلناً تدشين مواقع جديدة، ستخوّل كلّ اللبنانيين الاستفادة من الـ4G مع نهاية العام الحالي.
يفاخر حرب بأنه أنجز المشروع في ظلّ الشلل الذي تعانيه مؤسسات الدولة معلناً تجهيز 350 موقعاً حتى الآن. يستنجد بـ”حِكَم تشرشل” ليؤكّد على “مسيرة” سيتابعها لينجز بغضون شهرين (أي نهاية أيلول) مشروع تجهيز مواقع “الجيل الرابع” البالغ عددها 2630، ستزوّد كلّ المناطق بهذه التقنية مع نهاية العالم الحالي، فهو “لن يتوقف لرمي الحجار على كلاب تنبح بوجهه”، بحسب تعبيره، باعتبار أن وزارته تعرف ماذا تريد، ولديها خطّة ستنفّذها. يحاول حرب، جاهداً، تعريف التقنية وفوائدها، يقول “الـ4G يعني الجيل الرابع”، وكأنه اكتشاف فريد، متابعاً: “واللي بده يعيّط يعيّط، اللبنانيون سيستفيدون منها”. ولأنه لا يقبل لبلده إلّا أن يكون “نمرو واحد”، فهو لن يسمح بتمرير الصفقات من خلال الوزارة التي يدير.
الوزير الطامح لمواكبة تطورات تكنولوحيا الاتصالات، نسي فضيحة صفقة توريد أجهزة الجيل الرابع (سبق أن كشفت عنها “الأخبار” في عددي 30/12/2015 و23/1/2016) حيث جرى استبعاد ZTE لمصلحة Huawei (الشركتان صينيتان) مقابل سفرة مجانيّة له إلى الصين. كما أن كلفة المشروع كانت ستكون أقل بنحو 30 مليون دولار، لو وُضعت شبكة الألياف الضوئية المنجزة في الخدمة لنقل هذه الخدمات بواسطة شبكة هوائيّة من نقطة إلى أخرى، بدل شراء أجهزة للقيام بهذه المهمة. ونتيجة تلك المناقصة فازت كلّ من شركة Huawei، وEricson وNokia؛ لزّمت الأولى توريد معدّات لـ75% من الشبكة التي تديرها شركة Touch في بيروت والجنوب، ولزّمت الثانية النسبة نفسها من الشبكة التي تديرها شركة Alfa في الشمال امتداداً إلى البقاع، وحصلت Nokia على نسبة الـ25% الباقية من شبكتي الشركتين. مع الإشارة إلى أن Touch حصلت على امتياز تركيب 1415 موقعاً، فيما حصلت Alfa على 1215 موقعاً، تبلغ كلفة تجهيز الموقع الواحد 22.900 دولار أميركي.
ينسُب حرب لنفسه إنجازات تكاد تكون وهميّة. عام 2009 أُطلق مشروع الشبكة أيّام الوزير شربل نحّاس عندما أجرى مناقصة لتزويد شبكات الاتصالات اللبنانيّة بخدمة الـ3G، واضعاً هذا القطاع على سكّة التطوّر بعدما حُكم بشبكة متخلّفة منذ عام 1994. وأيام الوزير نقولا الصحناوي أنجز 200 موقع لتجهيز الشبكات بتقنيّة الـ4G في بيروت الكبرى ومدن ساحليّة مثل جبيل والبترون، وهي تدخل ضمن المواقع الـ350 التي أعلنها حرب. إضافة إلى ذلك، يبدو أن اللبنانيين سيكونون على موعد مع إطلالة أخرى لحرب للإعلان عن موعد آخر للاستفادة من تقنية الـ4G، فبحسب مصادر “الأخبار” هناك صعوبة في انتهاء تجهيز المواقع كلّها مع نهاية أيلول، وخصوصاً أن مناقصة توريد الهوائيات بُتّت قبل يومين وتحتاج لأشهر قبل وصولها إلى لبنان، فيما مناقصة الـmicorwaves مازالت عالقة بانتظار بتّها خلال شهرين.
بالنسبة للوزير بطرس حرب، ما يقوم به هو “إعادة إنعاش قطاع الإتصالات. واللي مش عاجبو ما يعجبو”، حسمها الوزير بكلمتين، إلّا أن ما يعانيه قطاع الاتصالات منذ عام 1994 حتى اليوم، من فساد و”شفط” أموال المواطنين، لا يبدو أن الاستثمار الجديد سيضع حداً له.
في عام 2002، إستردّت الدولة اللبنانيّة ملكيتها لشبكتي الاتصالات من شركتي “ليبانسيل” و”سيليس”، لكن بدلا من انشاء شركتين مملوكتين من الدولة قادرتين على التطوير، إرتأت تلزيم الادارة والتشغيل لمجموعة “زين” الكويتيّة (لإدارة وتشغيل شبكة Touch) وشركة “أوراسكوم تلكوم” المصرية بعد شركة فال ديتي الالمانية (لإدارة وتشغيل شبكة Alfa)، وكأنها في مرحلة إنتقاليّة قبل إعادته إلى القطاع الخاصّ. منذ ذاك الوقت، يجري استخدام شبكتي الخلوي كاداة لجباية الايرادات وتوزيع الريوع والمنافع، فيما الشركتان المشغلتان لا تفعلان شيئا بالفعل سوى اقتطاع اجر لهما في مقابل ادارة عملية توزيع الريوع على القوى المسيطرة.