ثقافة العنصرية والتمييز لدى الكيان الإسرائيلي
صحيفة البعث السورية-
عناية ناصر:
تستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وبشكل اعتيادي آليات صارمة وغير قانونية لقمع المقاومة الفلسطينية المشروعة، وتتخذ إجراءات غير مسبوقة لإلحاق المعاناة والضرر بالفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومخيمات اللاجئين وحتى في السجون.
إن المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي مضمونة بموجب القوانين والمواثيق الدولية، ومع ذلك فإن الإبلاغ عن أي فلسطيني يقوم بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي يتعرّض للاعتقال ويعاقب بشدة، وإذا رفض تسليم نفسه لقوات كيان الاحتلال، فإنه يكون عرضة للاعتقال العسكري، والذي قد يؤدي إلى مقتله وليس اعتقاله فقط.
عندما يقع مثل هذا الحادث، فإنه يحظى بإشادة واسعة من قبل المسؤولين الإسرائيليين، الذين يحصلون على دعم دولي لجميع أفعالهم بحجة “الدفاع عن النفس”. على سبيل المثال، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقتل ثلاثة فلسطينيين أثناء قيادتهم لسيارتهم بالقرب من مخيم جنين للاجئين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تمّ إطلاق سراح اثنين من المستوطنين المتطرفين المتهمين بقتل الشاب الفلسطيني قصي جمال متان البالغ من العمر 19 عاماً في قرية برقة بالضفة الغربية.
إذا كان القاتل فلسطينياً والضحية مستوطناً متطرفاً، فسيتمّ اعتقال الفلسطيني مدى الحياة، وسيقضي أقرباؤه وقتاً طويلاً في السجن، وستتعرّض قريته أو بلدته بأكملها لعقوبة جماعية وسيتم هدم منزله. لكن قاتل الشاب الفلسطيني كان مستوطناً، وعلى إثر ذلك اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي عدة مواطنين، وذلك فقط لتواجدهم في المكان، حيث أصيب أحد المستوطنين بحجر وكدمة خفيفة في رأسه.
طلب عضو الكنيست الإسرائيلي، أحمد الطيبي، الإذن لزيارة الفلسطينيين المحتجزين على خلفية هذه القضية، لكن تمّ رفض طلبه، بل تمت المطالبة برفع الحصانة البرلمانية عنه كي يتمّ اتهامه بالتحريض على الإرهاب. في غضون ذلك، أعطي الإذن مؤخراً لعضوين في الكنيست الاسرائيلي، لهما المكانة البرلمانية نفسها مثل الطيبي، بزيارة مستوطن يهودي متطرف في المستشفى.
هذا التمييز العنصري، أحد أسس السياسة الإسرائيلية، فالمستوطن المتطرف عندما يقتل فلسطينياً لا يمكث أسبوعاً كاملاً في السجن، والمستوطن الذي عانى من كدمات خفيفة يتلقى علاجاً عالي الجودة في مستشفى عالي التقنية، بينما يتمّ إرسال الفلسطينيين إلى السجون بسبب رميهم الحجارة أو الاحتجاج على الاحتلال، ويتحمّلون ظروف اعتقال قاسية ويمنعون من الزيارات العائلية أو إجراء المكالمات الهاتفية، كما يُحرم الأسرى الفلسطينيون المصابون بأمراض خطيرة، بما في ذلك السرطان، من العلاج المناسب.
ومثال آخر على عنصرية إسرائيل هو الطفل الفلسطيني أحمد مناصرة، البالغ من العمر 13 عاماً، الذي دهسه مستوطن إسرائيلي، وأطلق النار عليه وأصيب نتيجة ذلك بجروح خطيرة، إضافة إلى قتل ابن عمه.
ليس جيش الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يميّز بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل أيضاً الهيئات التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية، حيث أظهرت مقاطع فيديو سيارة إسعاف إسرائيلية تمرّ بجوار المناصرة وهو ينزف في الشارع، وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أنه تمّ تركه ينزف حتى من قبل المسعفين الإسرائيليين الذين اعتبروه مجرماً لمجرد إطلاق النار عليه من قبل قوات الاحتلال. كما قام المستوطنون الإسرائيليون بالصراخ عليه، وهاجموه بالكلام والشتائم وهو ينزف لمجرد أنه فلسطيني أطلقت عليه قوات الاحتلال النار. إن هذه الحادثة تظهر أن الإسرائيليين عنصريون، والعنصرية ثقافة لديهم، وما الهجوم اللفظي على المناصرة وإساءة معاملته إلا إثبات على ذلك.