حكومة ميقاتي بين العروض الإيرانية والإعراض السعودي: أين ستقف؟
موقع الخنادق:
شهر على تشكيل حكومة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي وضع على جدول أولوياته تأمين زيادة ساعات التغذية الكهربائية، ولا تزال تحاول جمع دعم دول الخليج والدعم الدولي بعد فترات طويلة من الوقت الضائع ما بين التكليف والتأليف، وفي ظل التشديدات المستمرة من عوكر وإدارة البيت الأبيض، فهل تكون معالجة الضائقة الاقتصادية والمالية والمعيشة فرصة تنتهزها الحكومة الجديدة لاستعادة سيادتها الحقيقية وللتعبير عن مسار مختلف يؤمن فعلاً إصلاحات للبنان على المديين القريب والبعيد؟
إيران: حلول غير مشروطة للبنان
أعادت الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان التأكيد على المشاريع والعروض الإيرانية للبنان، غير المشروطة لا بأسماء ولا قرارات سياسية ولا بتدخلات في الشؤون الداخلية اللبنانية لا سيما الاستحقاق الانتخابي النيابي المقبل.
ومن أهم المشاريع التي تطرحها الجمهورية الإسلامية هي بناء محطتين لإنتاج الكهرباء واحدة في بيروت وأخرى في الجنوب بمدة زمنية قياسية لا تتخطى الـ 18 شهراً فيما كان وزير الطاقة السابق ريمون غجر قد قال خلال اجتماعه مع نظرائه السوري والمصري والأردني في العاصمة عمان ان لبنان يحتاج لـ 450 ميغاواط لتحسين عدد ساعات التغذية بالتيار الكهربائي للمناطق اللبنانية ما يعني ان المشروع الإيراني بقدرته انتاجية البالغة 1000 ميغاواط سيسد الحاجات اللبنانية الكاملة من هذه الطاقة، وهذا المشروع هو الأقل كلفة مالية في تاريخ لبنان، مقدّم بالليرة اللبنانية والحكومة غير ملزمة بآلية دفع محدّدة إنما تقرر الطريقة التي تناسبها . ولم يكن ملف الكهرباء هو العرض الإيراني الوحيد، فطهران سبق وان اقترحت على الحكومات اللبنانية حلول لأزمة النفايات وإنشاء معامل متطورة لتحويل هذه النفايات الى طاقة كهربائية، واخرها كان عام 2020 حيث عرض رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إنشاء مصانع أدوية في لبنان كما استقدام الادوية الإيرانية والمشتقات النفطية، فلو كانت الحكومات السابقة قد استثمرت هذه العروضات هل كان وصل اللبنانيون الى طوابير المحطات والى سوق المتاجرة بصحة ووجعه؟
السعودية: مقايضة سياسية
ان من تعوّد في الحكومات اللبنانية المتعاقبة على انتظار “الموافقة” والضوء الأخضر السعودي – الأمريكي لا يقنع بعد بان الرياض لا تضع اليوم لبنان على جدول اهتماماتها وأولوياتها، فهي حالياً تبحث سبل الخروج من مأزقها في الحرب على اليمن، وتستعجل عودة العلاقات الدبلوماسية والتوصل الى إيجابيات في المفاوضات بينها وبين طهران. وإذا ما قررت الالتفات الى لبنان فلن يكون الا من أجل تدخلها في الانتخابات النيابية من بوابة توثيق التحالفات بين حزب القوات اللبناني ومجموعات المجتمع المدني، اما عن الدعم المالي فلن تقدّم السعودية الهبات والمساعدات بل تشترط ما تسميه ضمانات سياسة واقتصادية من الحكومة اللبنانية، وتلتقي مع المبادرات الفرنسية التي تشير الى ضرورة تقديم إصلاحات “جدية” والعمل على “مكافحة الفساد” في لبنان حتى لا تضيع عشرات الملايين من الدولارات مرة جديدة، كما تشترط اتفاق الحكومة مع البنك الدولي.
اذاً ان حكومة ميقاتي اليوم أمام طريقين أو خيارين، اما تقرر المضي بحيث تقتضي المصلحة اللبنانية فقط وتخفيف حدّة الأزمات عن اللبنانيين باستثمارها العروض الإيرانية، مما قد يفتح الأبواب أمام استقبال المشاريع الروسية والصينية، او البقاء على خيار الاستمرار بالنهج القديم والعقلية التي لا تقبل الا بالهيمنة الامريكية على حساب لبنان ومصالحه وشعبه.