حادثة “خلدة” والصيد الثمين
وكالة أنباء مهر-
حسين علي حسني حمية:
سعت السعودية وبعض الجهات المحلية لاستغلال حادثة “خلدة” على إثارة فتنة طائفية أو حرب أهلية أو اقتتال بين الاحزاب اللبنانية، ولإحكام السيطرة على الطريق الساحلي بين الضاحية وبيروت.
عام مر على دخول لبنان في الأزمة الإقتصادية الخانقة والتي لم يعد خافياً على أحد أن كثيراً من مفاصلها هي مصطنعة ومدبرة وضمن تخطيط دولي واضح هدفه إسقاط لبنان القوي ومنع قوى الممانعة بالشراكة مع رئيس الجمهورية من تحقيق إي تقدم على مستوى الإصلاح والتغيير ليخرج هذا العهد صفر اليدين من الإنجازات حاملا إضافة إلى ذلك إرث الفساد الحكومي منذ العام 1992 وحتى اليوم.
اصبحت تُمثل الأزمة الإقتصادية الخانقة في لبنان فرصة ثمينة غير قابلة للمساومة بنظر الأمريكيين يسعون من خلالها للنيل من مشروع الدولة في لبنان والمقاومة معاً ولذلك تم تسعير الأزمة وتحويلها الى ساحة حرب كاملة
هذه الفرصة الثمينة للنيل من مشروع الدولة في لبنان والمقاومة معاً غير قابلة للمساومة بنظر الأمريكيين ولذلك تم تسعير الأزمة وتحويلها الى ساحة حرب كاملة من الجيلين الرابع والخامس، وتم تحويل السفارات المعنية بهذا الامر لغرف عمليات معلنة مهمتها إدارة المواجهة والسيطرة على كل التفاصيل عبر التدخل المباشر والحملات الدعائية ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات ثوار 17 تشرين والجماعات الأصولية ك “نور خلدة”.
بدأت الخطة بإستقالة سعد الحريري قبل الإنهيار الكبير والدفع بشخصية سنية من خارج الزعامة التقليدية لتولي أمر الحكومة حتى يكون الإنهيار في وجهها وبالتالي يحقق الحريري الإبن أمرين الأول إسقاط خصومه السياسيين معنوياً والتنصل من كل سياساته وسياسات والده الإقتصادية الخاطئة.
والثاني التمهيد لعودته سياسياً في ظل توازن جديد في البرلمان بصورة مخلص إقتصادي وسياسي وقد يكون ذلك سبباً في عودة الإلتفاف العربي حول إسمه، ولكن حكومة حسان دياب جنحت للعمل فتم تصفيتها والعودة الى مناورة تسويف الوقت حتى الإنتخابات النيابية القادمة.
ومن الأمور التي حرصت دوماً السعودية وبعض الجهات المحلية على تثبيتها هي التحكم بمداخل الجنوب والضاحية عبر ديموغرافيا طيّعة ومستزلمة بالكامل وهكذا بدأت قصة خلدة التي كانت تهدف لإحداث فتنة طائفية من جهة ولإحكام السيطرة على الطريق الساحلي بين الضاحية وبيروت من جهة ثانية، الأمور لم تجري كما أراد البعض وسقط قتيل من طرف المهاجمين، تم التحفظ على هذا الدم لإستثماره كالعادة في الوقت المناسب وهذا بالتنسيق الكامل بين كوادر السفارات ومشغليهم فوقع الإختيار أن يكون هذا الدم واحد من فعاليات الرابع من آب.
وهكذا تم تنفيذ إغتيال الشهيد المجاهد “علي شبلي” دون أن يكون هناك أي دليل يدينه في مسألة قتل الشاب من آل غصن، وأستتبع ذلك بكمين مسلح إستهدف جنازة الشهيد كان المطلوب منه إسقاط اكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى وذلك لعدة اهداف:
– أولاً؛ جرّ المقاومة إلى فتنة داخلية يستخدم فيها السلاح فتتم إدانتها وتحجيمها شعبياً وعزلها طائفياً لأن أي إشتباك كان سيحمل طابعاً طائفياً حكماً .
– ثانياً؛ هز صورة المقاومة إعلامياً عبر تناول معلومات عن أنه متورط بعمليات قتل وإشتباكات مسلحة داخل لبنان .
– ثالثاً؛ بما أن الكمين كان مدبراً ومجهزاً بكل ما يلزم وبما أن المقاومة محسوم أنها لن تنجر إلى فتنة طائفية كان سقوط شهداء من طرف واحد فقط وبالتالي هذه الحادثة ستهز برأيهم صورة القوة النمطية للمقاومة فيتجرأ بعض اصحاب الخيارات المشبوهة عليها وعلى مواجهتها في العلن وهاذا مطلوب قبل ذكرى الرابع من آب والتي تم التخطيط لها جيداً لمحاولة حرف الحقائق وتزويرها وتوجيه أصابع الإتهام للمقاومة في مسألة تفجير المرفاً.
وبذلك يكون الأمريكي وبمساعدة السعودي إستطاع تأمين المناخ الملائم وطنياً لإتهام المقاومة زوراً بمجموعة من الملفات مثل القتل والإشتباك مع النور في خلدة وصولاً الى إتهامه بتفجير مرفأ بيروت.
وتعول هذه الجهات أن تسهم هذه الأحداث المتتابعة بهذا التكثيف ومع كل هذا الدعم والضخ الإعلامي في زرع الإحباط والتفكك في صفوف القواعد الشعبية للمقاومة مما يسهم في تراجع حجم تمثيلها برلمانياً والسماح للفريق الآخر بالحصول على الأكثرية النيابية التي قد تتيح لهم إخيار حكومة ورئيس جمهورية من فريقهم السياسي وبالتالي الوصول للإمساك بكافة مفاصل البلد دستورياً وإقرار ما يحتاجونه من قوانين ومراسيم تصب في مصلحة مشغليهم وتقضي على صورة النصر ومعادلات القوة التي نسجها كفسيفساء مقدسة آلاف الشهداء بدمائهم المراقة.