#جبهة_النصرة… هل يتبدل السلوك والايديولوجيا بتبدل التسمية؟
ما بعد خروج “جبهة النصرة” من عباءة القاعدة تنظيمياً وليس ايديولوجياً أسئلة كثيرة عن مصير أقوى التنظيمات المسلحة في سوريا التي اعتبرت على مدى السنوات الماضية فرع القاعدة هناك وكيفية التعاطي معها في ظل تغير التسمية وتمسكها بالفكر نفسه.
“جبهة النصرة” تنفصل عن القاعدة. خرج القرار من دائرة التكهنات التي بدأت منذ أشهر بل منذ ما يقارب السنة وسط الحديث عن اجتماعات ونقاشات جرت في أوساط قيادة الجبهة، ليصبح أمراً واقعاً أعلنته الجبهة بشكل رسمي على لسان زعيمها أبو محمد الجولاني وقبلت به القاعدة التي قال زعيمها أيمن الظواهري في تسجيل صوتي له “إن بوسع جبهة النصرة الانفصال عن تنظيم القاعدة، إن كان انتماؤها للتنظيم يهدد وحدتها”.
قرار خروج “جبهة النصرة” من عباءة “القاعدة” اتخذ بشكل نهائي بالتزامن مع الاتفاق بين واشنطن وموسكو على وضع الجبهة في خانة واحدة مع تنظيم داعش، وعلى وقع معركة حلب والتقدم الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه.
من حيث الاسم لم يعد هناك من “جبهة نصرة” وفق الجولاني نفسه الذي أعلن استبدالها بـ”جبهة فتح الشام”. حسمت إذاً التسمية ولكن ما لم يحسم بل ربما من المبكر حسمه هو مصير هذا الكيان وسيناريوهات ما بعد فك الارتباط. فهل تصبح “جبهة فتح الشام” مقبولة دولياً بعد أن صنفت “النصرة” إرهابية علماً أن الانفصال وفق مفردات الجولاني والظواهري “تنظيمي” وليس “إيديولوجياً”؟ الإجابة عن ذلك رهن بتصرفاتها وسلوكها، هكذا قالت واشنطن على لسان خارجيتها. فيما قال البيت الأبيض إنه لا يزال يجري تقييماً لوضعها. وفق المراقبين فإن معظم الجماعات المسلحة الوازنة في سوريا كأحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الرحمن تحمل الفكر الايديولوجي نفسه للنصرة والقاعدة مع اختلاف في بعض الفروع، بيد أن الفارق كان يكمن في أن الجماعات الأخرى تحظى برعاية لاعبين إقليميين كما هو حال “جيش الإسلام” مع السعودية و”حركة أحرار الشام” مع تركيا. وبالتالي فإن رعاية أي طرف إقليمي للجبهة بشكلها الجديد، ونجاحه في إقناعها بالالتزام بالتسويات الدولية، وإخراج المقاتلين الأجانب من بين صفوفها، قد يجنبها مصير “التنظيمات المارقة” في حال نضجت التسوية المنتظرة. مع العلم أن الجولاني أعلن في كلمته المتلفزة أن الجبهة الجديدة غير مرتبطة بأي جهة خارجية.
مآلات جبهة النصرة بعد هذا الإعلان الرسمي للانفصال ليست واضحة. فلا شك أن الجولاني ومجلس الشوري أجروا خلال الفترة الماضية مشاورات مكثفة مع قيادات التنظيم لتفادي حصول انشقاقات كبيرة داخله. لكن وبحسب تحليلات لمتابعين لشؤون هذه الجماعات، لا يستبعد أن يتطور تحالف النصرة مع أحرار الشام إلى اندماج بينهما، ولا سيما أن قادة الأحرار لعبوا في السابق دوراً كبيراً في دفع النصرة لاتخاذ قرارات كبيرة، منها الانخراط في الحرب ضد داعش، وتشكيل جيش الفتح، والتهدئة مع بعض الفصائل المختلفة معها كحركة نور الدين الزنكي.
في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 أعلن أيمن الظواهري “جبهة النصرة” فرعاً لتنظيم القاعدة في سوريا. في 28 تموز/ يوليو 2016 الظواهري نفسه يعفي النصرة من البيعة. ما بين هذين التاريخين شكلت النصرة أحد أبرز التنظيمات الإرهابية المسلحة في سوريا وأكثرها نفوذاً على الأرض وارتكبت من الهجمات والجرائم بحق المدنيين الكثير. المشهد لا شك اليوم يتبدل لكنه لا يزال ضبابياً ومن المبكر تبين تداعياته وما سيترتب عليه بانتظار المقبل من الأيام وما سيصدر من مواقف من موسكو وأميركا ودمشق وطهران وأنقرة والرياض بخصوص التطور الجديد وربما المفصلي.
المصدر: الميادين