“ثورة قانونية” في العالم ضد إسرائيل
صحيفة الوفاق الإيرانية-
محمد عايش:
يستعد الفلسطينيون في بريطانيا لتسجيل دعوى قضائية أمام المحاكم المختصة في لندن تطلب إلزام الحكومة بالاعتذار عن “وعد بلفور” والاعتراف بمسؤوليتها التاريخية عن معاناة الشعب الفلسطيني، لكنّ هذه القضية التي ستهبط على محاكم لندن قريباً ليست الملاحقة القانونية والقضائية الوحيدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل ثمة “ثورة قانونية” ضد الإسرائيليين على مستوى العالم.
الدعوى القضائية التي يعتزم فلسطينيو بريطانيا إقامتها ضد “وعد بلفور”، تشكل تحركاً بالغ الأهمية، وسوف تكون محطة مفصلية ومهمة في الصراع مع الاحتلال ومقاومته بالوسائل السلمية، حيث أنها سواء انتهت باعتذار بريطانيا أم لا، فإنها بكل تأكيد سوف تعيد تنبيه الرأي العام في العالم الغربي إلى أصل القضية الفلسطينية، وسوف تعيد نسف رواية الكيان الصهيوني للصراع، وسوف تتيح للفلسطينيين، أن يقولوا للعالم روايتهم، وكيف أنهم كانوا موجودين على أرض فلسطين قبل أن يبدأ الاحتلال بالتهامها.
وبينما يجري تجهيز الوثائق والمرافعات اللازمة من قبل محامٍ رفيع المستوى في لندن لتسجيل دعوى ضد “وعد بلفور”، فإن مركزا متخصصاً في لندن يحمل اسم “مركز العدالة الدولية من أجل الفلسطينيين” (ICJP) ويديره نائب في البرلمان البريطاني ومحام شهير يدعى الطيب علي، يستعد لإيداع شكاوى لدى المحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ومن بينهم رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق بنيامين نتنياهو، وهي شكاوى سيتم تسجيلها في المحكمة باسم ضحايا مدنيين أو صحافيين، أو أشخاص كانوا ضحية عقوبات جماعية قام بها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين. في الوقت ذاته فقد بدأت محكمة فدرالية أمريكية في ولاية تكساس، النظر في دعوى أقامتها شركة مملوكة لرجل أعمال أمريكي من أصول فلسطينية، يطلب فيها إسقاط قانون مناهض لحركة مقاطعة الكيان الصهيوني (BDS)، وفي حال نجح هذا الرجل في إبطال هذا القانون المقيد للحريات، فهذا يعني أن حركة المقاطعة التي تريد معاقبة الكيان الصهيوني على جرائمها سوف تكون قد حققت انتصاراً مهماً. هذه ليست التحركات القانونية والقضائية الوحيدة ضد الاحتلال في العالم، فقد سبق أن سجَّل محامون بريطانيون شكوى جنائية ضد وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني لدى الشرطة البريطانية، وطلبوا التحقيق معها في ارتكاب جرائم حرب. وفي فرنسا سجلت مؤسسة “العدالة الواحدة” التي يديرها المحامي الفلسطيني الفرنسي خالد الشولي، دعوى لدى الجنائية الدولية باسم مالكي برج “الجلاء” الذي نسفه الاحتلال الاسرائيلي في غزة خلال الحرب الأخيرة، وهو البرج الذي تم نسفه دون أي ذنب لسكانه، ومن دون وجود أي مواجهات ولا اشتباكات مسلحة، وهو البرج الذي يضم مكاتب قناة “الجزيرة” ومكاتب وكالة “أسوشيتد برس”.
ما يحدث في العالم يمكن وصفه، ومن دون أي مبالغة، بأنه “ثورة قانونية” ضد الكيان الصهيوني وحالة استنفار عالمي من أجل منع الإفلات من العقاب، الذي كان الاحتلال الاسرائيلي يتمتع به طيلة العقود السبعة الماضية. ثمة تحرك عالمي في محاكم ومحافل مختلفة من أجل معاقبة الاحتلال وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وفضح رواية الكيان الصهيوني المزيفة، وهذه التحركات ليست مسبوقة من قبل، كما أن هذا النشاط في الخارج أسخن وأكبر من أي نشاط داخل الأراضي الفلسطينية، وهو نشاط بالغ الأهمية ويجب أن يفهم الجميع بأنه سيؤتي أكله ولو بعد حين.
هذه المعارك القضائية، حتى لو لم تنجح في معاقبة مجرمي الحرب بالطرق التقليدية، أي بوضعهم داخل السجون، فإنها ستؤدي الى تحريك الرأي العام وزيادة الوعي بقضية فلسطين، وفضح جرائم الكيان الصهيوني والأكاذيب التي تروجها الآلة الإعلامية الإسرائيلية، وهذا بحد ذاته سيكون إنجازاً مهماً بالنسبة لقضية يراد لها أن تختفي ويراد أن يتم طمسُ معالمها.