«جيش الفتح» يوسّع رقعة العمليات: «طوق حلب» أمام أيام حاسمة
بالزخم ذاته، يواصل المسلحون معركة «فك الحصار» عن أحياء حلب الشرقية. لا تغيير يقلب المعادلة الميدانية حتى مساء أمس، لكن مجموعات «جيش الفتح» تشكّل ضغطاً كبيراً على تخوم أحياء المدينة، ما يهدد بتغيير الأوضاع كل لحظة
لليوم الثالث على التوالي، يواصل المسلحون عملية «فكّ الحصار» عن أحياء حلب الشرقية. يوم أمس، شهد تغييراً طفيفاً في خارطة السيطرة لمصلحة المهاجمين في بعض النقاط القريبة من أحياء المدينة. هذا الضغط المتواصل قد يحدث إنجازاً ميدانياً في الأيام المقبلة في حال استطاعوا أن يبقوا على الزخم الهجومي ذاته. وفي المقابل، استطاع الجيش السوري أن يمتصّ تمدد المسلحين في بعض النقاط ويستعيد بعضها، لكن محور كلية المدفعية ما زال يشكّل خطراً كبيراً كونه أحد حُماة طريق الراموسة حيث الأحياء الغربية شماله.
العملية إذاً أسفرت، حتى أمس، عن خرق دفاعات الجيش في عددٍ من مناطق سيطرته غرب المدينة وجنوبها، لكن أيضاً لم تؤدّ بشكلٍ عملي إلى قلب المعادلة الميدانية لمصلحة المهاجمين.
فموجة هجوم أمس أُطلق عليها مسمّى «المرحلة الثالثة» من «ملحمة حلب الكبرى»، وسّع فيها «الفتح» رقعة عملياته حوالى كيلومتر إضافي باتجاه الشمال، حيث تاخمت الاشتباكات محيط محطة الكهرباء غربي حلب. كذلك فتح المسلحون محوراً جديداً من حي السكري، جنوب غربي المدينة، بهدف السيطرة على عددٍ من الأحياء في منطقة الراموسة، وتحديداً معامل سادكوب وحي العامرية، في مسعىٍ منهم لوصل حي السكّري ببلدة المشرفة.
هذا المسعى الذي فشل، حتى الآن، محكوم نجاحه بالسيطرة على الكلية المدفعية، التي فشل المسلحون، إلى أمس، من تحقيق خرقٍ فيها، خصوصاً أن مشروع «1070» شقة سكنية لا تزال مقسومة السيطرة عليه بين الجيش و«الفتح».
وتصدّت وحدات الجيش، أمس، للموجة الجديدة من الهجمات باتجاه مناشر منيان والأكاديمية العسكرية، غربي مدينة حلب الجديدة حيث دارت اشتباكات عنيفة، استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وراجمات الصواريخ، وأدّت إلى وقوع عددٍ من القتلى والجرحى في صفوف المهاجمين.
كذلك حاول مسلحو «الفتح» خرق دفاعات الجيش في أكثر من محور في وقتٍ موازٍ، إلا أن الجيش صدّ التقدّم الآخر للمسلحين، لجهة حي العامرية ومعمل سادكوب باتجاه حي الراموسة جنوبي حلب، بعد تفجيرهم لنفقين، وسط مواجهات عنيفة، وتبادل للقصف المدفعي بين الطرفين.
أما «تنسيقيات» المسلحين فقد أكّدت أن مهاجمي «الفتح» تمكّنوا من السيطرة على مناشير منيان، ومعمل الكرتون غربي حلب، وتلة الحويز جنوبها، إضافةً إلى عددٍ من نقاط الجيش في منطقة الراموسة، جنوب غرب المدينة.
وتمكّن رماة الصواريخ الموجهة في الجيش من تدمير دبابة لمسلحي «الفتح»، في منطقة مجمعات الـ1070 شقة سكنية، جنوب غرب حلب، بالتوازي مع تدمير سلاح الجو لثلاث آليات للمسلحين في غاراته على تجمعاتهم في حي صلاح الدين، في المدينة.
كذلك، أفادت «التنسيقيات» بإصابة أحد القادة الميدانيين في «فتح الشام»، سامي رحمون «أبو العلمين»، ومسؤول «لواء جند السنّة» التابع لـ«حركة أحرار الشام»، حسام أبو بكر، في المعارك الدائرة جنوب غرب حلب.
وبالتوازي مع «ملحمة حلب الكبرى»، أعلنت فصائل عدّة، منضوية في «غرفة عمليات ريف حمص الشمالي»، بدء معركة جديدة بمسمى «اليوم يومك يا حلب»، بهدف السيطرة على محطة الزارة الحرارية، في ريف حماة الجنوبي، إذ تعتبر المنطقة الممتدّة بين حربنفسة والزارة، جسراً يصل بين ريف حمص الشمالي ومدينة الحولة، وذات طابع استراتيجي عسكري في المنطقة، وتصل ريف حمص بمدن وبلدات ريف حماة.
الهجوم الذي روّجت له فصائل المعارضة و«تنسيقياتها» لم يعكس أي تقدّمٍ ميداني، إذ انتهت العملية بعد ساعات على إطلاقها، فتصدت وحدات الجيش للهجوم، وأسفر ذلك عن إحباطه ومقتل عددٍ من المسلحين، وسط غارات للطائرات الحربية السورية استهدفت نقاطهم في المنطقة.
أما في الجبهة الشرقية، وتحديداً في مدينة دير الزور، فقد أطلق تنظيم «داعش» هجوماً من ثلاثة محاور، على مواقع الجيش ونقاطه، غير أنه فشل في تحقيق أي تقدّم.
وبحسب المعلومات، فإن التنظيم استعد منذ أيام لإطلاق هجوم أمس، والذي كان أوّل محاوره أطراف البغيلية وجمعية مساكن الرواد، غربي المدينة، فيما شمل المحور الثاني أحياء الصناعة، والعمال، والحويقة، داخلها، أما المحور الأخير فاستهدف فيه التنظيم مواقع الجيش في جبل الثردة، والجهة الجنوبية من اللواء 137.
وبدأ هجوم التنظيم، كالعادة، بدفع آلية مفخخة من نوع «هامر» باتجاه مواقع الجيش في البغيلية، حيث تمكّن رماة الصواريخ الموجهة من تدميرها قبل وصولها إلى هدفها. وأعقب ذلك اشتباكات ما لبثت أن امتدّت إلى حيي الرشدية والحويقة، استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمدافع الثقيلة، ما أدّى إلى تدمير دبابتين، وآليتين من نوع «بيك آب»، ومقتل وجرح عدد من المسلحين. وتزامنت المواجهات مع غارات لسلاح الجو على تجمّعات وتحركات مسلحي التنظيم في حيّي الحويقة والرشدية في المدينة، والبغيلية غربها، ومحيط البانوراما، جنوب غربها، وبلدة عياش ومحيطها شمال غربها. وبحسب المعلومات الميدانية، فإن تصاعد حدة المعارك لم تؤدّ إلى أي تغيير في خارطة توزّع القوى، بل حافظ الطرفان على مواقعهما.
المصدر: الأخبار