جدل بريطاني على خلفية الانسحاب من الاتحاد الاوروبي
لا يزال موضوع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من عدمه مثار جدلٍ واسع في عاصمة الضباب لندن وبريطانيا ككل، وحتى تاريخ 23 من حزيران (يونيو) المقبل أي الموعد المنتظر والذي أعلنه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للاستفتاء الشعبي على قرار الانسحاب أو البقاء، سيبقى الجدل دائراً في الأوساط السياسية والشعبية البريطانية.
وفي ظل الانقسام البارز بين مؤيد ومعارض للبقاء في الاتحاد الأوروبي في صفوف الحكومة تكثر الدراسات البريطانية التي تحذر من خسارة فادحة للندن في حال سحبت بريطانيا عضويتها من الاتحاد الأوروبي.
فقد كشفت دراسة أجريت لحساب رابطة الأسواق المالية في أوروبا التي تعرف باسم (أفمي) وهي جماعة ضغط مصرفي أوروبية أن البنوك في لندن وشركات الإستثمار ستتضرر بشدة إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليثير ذلك موجة طويلة من الغموض”.
هذا التحذير الذي ساقته (أفمي) بناءً على طلب من مؤسسة “كليفورد تشانس” القانونية يعد التحذير الأحدث القائل بأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيكون أمرًا سيئًا بالنسبة لصناعة الخدمات المالية وهي أكبر قطاع يُدر ضرائب في بريطانيا ويعمل في شتى أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وعلى الوتر نفسه عزفت دراسة أُعِدَّت بطلب من أهم منظمة لأصحاب العمل في بريطانيا أجرتها شركة “بي دبليو سي” بطلب من كونفدرالية الصناعات الأوروبية، حيث حذرت من خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي لأن ذلك سيشكل في أفضل الحالات “صدمة جدية للاقتصاد” ويكلف خسارة تقدر بمئة مليار جنيه (145 مليار دولار أميركي) أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، بحسب المدير العامة لمنظمة أصحاب العمل كارولاين فايربايرن.
وتضيف الدراسة أن الخروج من الاتحاد سيؤدي الى إلغاء نحو 950 ألف وظيفة ما يعني ان نسبة البطالة في العام 2020 ستكون ما بين 2 و3 بالمئة وهي نسبة أعلى مما لو بقيت بريطانيا داخل الاتحاد.
وإذ وصف رئيس الوزراء كاميرون الخروج من الاتحاد الأوروبي بمثابة “قفزة في الظلام”، حث الناخبين في أكثر من مناسبة على ضرورة المشاركة في الاستفتاء لصالح البلاد كما يؤيده في ذلك عدد لا بأس به من أعضاء الحكومة على رأسهم وزيرة الداخلية تريزا ماي في حين يعارض وزير العدل مايكل غوف البقاء ضمن الإتحاد.
في المقابل، ومن صفوف المعارضين شن وزير العمل والتقاعد البريطاني المستقيل ايان دانكان هجومًا عنيفًا على كاميرون ما كشف عن توترات عميقة في الحكومة قبل الاستفتاء المنتظر في 23 حزيران(يونيو).
وفي أول مقابلة له منذ إستقالته من منصبه اتهم سميث كاميرون بمحاولة تقليص عجز الميزانية من خلال خفض المعونات وهو ما يمكن أن يضر بالناخبين الافقر، لافتاً في حديثه إلى أن وزير مالية كاميرون وحليفه المقرب جورج أوزبون لم يعد يستمع إليه.
وعلى الرغم من الجدل الذي اثارته استقالة سميث قبل ثلاثة أشهر من الاستفتاء المنتظر أوضح سميث الأمر قائلاً :”هذه ليست محاولة لمهاجمة رئيس الوزراء أو اوروبا، واستقالتي جاءت بسبب فقداني القدرة على التأثير على الاحداث من الداخل وهي بسبب الاقتطاعات التقشفية التي اشتملت على اقتطاعات سنوية بقيمة 1,3 مليار جنيه استرليني (1,4 مليار دولار) من اعانات المعوقين”.
إلى ذلك، عزز الكاتب البريطاني فيليب ستيفنس من مكانة الوزراء المعارضين لكاميرون في رأيه بالإبقاء على بريطانيا داخل الاتحاد، وأوضح الكاتب في مقال له في الـ”فاينانشال تايمز” أن حملة الخروج من الاتحاد تراهن على غضب شعبي عارم من نخبة حاكمة تعيش في برج عاجي. ويحيل الكاتب الغضب الشعبي إلى قيام وزير الخزانة أو المالية جورج أوزبورن بتسليح الحملة المعارضة بنفسه حين قرر عمل تخفيضات كبرى في نفقات إعانة المعوضين.
ويختم ستيفنس بالقول ” كان ينبغي على المستر أوزبورن أن يضع حمل التقشف على أكتاف القادرين على الدفع، ثمة شعور متزايد أن حمل التقشف قد تم وضعه دونما عدالة على أكتاف المطحونين في المجتمع البريطاني”.