«جنوبية».. أن تكذب أكثر
الإعلام نوعان، الأوّل يمتهن الصدق وكل ما ترمي إليه الرسالة الصحفية، ولو كان موجّهاً.
أمّا الثاني، فيحاول الخروج إلى الضوء، يفشل، فينتهج سياسة السبق الصحفي الكاذب للوصول إلى الناس، فيصل فعلاً ومعه رأياً عاماً يستهزئ به وبمصداقيته مع كل خبر ينشره.
في لبنان، لم يخجل البعض من الإرتماء في حضن السفارة الأميركية، فهي الأمّ الحنون لكل من لا يجد ملجأ يحويه.
هذه الأمّ ذات الحليب المشروط، لا تحضن أيتامها سوى بشروط، أهمها تنفيذ سياساتها وبث سمومها، وزرعها في المجتمع.
فعبر برنامج الـUSAID تموّل هذه السفارة بعض الوسائل الإعلامية، التي تحاول طحن أفكار مشغّلها بمهنية، كما يطعّم السكّر الشراب، دون أن يظهر. بعض الوسائل الأخرى تُظهر جزءاً ولائها بشكل أوضح، ولكنّه يبقى ضمن المعقول، كما تضمن متابعة مختلف شرائح المجمتع.
البعض القليل، كموقع “جنوبية” مثلاً (أو “لبنان الجديد”)، يحاول التملّق بالأسلوب الأمريكي أكثر من دايفيد هيل نفسه، أو حتّى جيفري فيلتمان، أكثر السفراء الأميركيين كرهاً من قبل معظم الشعب اللبناني.
هذا الموقع، الذي انتهج سياسة الهجوم على كل من لا ينتمي إلى منطقه السياسي، أو “لا منطقه” إن توخّينا الدقّة، لم يجد حتى اليوم من يرد عليه، أو حتى من يكشف أكاذيبه.
هذه السياسة، سياسة “التكفير السياسي”، يستخدمها الموقع للهجوم على أي صحافي أو سياسي يؤيّد المقاومة، فقط لأنّ دوره محدود بـ”شتمها”، إن استطاع.
يوم الأربعاء الماضي، نقل موقع “جنوبية” خبراً تحت عنوان “زوجة مسؤول في حزب الله الى الولايات المتحدة الاميركية”. وفي التفاصيل فإنّ الجهود الإستخبارية الدقيقة لقسم التحقيقات الإستقصائية في موقع “لبنان الجديد”، المعروف صاحبه و تمويله ( وللدقة فهو توأم جنوبية)، توصّل إلى كشف “فضيحة كبيرة”.
فأكّد الموقع أنّ “زوجة ممثّل حزب الله في طهران السيد عبد الله صفي الدّين، قد تقدّمت بطلب ڤيزا إلى الولايات المتحدة”. لم يكتفِ الموقع هنا، بل تعمّق بتحقيقه ليروي لنا كيف ذهبت السيّدة صفي الدين إلى السفارة، و”هناك سُئلت عن مهنة زوجها، فاعترفت أنّه ممثّل حزب الله في طهران”.
يتابع كاتب الخبر، أنّ “السفارة طلبت من السيدة إحضار كتاب رسمي من الحزب بهدف الزيارة، التي زعم أنّها لعلاج إبنتها، لتأتي السيدة بالكتاب من الحزب، فيتم الموافقة على الڤيزا وتسافر صفي الدين إلى الولايات المتحدة ليستقبلها وفد من الـ”FBI” على أرض المطار”.
إلا أن هذا الموقع عجز عن تحديد المطار الذي نزلت فيه السيّدة صفي الدين. هنا لا بدّ من التمعّن أكثر في هذا الخبر العظيم، وذلك للتأكّد من دقّته، ومصداقية ناشره.
“سلاب نيوز” لاحقت الخبر، ليتبيّن أن السيّدة صفي الدين لم تزر عوكر طيلة سنين حياتها، كذلك لم تتقدّم بطلب الڤيزا من أيّ سفارة أميركية في العالم.
في الحقيقة، فإنّ للسيدة صفي الدين إبنةٌ موجودة في ألمانيا، ولذلك عمدت زوجة ممثل حزب الله في طهران إلى طلب ڤيزا من السفارة الألمانية لزيارة ابنتها، وهو ما حصلت عليه فعلاً منذ فترة طويلة.
هنا، نضع أمام الرأي العام ما كتبه موقع “لبنان الجديد” ونقله “جنوبية” الذي يدّعي علاقته بالجنوب، فلا سفارة هنا ولا ڤيزا، وبالطبع ليس هناك كتاب تزكية من حزب الله، ولا حتّى وفد “FBI” على أرض المطار.
هو الكذب والكذب أيضاً، بأشكال عديدة وأخبار فريدة، وجهود حثيثة، أي حدث مرتبط بأحد المواطنين المسجلين “شيعة” فإنه يصبح “مقرباً من حزب الله” برأي الموقع، كأن يرد خبر “مطلق النار على كفوري مقرّب من حزب الله” ولقبه “الطيّار”، فيما المضمون أن مطلق النار ” يتحدّر من عائلة تناصر حزب الله”. نموذج آخر تنشره “جنوبية”، وهو عبارة عن فيديو لفتاة “سكرانة” تتجول في الشارع بمنطقة الطيونة، فيكون الخبر “شباب يتحرشون بفتاة سكرانة في الضاحية”، أما المضمون فيعزى لكون الطيونة من إحدى مداخل الضاحية. هو ربط للأحداث ببيئة المقاومة وحزب الله تخاطب اللاوعي لدى الجمهور اللبناني، وطبعاً لا أحد ينافس العقل الأمريكي في تدبير هذه الأساليب والممارسات.
للسفارة الأميركية والقيّمين على برنامج التمويل فيها، مصلحتكم تقتضي بث السموم، ولكن ليس بهذا الشكل العلني المفضوح، ولكم من وسائل الإعلام المأجورة ما أردتم، فلماذا “الجنوب”؟ نعلم الجواب سلفاً.
لذلك، على الموقع المذكور و توأمه “الجنوبية” تبيان ما يمكلون من وثائق وأدلّة تؤكّد زعمهما، وفي حال لم ينشر، فيكونا أتيا بالإدانة على نفسيهما. أمّا الرأي العام فقد كشف كل الحقيقة، وباتت “جنوبية” بالنسبة له، هو أن تكذب أكثر.
ماهر الدنا – سلاب نيوز