حق العودة ( مقدس ) لايملك أحد التنازل عنه
موقع إنباء الإخباري ـ
د.محمدابوسمره
سياسي / مؤرخ وخبيرإستراتيجي
رئيس تيار الاستقلال ، ومركز القدس للدراسات والإعلام والنشر ( القدس نيوز ):
من الثوابت الهامة والمقدسة لدى كل الفلسطينيين ( حق العودة ) ، وهذاالحق المقدس بقدر ماهو حق فردي ، عيني لكل فلسطيني وفلسطينية، فهو أيضا حق جمعي ، وجماعي ، للمجموع الفلسطيني ، ولكل مكونات المجتمع والشعب الفلسطيني ، وخصوصاً اللاجئين الفلسطينيين ، الذين هجّروا من وطنهم ، وطُردوا من مدنهم وقراهم وديارهم وبيوتهم قسراً ، منذ إعلان وعد بلفور المشئوم في الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني 1917، وحتى النكبة الكبرى ، وإعلان إقامة الكيان الصهيوني السرطاني فوق الجزء الأكبر من أرض فلسطين المقدسة 15مايو / آيار عام 1948 ، فتم تهجير الكثير من اللاجئين الفلسطينيين نحو الضفة الغربية المحتلة ، والتي بقيت تحت الوصاية الأردنية ، وقطاع غزة الذي بقي وديعة لدى مصر حتى نكبة 5 يونيو/ حزيران 1967، أما الجزء الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين فقد تم طردهم ونفيهم وتهجيرهم خارج فلسطين المحتلة ، فكان النصيب الأكبرفي اللاجئين هو للأردن ، ثم لبنان ، سوريا ، فالعراق ، ومصر ، ثم دول الخليج العربية.
وإستقبلت جميع الدول العربية والإسلامية منذ عام 1948مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين ، ثم تكررت مجدداً مأساة اللاجئين الفلسطينيين مرة ثانية عقب نكبة 5 يونيو/ حزيران 1967، والتي نتج عنها إحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية ، هضبة الجولان السورية ، فتم طرد ونفي آلاف العائلات والأسر الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة اللذان خضعا بالكامل للإحتلال الصهيوني نحو الأردن ، ولبنان وسوريا ، ومصر ، وغيرها من الدول العربية.
وأخذ الإرهابيان المقبوران موشيه دايان ، وإسحاق رابين ، ومعهما المجرم الملعون الإرهابي آرئيل شارون ، وغيرهم من جنرالات وقادة جيش العدو ، على عاتقهم إزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من الوجود في قطاع غزة عقب نكبة 1967 ، كونها كانت ، ولازالت تعتبر الحاضنة الخصبة لخلايا الفدائيين الفلسطينيين ، والتي أحالت وجود الاحتلال الصهيوني جحيماً ، فقرر إزالة الأزقة ، وتوسيع الشوارع ، وهدم آلاف المنازل في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة ، وطرد الآلاف من سكانها اللاجئين إلى مدينة العريش وصحراء شبه جزيرة سيناء المصرية المحتلة ، ورغم محاولات الاحتلال الصهيوني المستميتة والمتتالية لشطب قضية اللاجئيين الفلسطينيين وحق العودة من الوجود ، وعدم القبول بأي حل سياسي لإعادة الحقوق للاجئين الفلسطينيين ، الذين أحتلت ديارهم وممتلكاتهم وبيوتهم ، ويضمن عودتهم لديارهم التي طردوا منها ، إلا أن كافة محاولات الاحتلال الصهيوني باءت بالفشل ، وخصوصاً أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين كفلته كافة قرارات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن الدولي ، وكافة مقررات والشرعية الدولية. عدا عن ذلك ، فإن هذا الحق ووفق نصوص القانون الدولي لا يسقط بالتقادم ، كما أن الأجيال الفلسطينية المتتالية تتوارثه جيلاً وراء جيل، ولايوجد شخص فلسطيني واحد يمكنه أن يفرط بحق العودة، كما أنه لايوجد ، ولن يوجد ، قائد فلسطيني ـــ أياً كان، يملك الجرأة لكي يسجل التاريخ أنه هو القائد الفلسطيني الذي تنازل عن حق العودة، وليس هناك من هو مخوّل للتنازل عن حقوق عشرة ملايين لاجئ فلسطيني، ينتشرون في شتى بقاع الأرض.
وسيبقى الفلسطينييون يحلمون صباحَ مساء بالعودة إلى ديارهم المقدسة، وبيوتهم وديارهم وأملاكهم التي هجروا منها قسراً، ففلسطين في نظرهم جميعاً، ليست فقط ذلك الوطن الغالي والمقدس والنفيس، الذي اغتصبه الكيان الصهيوني، إنما هي في نظرهم قطعة من ( جنة الله، الموعودة لعباده الأتقياء )، والعودة إليها ستكون حتماً يوماً ما واقعاً ملموساً بإذن الله، لأن وعد الله الصادق للمسلمين، وعباده المخلصين (عباداً لنا ، أولي بأسٍ شديد): أن هذا الكيان الصهيوني الغاصب لن يبقى ، وسيزول من الوجود ، وسيعود أهل فلسطين لديارهم ، ويسود المسلمون الأتقياء/ الأقوياء/ الصادقين ، وجه الأرض ، وصدق الله العظيم بقوله في سورة الإسراء: (فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةٍ ، وليتبروا ما علوا تتبيرا) .
وإننا نؤكد أن حق العودة الفلسطيني، حقٌ مُقدس ، يستمد قداسته من خصوصية الأرض الفلسطينية، وقداستها ، ومكانتها المميزة عند الله تعالى، وعند نبيه الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وعند ملائكته الكرام .. وإنا لعائدون باذن الله.