حتى سويسرا لم تعد حياديّة؟!
موقع الخنادق-
علي نور الدين:
بعدما كانت تعدّ سويسرا مضرباً للمثال، حول اتخاذ سياسة الحياد، الذي التزمت به منذ العام 1815 أي منذ ما يزيد على القرنين. كشفت تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أن سويسرا قد تخلّت عن هذا المبدأ الرئيسي في سياستها الخارجية، عندما فرضت عقوبات على روسيا، أكثر مما فرضته الولايات المتحدة الأمريكية حتى، بحيث باتت الدولة صاحبة أكبر عدد منها.
فمنذ 24 شباط / فبراير الماضي حتى 15 آب / أغسطس، فرضت دول المعسكر الغربي الذي تقوده الإدارة الأمريكية، أكثر من 9000 عقوبة على كيانات وأشخاص روسيين، من بينها 1360 عقوبة فرضها سويسرا فقط (وبحسب مصادر إعلامية فإن ذلك قد تم تحت ضغط وابتزاز من واشنطن).
ولذلك فإن سويسرا تكون قد تورطت في النزاع، ما بين روسيا والمعسكر الغربي، وباتت على إثره غير حيادية، لأنها فقدت كل مصداقية حول ذلك. ففي أوائل آب /أغسطس، أبرمت سويسرا وأوكرانيا اتفاقية تسمح للسفارة السويسرية في موسكو، بتوفير الحماية للمواطنين الأوكرانيين في روسيا. لكن ولكي تدخل حيز التنفيذ، يجب أن تعترف بها روسيا، إلا أن الأخيرة وبشكل منطقي تماماً رفضت ذلك، وأعلنت أن “سويسرا فقدت للأسف وضعها كدولة محايدة ولا يمكنها التصرف كوسيط أو ممثل”.
فما هي أبرز المعلومات حول سياسة الحياد السويسري؟
_ يعد الحياد السويسري أحد المبادئ الرئيسية لسياستها الخارجية، التي تنص على عدم تورطها في نزاعات مسلحة أو سياسية بين الدول الأخرى. هذه السياسة مفروضة على نفسها ومصممة لضمان أمنها الخارجي ولتعزيز السلام.
_لدى سويسرا أقدم سياسة الحياد منذ العام 1815 بموجب معاهدة باريس. حينها وبالرغم من القوى الأوروبية (النمسا وفرنسا والمملكة المتحدة والبرتغال وبروسيا وروسيا وإسبانيا والسويد) قد اتفقت في مؤتمر فيينا في أيار / مايو من ذلك العام على أن سويسرا يجب أن تكون محايدة، إلا أنه تم تأجيل التصديق النهائي إلى ما بعد هزيمة نابليون بونابرت، بحيث يمكن لبعض قوات التحالف غزو فرنسا عبر الأراضي السويسرية.
_ حافظت على هذه السياسة بالرغم من حصول حربين عالميتين، ولم تنضم إلى الأمم المتحدة حتى العام 2002، حيث ارتكبت في السنوات ما بعدها خروقاً لمبدأ الحياد، من خلال اصطفافها في الكثير من المحطات مع أمريكا والكيان المؤقت والمعسكر الغربي.
_ بعد فرضها للعقوبات على روسيا، رفض الكرملين طلباً منها لتكون وسيطاً في “حل النزاع”.
_ يبدو أن هناك آراء مختلفة لدى القوى السويسرية المختلفة حول الحياد، ففي نيسان / أبريل 2022، استخدمت وزارة الشؤون الاقتصادية الفيدرالية حق النقض (الفيتو) على أساس الحياد السويسري، ضد طلب ألمانيا بإعادة تصدير الذخيرة السويسرية إلى أوكرانيا. فيما أطلقت وزارة الدفاع السويسرية تقريرًا في أيار / مايو 2022 تحلّل فيه الخيارات العسكرية المختلفة لديها، بما في ذلك زيادة التعاون والتدريبات العسكرية المشتركة مع حلف شمالي الأطلسي – الناتو. لكن مع ذلك، لا تزال عضوية الناتو غير شعبية فيها نسبياً، بحيث أظهر أحد استطلاعات الرأي الذي أجري في آذار / مارس 2022، أن 27٪ ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون انضمام سويسرا إلى الناتو، بينما عارض ذلك 67٪، بينما أشار تقرير آخر إلى أن 33٪ من السويسريين أيدوا عضوية سويسرا في الناتو، فيما أيد 56٪ منهم زيادة العلاقات مع الناتو.