جهاد اسماعيل لـ”إنباء”: التدقيق الجنائي يحميه الدستور، وإسقاطه من مستلزمات الانقلاب على الدستور والمواثيق والقوانين
اشار الباحث الدستوري جهاد اسماعيل الى أن” وإن اكدت المادة 151 من قانون النقد والتسليف، اسوة بقانون “السرية المصرفية” الصادر عام 1956، على وجوب الإلتزام بالسرية المصرفية أمام الجهات الخاصة او العامة، إلا أن نفاذ عقد التدقيق الجنائي وجعله ساريا على المعلومات المطلوبة من المصرف المركزي، للكشف عن الفاسدين، لا يتنافى، إطلاقا، مع قانون السرية المصرفية، ذلك إن الغاية القانونية من اعتماد السرية المصرفية هي اجتذاب الأموال لا اضفاء “الشرعية” على إحتجاز الأموال الى مستحقيها ، على اعتبار أن نطاق “السرية المصرفية” يطال اسماء الزبائن وكل المؤسسات المشمولة بالقانون الصادر عام 1956، وبالتالي إن إدراج المال العام، موضوع التدقيق الجنائي، في كنف “السرية” يحتاج الى نص قانوني صريح، لا سيما وأن السرية المصرفية لا تحمي الجرائم والمخالفات القانونية التي لا تتوافق مع إرادة المشترع اللبناني- الذي عند اصداره قانون السرية المصرفية- لم تكن منصرفة إلى بسط حماية قانونية للسطو على ودائع المودعين، بدليل ما ورد في أسبابه الموجبة حول الغاية منه، وهي السعي لجذب الرساميل الأجنبية إلى لبنان، وإن المنافع التي سيجنيها الإقتصاد ستعوض كفاية عن الأضرار التي قد يلحقها هذا التشريع بخزينة الدولة، على خلاف أداء المصرف المركزي الذي كرس، بصورة علنية، السرقة الموصوفة للودائع المحلية والاجنبية، بما يغاير الأحكام العامة للسرية المصرفية، جراء إنتزاع “الثقة” بالعمل المصرفي”
أضاف : “إن تعطيل التدقيق الجنائي، بذريعة السرية المصرفية، هو تعطيل للنصوص القانونية والدستورية، ذلك أن دائرة “التدقيق الجنائي” يقتضيها حق “الوصول الى المعلومات” الذي كان قد أقره المجلس النيابي، بنص واضح، عام 2017، الذي يتيح للحكومة وللجهات المعنية، سندا له، الطلب من المصرف المركزي بالمعلومات او الوثائق المطلوبة، كما ان هذا الحق يندرج في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حين كرّستا حق كل إنسان في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار ونقلها، ويما أن مقدمة الدستور في الفقرة (ب) أكدت التزام لبنان بمواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هذا يعني أن اي عرقلة لهذه النصوص هو ، بشكل أو بآخر، مخالفة دستورية صارخة، وبالتالي إن عقد التدقيق الجنائي يحميه الدستور نفسه”