جاستا 2019 وخطف أموال الأمراء السعوديين: أي علاقة؟
موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم:
ما الذي يربط بين ما يحصل في الداخل السعودي من اعتقالات ومصادرات، وقانون جاستا الأميركي؟ وهل قرر محمد بن سلمان أن يدفع لترامب من محفظة أعمامه وأولادهم كي ينجو بحكم السعودية؟
في البداية لا بد من تقديم بعض المعلومات المهمة حول قانون جاستا.
ما يعرف باسم قانون” العدالة ضد رعاة الارهاب “جاستا” هو مشروع قانون معلق في كونغرس الولايات المتحدة، ومرّر من قبل مجلس الشيوخ بلا معارضة في شهر أيار من 2016. وفي شهر أيلول من 2016 مرر بالإجماع في مجلس النواب. القانون لا يذكر هجمات 11 أيلول أو المملكة العربية السعودية، إلا أنه سيسمح ضمنيًا بإجراء دعاوى قضائية ضد المملكة من قبل الضحايا وأسرهم. والجدير بالذكر إبطال مجلس الشيوخ الأمريكي في سابقة تاريخية ” فيتو ” الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لتشريع قانون جاستا وذلك في 28 ايلول من 2016.
ويسمح القانون للمحاكم الأميركية بالنظر في قضايا تتعلق بـ “مطالبات ضد أي دولة أجنبية فيما يخص الإصابات، أو القتل، أو الأضرار التي تحدث داخل الولايات المتحدة نتيجة لعمل إرهابي يرتكب في أي مكان من قبل دولة أو مسؤول أجنبي”، وقد صوت مجلس الشيوخ بواقع 97 صوتا مقابل صوت واحد، لصالح رفض اعتراض الرئيس أوباما، ليحصل بسهولة على أغلبية الثلثين المطلوبة لإلغاء فيتو أوباما.. كما صوت مجلس النواب لصالح تجاوز “فيتو” أوباما بعد تأييد 348 صوتا ومعارضة 77 صوتا.
أول المتقدمين بدعوى قضائية كانت الأمريكية ستيفاني روس دي سيموني أرملة أحد ضحايا هجمات 11 أيلول 2001 ضد المملكة العربية السعودية بعد يومين فقط من دخول القانون حيز التنفيذ، كما بلغ عدد أسر الضحايا التي رفعت دعاوى جماعية إلى 850 أسرة و1500 من المصابين في ذلك اليوم، ضد حكومة المملكة العربية السعودية، بالإضافة الى عائلات نحو 2500 من قتلى هجمات أيلول وأكثر من عشرين ألفا من المصابين ومؤسسات وشركات تأمين تطالب بالحصول على مليارات الدولارات من السعودية تقدر بحوالي 3/ 3 ترليون دولار.
وذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية للأنباء أن الارملة الأميركية قالت في دعواها أمام إحدى المحاكم في واشنطن “أن المملكة العربية السعودية قدمت دعماً مادياً لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن”، وكانت لجنة تحقيق أمريكية قد انتهت في تقريرها الصادر عام 2004 إلى أنه “منفذي الهجمات ربما حصلوا على مساعدة من بعض المسؤولين السعوديين”، ونفت السعودية أي مسؤولية لها عن هذه الهجمات رغم أن 15 من بين 19 إرهابياً نفذوا الهجمات كانوا سعوديين، وقال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية لوكالة الأنباء السعودية الرسمية إنه على الكونجرس تصحيح الخطأ في قانون ضحايا هجمات 11 أيلول لتفادي “تداعيات خطيرة غير مرغوبة”، وأن القانون يثير قلق المملكة البالغ .
هذا القانون أثار توترات مع المملكة العربية السعودية، عندما هددت ببيع ما يصل إلى 750 مليار دولار من الأصول المالية إذا تم تمرير مشروع القانون، ونقلاً عن عدد من المحللين الاقتصاديين أوردت “نيويورك تايمز” أن المملكة العربية السعودية من غير المرجح أن تفعل مثل هذه التهديدات”، لأنه في نهاية المطاف سيشل اقتصاد المملكة.
من جهة ثانية، ذكر محامو الضحايا أن تحرك أسر ضحايا هجمات 11 أيلول ضد الإمارات العربية المتحدة يأتي بعد تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، وتحدث فيها عن تحريك محكمة أمريكية دعوى قانونية ضد بنك إماراتي بتهمة تقديم خدمات مالية لتنظيم القاعدة عن سابق قصد وعلم، وعن تضافر جهود السعودية والإمارات داخل أروقة القرار الأمريكية للضغط من أجل عدم تمرير قانون “جاستا”، وتلقف محامو ضحايا هجمات 11 ايلول هذه المعلومات للقول إن خطوات الإمارات لدرء تمرير قانون “جاستا” دليل على أن هناك ما تخشاه أبو ظبي ولا تريد له أن يُكشف.
