جنيف 2 يصطدم بنوايا تدمير سوريا
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
يبدو أن مجرد تحديد موعد انعقاد مؤتمر جنيف الثاني أصبح من معجزات العصر، وذلك ليس لعدم وضوح الرؤية والبرنامج لانعقاده، وإنما لصراع الإرادات بين القوى الرافضة للإرهاب الكوني ضد الشعب السوري وتدمير دولته، والمؤيدة للحل السياسي باعتباره المخرج الحقيقي للأزمة والطريق الأسلم والأعقل والأرشد والأصح لتحقيق المطالب ما إذا كانت هناك مطالب حقيقية، وبين القوى الداعمة للإرهاب والفارضة لأنماطه وعصاباته وأدواته على الأرض لإبادة الشعب السوري وتدمير دولته وتفكيكها وفق مخطط المشروع الصهيو ـ أميركي. ولذلك فإن هناك مشروعين يتصادمان: مشروع هدفه الحفاظ على الدولة ووحدة الشعب والجغرافيا، وبالتالي صون الدماء والأعراض والأخلاق، وأهمية سلامة البنى التحتية والمؤسسات من العبث والتخريب والتدمير. ومشروع هدفه إنهاء الدولة السورية بالمعنى المتعارف عليه كدولة، وما يقتضيه من إبادة الشعب السوري قتلًا وتهجيرًا وتجويعًا وحصارًا، وحرمانًا من أبسط الحقوق، ولذلك فإن أي تدخل لإيقاف سيناريوهات الإبادة والتدمير والتفكيك، يعني نهاية هذا المشروع.
ولهذه الحقيقة ولاستمرار هذا المشروع، شكلت عملية جلب الجماعات الإرهابية والتكفيرية والظلامية من أصقاع العالم وإقامة معسكرات تدريب خاصة بها ومدها بالمال والسلاح، عمودًا فقريًّا للمشروع، ولإضافة شيء من المساحيق الكاذبة والخادعة على واجهة المشروع، جيء بمن تركوا وطنهم سوريا وخدموا في دوائر الاستخبارات الغربية وأقاموا في فنادق الولايات المتحدة وأوروبا الفخمة ليكونوا هم مساحيق التجميل تحت مسمى “معارضة الخارج”. لكن ومع مرور الأيام ومع اشتداد ضربات الجيش العربي السوري، وحكمة إدارة ملف الأزمة وتقطيع خيوط المؤامرة من قبل الحكومة السورية، وثبات الشعب السوري وصموده، أخذت تنزاح هذه المساحيق لتكشف الوجه القبيح والمرعب للمشروع.
ومنذ تشكيل أول نواة لما يسمى “معارضة الخارج”، كانت المتاجرة بحقوق الشعب السوري وكذلك تنصيب هذه “المعارضة” نفسها متحدثة باسمه هي القاسم والموجه، ولاختلاق الذرائع وصنع العراقيل أمام قوى مشروع الحل السياسي، وزرع أي طريق يتم استحداثه وتعبيده بالنيات الحسنة والطوايا الصادقة بالأشواك، من أجل إطالة الأزمة والسير قدمًا في عملية التدمير والإبادة، بدليل أن الشعب السوري لم يشهد موقفًا واحدًا يؤيد صدق ما تتشدق به هذه “الصنيعة” الغربية والإقليمية، ولو كان صحيحًا ما تتاجر وتدعيه هذه “الصنيعة”، لما أصرت ولا تزال على التدخل العسكري الأجنبي لقتل هذا الشعب وتدمير دولته، ولما ألحَّت ولا تزال على الفصل السابع وتمارس خديعة شرط الموافقة على المشاركة في مؤتمر جنيف الثاني بتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لا دور للرئيس السوري بشار الأسد، على أن يتم ذلك تحت الفصل السابع الذي تسعى إلى توظيف هذا الفصل إلى شرعنة مشروعها التدميري والتخريبي.
لذلك لا غرو أن يعلن الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي عن تمخض المحادثات التي جرت أمس في جنيف مع ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة عن عدم الوصول إلى موعد محدد لانعقاد مؤتمر جنيف الثاني، معربًا الإبراهيمي عن “الأمل” بالتوصل إلى عقد هذا المؤتمر “قبل نهاية العام الحالي”.
إن ما يحاول أن يلعب عليه المعرقلون للحل السياسي هو رفض اللغة الواضحة وهي عدم الشروط المسبقة لحضور المؤتمر، لأنهم يعلمون أن كل الأسباب المفضية إلى عدم انعقاده قد تبخرت، وأن البساط قد سحب من تحت أقدامهم، ولهذا كان واضحًا الموقف السوري الرسمي بأنهم يفضلون التفاوض مع السيد وليس مع الوكيل والعميل والأداة.