حقوق الأُورثوذكس.. الوقفية والتحررية
صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا:
قيام شرطة السلطة الفلسطينية بإعتقال مجموعة من الشبيبة العربية الفلسطينية الاورثوذكسية في قصر المؤتمرات ببيت لحم، إثر هتافهم بحضور البطريرك غير الشعبي ثيوفيلوس “غير مستحق”، خطوة جد خطيرة، لها أبعاد مادية ومعنوية كارثية على السلطة الفلسطينية نفسها، وعلى الرئيس محمود عباس شخصياً، وعلى النضال الفلسطيني الحقيقي من أجل دولة فلسطينية مستقلة وسيّدة في واقعها، وغير تابعة للاحتلال الغاشم والاستيطان المستشري افقياً.
في اعتقال الشبيبة المسيحية دلالة على إتّساع سلطات البطريرك ثيوفيلوس في السلطة الفلسطينية ذاتها. فالشرطة هي مؤسسة رسمية، وتابعة لوزارة الداخلية، أي لوزارة سيادية بالمفهوم الدولتي، ولا يجب على غير الوزير المكلف بإدارتها التدخل في شؤونها وحرفها عن مسارها. ويكشف الحدث الجلل في اعتقال الشبيبة، بأن لدى البطريرك غير المعترف به من معظم الرعية، تأثير كبير على مؤسسات فلسطينية رسمية، برغم من أنه يقوم بتهويد الارض الفلسطينية، ويرهنها للاحتلال، تماماً كما فَعل بعض سلفه من اليونانيين، بصهينة الاوقاف المسيحية، وتهويد الكنائس والمسيحيين حتى، عندما يقف مكتوف اليدين بوجه “الخوري” ندّاف، الداعي الى تجنيد المسيحيين في جيش الصهيونية الدولية، ومحاكمة كل شاب مسيحي لا يتجند في جيش الدويلة الاحتلالية.
إعتقال الشبيبة المسيحية، مؤسف للغاية وغير مُبرّر. فلكل هؤلاء المواطنين رأي خاص بهم كمسيحيين في قضية مسيحية داخلية، صارت بإمتياز ملفاً وطنياً فلسطينياً، وملفاُ عربياً واسلامياً، وآخر عالمياً.
فبيع أراضي المسيحيين وأوقاف الكنيسة لإقامة برلمان تهويد فلسطين، الكنيست، عليها، وتشييد وزارات الاحتلال بالقرب من المسجد الاقصى وكنيسة القيامة، وبيوت الوزراء والمسؤولين وغيرها، لا يقبله منطق ولا يوافق عليه سوى ذليل وخانع.
زد على ذلك، إمعان البطريرك بتبرئة ندّاف من كل خطاياه السياسية، في رسائل أرسلها “غبطته” لمسؤولي الاحتلال كشفت عنها الصحافة الاسرائيلية قبل الفلسطينية والعربية، وما الإبقاء على الخوري “عاملاً” ومُجللاً بالدعم والمُساندة للكيان الاحتلالي، سوى انكشاف لمؤامرة كُبرى لتهويد شعب فلسطين بعد تهويد مقدساتنا منذ عشرات السنين، وعشية رفض اوباما لدولة فلسطينية مستقلة، بهدف الإبقاء أمريكياً على كل فلسطين رهينةً بيد الغاصب الاوروبي والامريكي مِن شُتات المُستوطنين وقطاع الطُرق والقتلة الاجانب الإحلاليين.
إعتقال الشبيبة الاورثوذكسية فلسطينياً هذه المرة، وليس صهيونياً، يَضع علامات استفهام كبرى على فِعلتها، وعلى واقعها وحركتها هذه، وأقل مايمكن ان يُقال بحق تلكم التحرّك، انه تقليص لحق التعبير عن الرأي في قضية وطنية مسيحية، والإذن بعدائية وعنصرية أجنبية تجاه الرعية الاورثوذكسية التاريخية وأم الكنائس، التي يَعتبرها البطريرك إيّاه غير عربية، بل رومية يونانية، لا تتقن اللغة اليونانية، في محاولته منه لتبرير وتبرئة هيمنته عليها وتشريع بيع أطيانها، وتشريع تسليم إدارة المقدسات المسيحية وبعدها الاسلامية للصهيونية الدولية، مُمّثّلةً برأس حَربتها، دويلة اسرائيل، التي هي حَربة دولية للاستعمار العالمي المتعدّد الألوان.
للاورثوذكس العرب في فلسطين كل الحق للإعراب عن رأيهم في كل قضية سيّما الوطنية المسيحية. ومِن المُلِح ضمان حقوقهم هذه دولياً، في حال عجز السلطة عن حمايتها من تسلّط دخيل أجنبي عليهم، مرتبط بدولة لا تأبه لسحل مقدساتهم الوقفية.
هذا الاجنبي الذي سيكون مصيره كغيره ممن سبقوه، الرحيل عن فلسطين بعد إنهاء “مهامه” التدخلية، عائداً لمسقط رأسه الخارجي، مُحمّلاً بالكنوز والملايين، من نهب أراضينا وأوقافنا، أمام أعيننا وأعين كل سلطات العالم “المتحضر” وليس الفلسطينية لوحدها فحسب..
thestarrus@yahoo.com *كاتبة وإعلامية ورئيسة تحرير الملحق الروسي سابقاً بالأردن