ويقول محامو ضحايا الهجمات “إن الدعم الإماراتي لتنظيم القاعدة أثير في الدوائر القانونية في نيويورك ضمن سياق الأزمة الخليجية، ما دفع أسر الضحايا إلى مناقشة اتخاذ إجراءات قانونية ضد أبو ظبي. ويبني المحامون قضاياهم أيضا بالاستناد إلى ما ورد في تقرير لجنة التحقيق الخاصة بالهجمات، الذي أظهر أن مواطنَيْن إماراتيين كانا ضمن المهاجمين التسعة عشر، كما تمت الإشارة إلى الإمارات أكثر من سبعين مرة في ثنايا التحقيقات.
وانطلاقا من هذه الدوافع يبني المحامون الأمريكيون الحجة القانونية لقضايا يقولون إنها ستقدم للقضاء الأمريكي قبل كانون الثاني 2019 موعد انتهاء المدة القانونية لتقديم قضايا لها صلة بالهجمات، وقال شون كارتر المحامي الرئيسي للمدعين في الهجمات إنه تم التأكيد منذ وقت طويل على أن هناك علاقات طويلة الأمد ووثيقة بين تنظيم القاعدة وأشخاص مرتبطين بالحكومة السعودية، وأضاف “هذا دليل آخر على ذلك”.
وكان محامون يمثلون السعودية تقدموا في السنوات الماضية بالتماس لرفض الدعوى التي قد تفضي في نهاية المطاف إلى المحاكمة بعدما أزال الكونغرس عقبة الحصانة الدبلوماسية، كما طلبت السعودية رفض 25 دعوى قضائية تشير إلى مساعدة السعودية في التخطيط لهجمات 11 ايلول وتطالبها بدفع تعويضات للضحايا. وقالت الرياض في أوراق قدمت للمحكمة الجزائية الأمريكية بمانهاتن إن مقيمي الدعاوى لا يمكن أن يبرهنوا على أن المملكة أو أي منظمة خيرية تابعة لها مسؤولة عن الهجمات، وقالت أيضا إنها تستحق الحصانة السيادية، إلا انها أقرت بالأوراق التي قدمتها بأن قانون جاستا قضى على بعض دفاعاتها، لكنها تقول إنه ليس باستطاعة مقيمي الدعاوى حتى الآن البرهنة على ضلوعها في الهجمات، وأضافت أن هذا يشمل عمر البيومي الذي قيل إنه ضابط مخابرات سعودي اجتمع مع اثنين من خاطفي الطائرات في سان دييغو وكان “مكلفا” بمساعدتهم.
ما يجري اليوم في السعودية من اعتقالات في ظاهرها تمت بأوامر من لجنة مكافحة الفساد وشكّلها الملك سلمان برئاسة وليّ العهد محمد بن سلمان، وأعلنت أن مهمتها “حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام” بمعنى أن هذه الخطوة في السياسة تأتي في إطار تمهيد الطريق أمام ولي العهد، لتولي مقاليد الحكم في المملكة، عبر اعتقال الأمراء الذين يُتوقع أن يعارضوه من مراكز القوة، وعلى رأسهم قائد الحرس الوطني، لاستعادة الأموال المنهوبة من دون وجه حق كما قال وزير الثقافة الاعلام السعودي عواد العواد، وتم تصفية البعض أثناء محاولتهم الفرار على متن مروحية بقصفها من الجو كما حصل مع نائب امير عسير حسبما ذكرت الصحف الغربية نقلا عن مصادر موثوقة في الداخل السعودي .
ماليا تم اعتقال ملوك الإمبراطوريات الاعلامية صالح كامل صاحب محطات اي ار تي والوليد بن طلال صاحب محطات روتانا ووليد إبراهيم مالك قنوات تلفزيون الشرق الأوسط إم بي سي وقناة العربية الإخبارية مجموعة MBC. ورجل الأعمال السعودي المقيم في إثيوبيا محمد العمودي، أكبر المستثمرين والمساهم الرئيسي في سد النهضة، والغريب أنه كان يفاخر بدعمه ومساهمته الكبرى في إنشاء سد النهضة الإثيوبي الذي عارضته القاهرة لأنه يقلص حجم مياه النيل الواصلة إلى مصر، حيث اعترف عبر موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية، أنه ساهم بـ 88 مليون دولار في بناء سد النهضة.
تتواصل الاعتقالات لتشمل 50 شخصية من الأمراء والوزراء والمدراء العامين ورجال الأعمال واحتجازهم في فندق ريتز كارلتون تحت حراسة مشددة، وقد استحالوا إلى أرقام مالية مخيفة تقدر ب 500 مليار دولار ستودع في البنوك الأميركية تحضيرا لدفعها إلى ذوي ضحايا 11 ايلول الأميركيين في بداية العام 2019 ، ولا ننسى تصريح الرئيس الاميركي دونالد ترامب الشهير، والذي طالب فيه السعودية بدفع الأموال مقابل الحماية .
الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما طالب السعودية بتغيير المناهج التعليمية للحد من التطرف الوهابي، وهذا ما لن يحصل في القريب لأسباب كثيرة، ومنها تفجر الوضع الداخلي نظراً للفكر الوهابي المتجذر في المجتمع السعودي والنظام السعودي بحاجة ماسة له في إدارة الفتن المذهبية في المنطقة العربية كي لا ترتد الأزمات التي افتعلها إلى الداخل، ما يؤدي الى تفكك المملكة وبالتالي دول الخليج بكامله.