«حزب الله» بين 2006 و2016: معركتان.. في حرب واحدة
صحيفة السفير اللبنانية – عمّار نعمة
تتعدى المسافة بين العامين 2006 و2016، بالنسبة الى «حزب الله»، إطارها الزمني. هو ليس عقداً من الزمن فقط ذلك الذي يفصل الحزب عن عدوان تموز قبل عشرة أعوام. وإذا كان الحزب قد خرج بانتصار على العدو، اعترف به الأخير قبل بعض الأطراف في لبنان حتى الآن، فإن التحديات التي واجهها الحزب، بفعل ظروف إقليمية ودولية، دفعته الى الخوض في خيارات جديدة بالغة الأهمية، في لبنان كما خارجه.
والحال أنه ما إن انتهى العدوان الإسرائيلي قبل عشرة أعوام، حتى أدرك الحزب أنه من غير الكافي مقاربة الحرب مع العدو من دون تحصين الجبهة الداخلية التي أثبتت هشاشة بالغة في موازاة انعدام الثقة بين المقاومة ومكوّنات لبنانية، أبرزها «تيار المستقبل».
وفي قراءة لما يتجدد من اتهامات للحزب منذ العام 2005 حتى يومنا هذا، تدعو شخصية في محور «8 آذار»، مطلقي هذه الاتهامات الى متابعة ما خلصت اليه مراكز القرار السياسي والعسكري والبحثي الإسرائيلية التي لا تزال تؤكد أن «حزب الله» يشكل الخطر الأول اليوم على الدولة العبرية.
تعتبر المقاومة أنها لم تراكم فقط عناصر المناعة والقوة بوجه الإسرائيلي في إطار معادلة «الردع والتوازن» الاستراتيجية التي لا تقتصر على مسألة الاشتباك العسكري مع العدو، بل تسعى لتحصين لبنان وحمايته لردع الإسرائيلي عن عدوانه على لبنان مجتمعاً ومقدرات، كما كانت عليه الحال في فترات طويلة من التاريخ اللبناني عندما كان هذا البلد مستباحاً من الإسرائيلي.
لكن ماذا عن التدخل في سوريا؟
لم تنخرط البنية العسكرية للمقاومة في المعركة السورية، إلا في سياق الدفاع عن لبنان انطلاقا من العمق السوري، ولولا هذا التدخل ـ تضيف ـ لكانت الحدود الشمالية والشرقية للبنان مشابهة تماما لما يحدث في سوريا والعراق، اذا ما استثنينا منطقة عرسال نظرا لخصوصيتها المذهبية.
انطلاقا من هذا الأمر، فإن تحرك «حزب الله» في الجزء الأكبر من الحدود الشرقية، أقام بيئة نظيفة بوجه الإرهاب والتكفير، ولا يجوز أبدا أن يعتبر دور المقاومة مقتصراً على حماية لبنان بوجه إسرائيل وأن لا تكون المقاومة معنية بحماية لبنان من الإرهاب، إذ، حينها، ستتناقض المقاومة مع نفسها لأن الأصل يبقى في حماية البلاد في وجه خطر كبير قد يتمدد ويشق المجتمع اللبناني.. كما المجتمعات العربية.
من هنا، فإن المقاومة تمكنت من ردع التهديدات العسكرية، عبر منع إقامة إمارة للتكفير، أو منع سقوط قسم من الأراضي اللبنانية بيد التكفيريين كما حصل في سوريا والعراق.
أما أمنياً، فقد تمكن الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية، بالتنسيق مع المقاومة، من إحباط الكثير من الهجمات الإرهابية، لكن المجتمعات العربية يجب أن تتعايش مع واقع أن التهديدات الأمنية قد تحصل في أي وقت. لا بل تذهب هذه القراءة الى اعتبار القضاء على «داعش» غير كاف لمنع الخروق الأمنية و «الإرهاب المنتشر»، ذلك أن هذه المعركة تعد بالغة التعقيد وتتطلب مدى زمنياً طويلاً.
لكن هل أدى تدخل المقاومة في سوريا غرضه؟
«هي معركة طويلة»، ولن تنتهي في المدى المنظور، «لكن المقاومة، والحلفاء، قلبوا المعادلة الميدانية لمصلحتهم ولم يعد مسموحاً العودة خطوة واحدة الى الوراء».
واذا كان «حزب الله» لا يرفض الحل السياسي في سوريا، فإن التركيز الاستراتيجي اليوم هو على معركة حلب، بعد سلسلة من الإنجازات أدت الى استعادة الحواضر السكانية، مثلما أدت الى حصر الإرهاب في المناطق الريفية، وهو مسار حصل بصعوبة بعدما بلغت التهديدات المسلحة أبواب العاصمة دمشق قبل سنوات.
ثمة بنيتان للمقاومة بعد عقد من الزمن على حرب تموز، إحداهما، تتمثل في الجهوزية الكاملة لمواجهة إسرائيل. وثانيتهما، تتلخص في الجهوزية أيضا لمقاتلة الإرهاب التكفيري. هي باختصار ترجمة لما تذهب اليه مراكز دراسات غربية، وعنوانه يتلخص في كيفية خوض حربين عسكريتين في وقت واحد.