حزب الله وحرب الادمغة مع اسرائيل حلقات من مسلسل طويل
يبقى الصراع الاساسي في المنطقة بين المقاومة اللبنانية والجيش الاسرائيلي بجميع اجهزته الاستخباراتية والدبلوماسية وكل قطاعات الجيش الاسرائيلي من سلاح الجو الى البر الى البحر ، والتي لا تسهو عينها عن مراقبة حزب لله الذي اتعبها واقلقها ، وقد بان الارتباك على القيادة الاسرائيلية بسبب الفشل في جمع معلومات استخباراتية مهمة عن حزب الله واسلحته وتكتيكاته ، ويظهر ذلك جليا من التصريحات المتناقضة والمتكررة وحتى التي لا ترتقي الا لمستوى توقعات دون وجود معلومات او ادلة عن اسلحة حزب الله ، فيوميا هناك تصريح لمسؤول اسرائيلي عن وصول صواريخ من سوريا او ايران الى حزب الله خصوصا الياخونت الروسي الذي اصبح الشغل الشاغل لاسرائيل ، وذلك لاهمية هذا الصاروخ الذي قد يغير المعادلات خصوصا في البحر .
حرب ادمغة هي بين الطرفين فحزب الله لم ينتصر في حرب تموز2006 بسبب صواريخه فقط التي كانت مؤثرة لكن حرب الادمغة والتي تعتمد على جمع المعلومات عن العدو والقدرة على الاستفادة من الاسلحة الى الطاقة القصوى اضافة الى التكتيكات العسكرية والمناورة واخفاء الاسلحة وتحريكها دون وصول العدو اليها اضافة الى الحرب النفسية كتفجير البارجة في 2006 مباشرة على الهواء وهي عملية لا سابق لها ونتائجها كانت عسكرية ونفسية قاتلة لمعنويا جنود الجيش الاسرائيلي .
وما تحليق الطيران الاسرائيلي منذ ايام فوق منطقة بعلبك وعلى علو منخفض ولساعات الا عملية استخباراتية بحثا عن قوافل اسلحة او لمراقبة اي تحركات تقوم بها المقاومة فعندما تقدم اسرائيل على المراقبة بهذا الشكل المباشر دون قصف اي اهداف يعني ان اسرائيل تعاني ارتباك وخوف مصدره الشح في المعلومات وهي تمارس حرب نفسية ليس الا .
واغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس ما هو الا حلقة من مسلسل حرب الادمغة بين حزب الله واسرائيل لما للشهيد اللقيس من اهمية عسكرية ويقال انه وراء طائرة ايوب التي كسرت كبرياء سلاح الجو الاسرائيلي وقطاع الدفاع الجوي بتحليقها فوق الساحل الاسرائيلي بحرية وتصوير مراكز مهمة وارسال الصور الى مطلقها ، ما كشف ثغرات كبيرة في دفاعات الجيش الاسرائيلي .
كما ان معارك القصير كشفت تطور حزب الله الهجومي وقدرته على الهجوم واحتلال اراض وليس الاكتفاء كالعادة ، وهذا الوجه الهجومي هو ما تخشاه اسرائيل خصوصا وان تلميحات كانت صدرت عن حزب الله بانه من الممكن في الحرب القادمة ان يتقدم الحزب باتجاه الجليل الفلسطيني المحتل.
وفي سياق حرب الادمغة كان مسؤول استخباراتي غربي في حديث صحافي لجريدة الراي اكد ان «صراع حزب الله – اسرائيل مستمر ولم يتوقف منذ انشاء الحزب عام 1982 وقد اشتدّ الصراع المخابراتي والعمليات المضادة بين الطرفين منذ مقتل مغنية، فقد سقط بحسب احصائياتنا نحو 22 قتيلاً اسرائيلياً في عمليات متفرقة كجزء من الرد على مقتل هذا القائد العسكري. وسبحة هذا الصراع ما زالت مستمرة.
وبالامس اشار قائد سلاح البحرية الإسرائيلية الياهو مروم، إلى أن “تهريب الأسلحة من جانب تنظيمات معادية لإسرائيل يعتبر مثابة حرباً طويلة تتطلب استخبارات دقيقة، وقدرة عسكرية عالية، تتيح لها إصابة السلاح المهرب بدقة”، موضحاً أن “اتخاذ القرار السياسي في الشكل والوقت المناسبين لا يقل أهمية، على أن يأخذ في الاعتبار كل المركبات وشن هجوم من خلال المخاطرة المدروسة”.
