حقيقة ما حدث في كسب .. قرى الأرمن وتهجير جديد
كسب البلدة السورية، لم تتأثر بشكل مباشر عبر الأحداث التي مرت على البلاد خلال السنوات الثلاث من عمر الازمة، إلى ان جاء الإيعاز بتخريب حياة أهلها المدنيين المسالمين، ونسف النسيج الاجتماعي السوري الذي لم يَتخذ معيارا للعلاقات بين أبناء البلدة والقرى رغم أكثريته المسيحية سوى معيار المواطنة.
تهجير جديد عبر التاريخ؛ نعم لم ينسَ الأرمن أوجاع مجازر العثمانيين التي ارتكبت بحقهم منذ مئة عام، لكن ربما يكون للزمن مفعول أن يخفف عليهم قليلا.عامل الزمن هذا ضاع وذهب هباءً اليوم على يد من أسموه “العثماني الجديد”.
موقع المنار الالكتروني التقى (كارو مانجيكيان) الناطق الرسمي باسم المسيحيين الأرمن في بلدة كسب السورية، ليروي كناطقٍ رسمي وشاهد عيان على ما حدث كل المجريات التي جعلتهم يجزمون بأنها فكرة “التهجير الجديد المتعمد”.
هم سوريون رغم أصولهم الأرمنية، هذا أول ما يفتخرون به، بدأ كارو كلامه بهذه العبارة، ليسرد الأحداث كيف بدأت ليلة 20 آذار الماضي، شباب من كسب ومحيطها كانوا يشكلون قوى لحماية قراهم من الاطراف تحسبا لأي طارئ، خاصة بعد ما شهدوه من أحداث في المناطق الاخرى من البلاد وتعلموا منها، تفاجأوا كما الأهالي بهذا التدفق الكبير للمسلحين، يقول كارو “حوالي 150 قذيفة هاون أطلقت من الثكنات التركية واستقرت بين المنازل في البلادة، لتليها شاحنات محملة بالمسلحين انطلقت من الأراضي التركية عبر الطريق المحاذية للثكنات العسكرية، وصل المسلحون إلى القرب من المخافر الحدودية وبدأ إطلاق النار بشكل كثيف، رافقه إطلاق قذائف (آر بي جي)” ، أكد كارو مانجيكيان أنه رأى بعينيه كيف انطلق صاروخ تركي من الثكنات مستهدفا مخفر قرية الصخرة التي يقطن فيها كاور” ليضيف “أنه لولا التدخل العسكري التركي في دعم تدفق المسلحين لكانت القوى الشبابية استطاعت لجم هذا التدفق إلى أن تصل قوة الدعم والمؤازرة السورية لكن الصواريخ التركية التي أطلقت من ثكناتها على النقطة 45 ونبع المر، كانت أسرع من كل شيء”.
يتابع المتحدث وهو يروي لموقع المنار عن معاناة المواطنين أثناء هروبهم بما عليهم من ثياب فقط، واصطحابهم الأوراق الرسمية الأساسية، استقلوا أي مركبة تنقلهم إلى الاماكن الآمنة بعد ضياع الامان في بلدتهم، واتجهوا نحو اللاذقية ليجتمعوا في الكنيسة هناك وفي الاماكن الشعبية واللجان الإغاثية المحلية، ليتأمن لهم ما يلزمهم من أماكن إقامة ومستلزمات معيشية أساسية.
أما المعاناة الشخصية لكارو فتعكس معاناة الأهالي البقية كما أورد، حيث اضطر كارو أن يساير رفض والده ذي الثمانين عاما في البداية الخروج من القرية، فارتبك بوالده وأولاده، كما حدث مع باقي الأهالي، إلى أن لم يبق غيرهم في القرى المنكوبة هم ومجموعة أخرى وكانوا آخر دفعة غادرت البلدة، أناس ذهبوا باتجاه مكان لا يعرفون فيه أي عنوان لولا مساعدة اهالي اللاذقية.
الوجهة كانت من كسب إلى قرية النبعين باتجاه رأس البسيط قبل وصولهم المدينة، ليكون عدد العائلات 800 عائلة منهم عائلات نزحت إلى كسب في وقت سابق من الرقة وحلب، بينهم 450 عائلة مسيحية.
بقي من الاهالي نتيجة الارتباك حوالي 35 شخصا من كبار السن، لم يستطع أهلهم مساعدتهم وسط وابل النيران، كما أنه تم اختطاف 22 شخصا من القرى وأخذهم الى قرية الوقف وهي القرية الأرمنية الوحيدة الباقية في لواء اسكندرونة، تقع خلف جبل الزاوية وفيها فقط 20 عائلة، وهؤلاء الأشخاص المختطفون يتم العمل على نقلهم إلى البطريركية استعدادا لنقلهم إلى بيروت وثم إلى ذويهم، وهنا ينفي مانجيكيان ما صرحت به الحكومة التركية حول التفاوض على مساعدتهم ومحاولة تحريرهم، مضيفا “هذا التصريح محاولة من أردوغان لتلميع الصورة اللاإنسانية لهم”.
يبقى اللوم بنظر أهالي كسب على من يرونه الفاعل الأساسي الذي لم يستغربوا فعلته، فبرأيهم من ارتكب اجداده مجازر بحق شعبهم خلال أكبر تصفية عرقية عبر التاريخ، جدير به أن يفعل هذا، ورجب طيب أردوغان هو المسؤول الأول والاخير عن كل ما حدث في كسب برأي أهل البلدة المنكوبة.
قرى كسب المسيحية هي النبعين، الصخرة، السمرا، الشجرة، الطلال، الغزالة، الربوة، المشرفة، والتي تحمل أيضا تسميات محلية أرمنية فضل كارو عدم ذكرها لأن اسمها السوري بالنسبة له أفضل وأجمل، بقيت هذه القرى خالية من سكانها الأصليين، يحتلها اليوم مسلحون “إسلاميون” متطرفون، وينتظر الكسبيون أن يتم تحرير بلدتهم ليعودوا كما كانوا سالمين إلى ديارهم .
موقع قناة المنار