جولة جديدة من المفاوضات حول أوكرانيا
صحيفة البعث السورية-
ريا خوري:
ما من حرب إلا وتنتهي بالمفاوضات، وكل الحروب الكبرى والصراعات الدموية تنتهي بالتفاوض لتحديد معالم وموازين قوى جديدة، والحرب الجارية في أوكرانيا ستسير وفق هذا المسار لا محالة، لأنها لن تختلف عن أي حرب مهما طال الزمن.
وبعد سلسلة من المفاوضات التي جرت على الحدود البيلاروسية بين جمهورية روسيا الاتحادية وأوكرانيا، وركزت على القضايا الإنسانية وفتح ممرات للاجئين، تبدأ جولة جديدة من المفاوضات في تركيا يبدو أنها ستكون مختلفة هذه المرة عن سابقاتها في موضوعاتها وطريقة تداولها للقضايا الإنسانية والسياسية. وقد أكد العديد من الخبراء الاستراتيجيين والمراقبين السياسيين أنّ لروسيا مخاوف مشروعة، وهذه المخاوف هي التي دفعت إلى الحرب. وعلى الرغم من عدم ظهور أي مؤشر حول نتائج تلك المفاوضات، إلا أن مواقف البلدين تبدو إيجابية، فالقيادة الروسية أعلنت على لسان المتحدث باسم الكريملين ديميتري بيسكوف أن قرار بدء المفاوضات وجهاً لوجه بين الرئيسين مهم بحد ذاته، وأن القيادة الروسية في الوقت الحالي تلتزم بسياستها المتمثلة في عدم الكشف عن أية تفاصيل أو معلومات حول المفاوضات، لأنهم يعتقدون أن كشف التفاصيل سيضر بعملية التفاوض.
من جهته قال المستشار السياسي للرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك إن الوفود المشاركة في المفاوضات ستبحث البنود الأساسية لعملية التفاوض، وستعمل بشكل متواز على مناقشة مجموعة كاملة من القضايا الخلافية بين البلدين.
الواضح تماماً للجميع أن القضايا الخلافية بين الطرفين لم تعد سراً، فقد أعلنت جمهورية روسيا الاتحادية مطالبها المتمثلة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي( الناتو)، وإعلان حيادها، وتسوية قضية إقليم دونباس وفقاً لاتفاقية مينسك. أما القضايا الخلافية الأخرى بشأن تمدد الناتو شرقاً وعدم نشر أسلحة هجومية وإستراتيجية في دول أوروبا الشرقية تحقيقاً للأمن المتوازن في أوروبا، فهذه قضايا لا تخص أوكرانيا وحدها، وإنما الناتو والولايات المتحدة الأمريكية.
لقد بدا الموقف الأوكراني مؤخراً أكثر تقبلاً لتسوية مع روسيا تلبية لشروطها المحقة، ما قد يسهل المفاوضات القادمة وبالتالي التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، فقد أعلن زيلينسكي استعداد بلاده لدراسة إعلان حيادها بعمق، وطرح ذلك في استفتاء شعبي عام، كما ألمح إلى أن التسوية مع روسيا ممكنة بشأن قضية دونباس المعقدة، وهي المنطقة المتنازع عليها، والتي اعترفت روسيا باستقلالها مؤخراً. وكان قبل ذلك قد أعلن بأن بلاده لا تفكر في الانضمام إلى حلف الناتو.
هذه العمليات الدراماتيكية وتلك المواقف المستجدة في الأزمة الأوكرانية قد تشكل أساساً للتوصل إلى اتفاق إذا لم تطرأ تطورات عسكرية وسياسية وأمنية، خصوصاً في حال تعرضت أوكرانيا إلى المزيد من الضغوط أو الإغراءات من قبل أوروبا وأمريكا لتبديل مواقفها.