ودعا مروم، “القيادة الإسرائيلية إلى إعادة فحص سياسة نشاطها في مواجهة الصواريخ، خصوصاً التي يتم تهريبها من سوريا إلى لبنان على حد زعمه”، وشدد مروم على ضرورة “العمل بإصرار لإحباط اي عملية تؤدي الى وصول الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، وإعادة سياسة الردع عبر مستويين المستوى الاستراتيجي، والضغط لإدخال بنود في الترتيبات الجارية مع سوريا وإيران، تحتم ترتيبات أمنية في موضوع تهريب الأسلحة أيضاً”، لافتا الى انه “يجب على إسرائيل مهاجمة عمليات التهريب من المصدر إلى حزب الله، على الأراضي اللبنانية، من خلال المخاطرة في غياب معلومات استخبارية كاملة، فهذا هو الاستثمار الصحيح على المدى الطويل”.
كما كشف وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي يتسحاق اهرونوفيتش عن قلق قياديه من حزب الله فقال ان هناك عشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة الى اسرائيل في الاراضي اللبنانية.
اما وزير حماية الجبهة الداخلية “الاسرائيلي” جلعاد أردان فكان اكثر سوداوية وتشاؤما حين حذر من سيناريو كارثي فحذر من مغبة سقوط آلاف الصواريخ يومياً على إسرائيل في أي حرب مقبلة .
وقال اردان للإذاعة العامة “الإسرائيلية” ” من المحتمل ان تتعرض “إسرائيل” لسقوط آلاف الصواريخ ، وعلى “إسرائيل” أن تجد حلولاً من الآن لمواجهة وضع من هذا القبيل.
وأضاف ” الآن يوجد لدينا آلاف الملاجئ ولكنها تحمي فقط 5% من سكان “إسرائيل” ويمكن للشخص البقاء في الملاجئ ما بين 3 أو أربع ساعات وأن هذا الوقت ليس مثالياً.
وجاء تصريح قائد القوة الجو فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة ليزيد من مخاوف اسرائيل وقلقها الذي كشف فيه ان “حزب الله يمتلك قدرات كبيرة ستفاجئ الكيان الاسرائيلي في اي مواجهة مقبلة”. وأوضح زادة في تصريح الى وكالة أنباء “فارس” الايرانية “انه وفقاً لمعلوماتنا، فإن قدرات حزب الله ازدادت في الاعوام الاخيرة، بحيث أصبح قادراً على اصابة وتدمير اي هدف داخل الاراضي المحتلة بدقة فائقة ونسبة خطأ ضئيلة جداً”، مؤكداً ان “الاعمال التي قام بها الشهيد حسان اللقيس في حزب الله خارجة عن تصور الصهاينة، ولو وقعت مواجهة ما، فإن الصهاينة سيواجهون ظروفاً لا يمكن تصورها”.
كما أشار حاجي إلى ان حزب الله “أثبت ان إجراءاته في ساحة القتال غير متوقعة للعدو، وهو ما أظهره جيداً في حرب الـ 33 يوماً وفي امكانه القيام بإجراءات من هذا القبيل في اي وقت كان”، معتبراً ان “لحزب الله في الحقيقة ظاهراً ربما يعرفه الصهاينة، إلا ان هنالك افراداً في الظل امثال اللقيس وعماد مغنية في امكانهم انجاز أعمال خارجة عن تصور قادة الكيان الصهيوني”.
في هذا السياق ، كان قد تناول المحلل العسكري لصحيفة ‘إسرائيل اليوم’، وتحت عنوان (حزب الله 2013) الإمكانيات العسكرية والتنظيمية والبنيوية التي طرأت على حزب الله منذ نهاية حرب 2006، واصفاً حزب الله عام 2013 بالأكثر استقلالية والأكثر تسليحا والأكثر جرأة وشجاعة إضافة إلى تغييره لطرق القتال.
ودعا إلى عدم السماح للتطورات الميدانية التي وقعت على الجبهة السورية بصرف الأنظار عما يجري في لبنان وعن التطورات التي يعيشها حزب الله الذي يشكل الخطر الحقيقي على العمق ‘الإسرائيلي’ والذي شرع بإعادة بناء نفسه وتجهيز قواته للمواجهة القادمة فور دخول وقف إطلاق النار عام 2006 حيز التنفيذ.
وقال المحلل في مستهل تحليله المنشور ، إن حزب الله يدرك تماما ما هو حال الجيش الإسرائيلي بأن الحرب قادمة لا محالة وان الأمر يتعلق بالتوقيت والزمان ليس إلا، لذلك شرع بإعادة تنظيم صفوفه وتجنيد المقاتلين وتخزين الأسلحة.
