جلسة الرئاسة: 60 ورقة بيضاء.. 46 جعجع.. 18حلو
إنّها الساعة 12 ظهراً. النوّاب يدخلون واحداً تلو الآخر إلى قاعة مجلس النوّاب. القاعة نصف ممتلئة، في حين يبدو الصندوق الخشبي فارغاً، حتى الساعة، من أي ورقة. الصحافيون يتوزّعون في الأماكن المخصصة لهم في الأعلى، بالإضافة إلى مراقبين ينتمون لجمعيات مدنيّة.
الرئيس نبيه بري يوزّع ابتساماته على الحاضرين، ضمير الرجل مرتاح بعد أن وعد ووفى بتحديد جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. النواب يأخذون أماكنهم: وليد جنبلاط إلى اليمين كالعادة، فؤاد السنيورة في صدر القاعة، سامي الجميّل إلى اليسار، أمّا نواب «حزب الله» فيراقبون عن بُعد.
سمير جعجع المرشّح الأبرز لن يكون بمقدوره حضور جلسة الانتخاب، بالرغم من أنه نجمها. سيتابع جلسة «الأوراق المتساقطة» من معراب. هو لم يحلم مساءً بأنه سيتوجّه إلى بعبدا بعد هذه الجلسة مباشرة، إذ إنه حسبها جيداً على الورقة والقلم، وأدرك، قبل أن تتأنق ستريدا جعجع وتتداعى ونوّاب «القوات» إلى الجلسة، أنه سيخسر أمام «منافسه الأقوى»: الورقة البيضاء.
المحصلّة إذاً: جعجع بمواجهة الورقة البيضاء. فالكلّ يعلم أنّ مرشّح «اللقاء الديموقراطي» لن يكون إلا «رجل المناورة» ومخرجاً أعده وليد جنبلاط بعناية كي «يدخل في اللعبة».
فزعيم المختارة، أيضاً حسبها وتأكّد أن هنري حلو سينال حوالي 18 صوتاً: 11 أعضاء «اللقاء الديموقراطي» و«كتلة التضامن» التي تضمّ الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي بالإضافة إلى النائب محمّد الصفدي، مع إمكان تصويت كلّ من النوّاب: طلال ارسلان، ميشال المرّ، نايلة تويني، ونقولا فتّوش لمصلحة حلو.
البعض يشير إلى أن جنبلاط كان يأمل أن تشارك «8 آذار» بـ«اللعبة المكشوفة»، غير أنها فضّلت تغيير القواعد. بالنسبة لها، الورقة البيضاء تُحجّم جعجع أكثر من خوض المعركة معه بمرشّح من صفوفها. وبالتالي، فإن «كتلة الوفاء للمقاومة» وكتلة «التنمية والتحرير» و«تكتّل التغيير والإصلاح»، و«الأحزاب الوطنية والقومية»، قرروا السير بخيار الورقة البيضاء بـحوالي 57 نائباً (إذا حضر العماد ميشال عون إلى المجلس)، مع إمكان استثناء ارسلان لحساسيات الجبل ليصبح الرقم 56.
في المقابل، فإن «14 آذار»، التي حشرت في الزاوية بإعلان جعجع ترشيحه، قرّرت السير خلفه. ستسلّفه تصويتاً لن يُصرف، وعلى الأغلب ستنتهي صلاحياته فور الانتقال إلى الجلسة الثانية. حينها سيدعم «الآذاريون» مرشحاً يكون دخوله إلى القصر الجمهوري أكثر واقعيّة من أحلام «الحكيم».
لا شكّ في أن التصويت لمصلحة جعجع، ليس سوى «مسكّن» للحفاظ على «الوحدة». ومع ذلك، فإنه من غير المتوقّع أن تصبّ أصوات هذه القوى «دفعة واحدة» في جعبة رئيس «القوّات». بعضهم سيجد في التصويت السريّ مهرباً بسبب أهداف شخصية، في حين أن البعض الآخر لن يقوى على مجابهة الشارع السني بانتخاب الرجل المدان باغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي. وأوّل المتحفظين سيكونون نوّاب طرابلس: محمّد كبارة لمّح إليها، في حين يبدو سمير الجسر محرجاً، خصوصاً بعد أن قرّر ميقاتي وأحمد كرامي وكبارة محاربة ترشيح «قاتل الرشيد» على الملأ.
وللسبب عينه، سيقوم عدد من نواب «المستقبل» (ولا سيما البيارتة) بالعدول عن كتابة اسم جعجع على الورقة التي سوف يتمّ إسقاطها في الصندوق الخشبي.
وبهذا لن تكون أصوات «14 آذار»، البالغة 52 صوتاً، حكراً على جعجع، بل سيتقاسمها أيضاً مع الأوراق البيضاء. ومن المتوقّع أن ينال رئيس «القوات» في جلسة اليوم حوالي 46 صوتاً، وذلك في غياب الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر، وإمكان حصول خرق من عدد من نواب «المستقبل» (كبارة مؤكّد) وتوقّع عدم تصويت بعض المستقلين في «14 آذار» لمصلحته (إمكان روبير غانم).
في حين أن بعض المستقلين الآخرين لن يعلنوا عن خيارهم بعد. حتى مساء الأمس، لم يعلن الرئيس تمّام سلام عن موقفه. وكذلك نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت الذي أكّد أن «لا فيتو على أحد، كان لدينا الكثير من الخيارات وقد رسينا على واحد منها لنعلن عنه إثر جلسة التصويت»، وذلك بالرغم من أن البعض يؤكّد أن «الجماعة» لن تسير في ركب جعجع، بل ستعتمد الورقة البيضاء.
في المحصلة، ستكون نتيجة الجلسة الأولى على الشكل التالي تقريباً: 60 ورقة بيضاء (مع إمكان انضمام الجماعة وبعض نوّاب المستقبل)، 46 لجعجع، و18 لحلو، إضافةً إلى خيار غير محسوم لسلام وغانم.
لينا فخر الدين – صحيفة السفير اللبنانية