ووصف المحلل حزب الله عام 2013 بالأكثر استقلالية والأكثر تسليحا والأكثر جرأة وشجاعة إضافة إلى تغييره لطرق القتال التي كان يتبعها حيث ادخل عليها تغييرات جوهرية وهامة، مضيفاً ان ‘حزب الله قادر على التعلم واستخلاص العبر، ودرس جيدا حرب 2006 وفهم ما يمكن للجيش الإسرائيلي أن يقوم به لذلك اتبع سياسة ضبط النفس لأقصى درجة والإمتناع قدر الأمكان عن استخدام القوة حيث اعتاد قبل الحرب الأخيرة تنفيذ العمليات ضد إسرائيل بمستوى منخفض لكن بوتيرة مرتفعة مثل عمليات الخطف ووضع العبوات الناسفة وإطلاق الصواريخ لكنه حافظ على صمت أسلحته خلال السنوات السبع الماضية ليس لأنهم لا يمتلكون أسبابا للعمل ضد إسرائيل حيث وقعت في الفترة المذكورة الكثير من الأحداث التي حمل حزب الله إسرائيل مسؤوليتها لكنه امتنع عن تنفيذ أية عملية ضدها، قال عاموس يدلين رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي والرئيس السابق للإستخبارات العسكرية (أمان).
وتعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بقدرة حزب الله على إطلاق 10 أضعاف الصواريخ التي كان قادرا على إطلاقها نحو تل أبيب ووسط إسرائيل خلال حرب 2006 معتمدين في مواجهتها على منظومة القبة الحديدية التي قيل بأنها غيرت قواعد اللعبة خلال العدوان الأخير على غزة والمعروف باسم (عامود السحاب).
لكن ليس فقط أعداد الصواريخ الكبيرة التي يمتلكها حزب الله هي من تؤرق القيادة الأمنية الإسرائيلية وتجعل النوم عليها مستحيلا لكن التحسن الكبير في مستويات الدقة التي تتمتع بها هذه الصواريخ.
ويسود أوساط الأمن الإسرائيلي اعتقاد راسخ بأنّه وفي حال عدم حدوث تغيير على نمط العمل ولم تنفذ عمليات وقائية فعالة سينجح حزب الله خلال السنوات الخمس القادمة بتحقيق غايته المتمثلة بامتلاك قدرات صاروخية تتكون من مئات الصواريخ عالية الدقة، ونُقل عن محفل أمنيّ إسرائيليّ قوله: لا مشكلة كبيرة في امتلاك حزب الله عشرات آلاف الصواريخ غير الدقيقة، لكنه إذا امتلك مئات الصواريخ الدقيقة فهذا الأمر سيكون سيئًا جدًا مع التأكيد على عدم الإستهانة بالقدرات التي يمتلكها الحزب حاليًا.
ويحاول حزب الله في سياق جهوده لإعادة تسليح نفسه وضع يده على منظومات أسلحة متطورة جدًا مثل منظومات مضادة للطائرات، صواريخ تطلق عن الكتف متطورة ، وتعتقد إسرائيل أنّ حزب الله لا يمتلك حتى اللحظة صواريخ بر- بحر من طراز (ياخونت) صينية الصنع.
كما تعتقد إسرائيل ومؤسستها الأمنية وفقا للمحلل العسكري المذكور بأنّ حزب الله لم يمتلك حتى الآن منظومات دفاع جوي متطورة مثل SA-17 القادرة على الحد من حرية عمل الطائرات الحربية الإسرائيلية وسبق لإسرائيل وفقًا لمصادر غربية أنْ هاجمت قافلة كانت تنقل مثل هذه الصواريخ من سوريا إلى لبنان وكان الهجوم في يناير من هذا العام.
وجدير بالذكر أنّ رئيس الأركان الإسرائيلي بني غنتس، قال مؤخرًا إنّه يعتبر حزب الله الحزب شبه السياسي الوحيد الذي يمتلك قدرات هجومية بهذا الحجم قدرات لا تمتلكها حتى بعض الدول. ويضم حزب الله، وفقًا للمعلومات الإسرائيلية، ما بين 30-40 ألف مقاتل، فيما تنقسم قواته النظامية إلى ثلاث قيادات مناطقية تقع القيادة الأولى في منطقة البقاع قرب الحدود السورية فيما تقع الثانية في بيروت العاصمة والثالثة في الجنوب اللبناني وتنقسم كل منطقة وقيادة حسب حاجتها وطريقة عملها.
ويحتفظ الحزب إضافة لقواته العسكرية النظامية بآلاف المدنيين بوصفهم قوات إحتياطية ينتظرون لحظة الاستدعاء وهنا تتجلى بنيته الواسعة والفعالة كما يخضع جزء من السكان لتدريبات تتعلق بتأهيلهم للعمل وقت الحاجة والضرورة.
محمد العس – صحيفة الديار اللبنانية