#توطين_اللاجئين جِدّي؟ لحساب مَنْ؟
صحيفة البناء اللبنانية ـ
ناصر قنديل:
– عندما تتكاثر المؤشرات على قرب حدوث تحوّل أميركي في الحرب السورية، ومثلها تتكاثر أسباب هذا التحوّل، يصير السؤال عن كيفية التموضع في موقعَيْن حساسيَنْ من حاصل الحرب الأميركية. الأول هو كيف ستتصرّف السعودية، والثاني كيف سيتصرّف تنظيم «القاعدة» بفروعه المتعدّدة مع هذا التحوّل؟ فكما كان متوقعاً مع نهاية حزيران أعلن الأميركيون أنهم بصدد تحوّل كبير في التنسيق مع روسيا، لا يكون في نقاش راهن ولا في المدى المنظور لمستقبل الرئاسة السورية، تسليماً بغياب أدوات تترجم الرغبة برحيل الرئيس، وتسليماً موازياً باستحالة التنسيق مع روسيا من دون هذا التبديل الأميركي في الأولويات، التي قال رئيس المخابرات الأميركية إنها ستقتصر على التعاون العسكري مع روسيا في الحرب على الإرهاب، مقابل التعاون في تحييد المعارضة التي تبتعد عن التشكيلات الإرهابية من غارات الجيشين الروسي والسوري، تمهيداً لعملية مصالحة سورية سورية تنتج حكومة جديدة وتضع دستوراً جديداً نحو انتخابات، كما نص القرار 2254.
– مع هذه المؤشرات التي تتالت بسرعة عبر مقالات في الصحف الأميركية الكبرى تبشيراً بالتغيير، سواء «واشنطن بوست» أو «نيويورك تايمز»، أسباب تتعاظم لفرضه، فعدا عن سقوط الرهان على المماطلة لمنح مسلحي المعارضة المدعومة من تركيا والسعودية، بالتناغم مع جبهة النصرة فرصة تحقيق إنجاز يغيّر المشهد العسكري شمال سورية خلال شهور ثلاثة دون جدوى، بدأت تركيا تتموضع وفق معادلة سقوط هذا الرهان، وها هي تذهب إلى موسكو بالشروط الروسية، وبالمقابل ها هو الاتحاد الأوروبي مضطرب ومرتبك وعاجز، تحت ضربة الخروج البريطاني، مع انحسار عائدات المشروع الإمبراطوري بالسلبيات والخسائر، والانتخابات الرئاسية الأميركية تقترب وليس من سبيل لشحنة دفع لحساب المرشح الديمقراطي إلا تقدّم نوعي في الحرب على الإرهاب، وخصوصاً تنظيم داعش بالنسبة للأميركيين، الذين حصدوا خيبة موازية لخيبتهم في شمال سورية، في شرقها مع وحدات سورية الديمقراطية والجيش الجديد.
– التغيير يبدو مقبلاً وبسرعة، والرهان الروسي عليه كان وراء مهل تتجدّد منذ ثلاثة أشهر، ومع اقتراب اللحظة يبدو السؤال ملحاً عن كيفية تصرف السعودية و«القاعدة»، وقد سبق أن مرّت المنطقة بسؤال مشابه مع حرب العراق والفشل الأميركي ونية الانسحاب، فماذا فعلت السعودية وماذا فعلت «القاعدة»؟ ذهب السعوديون للأميركيين وقالوا بلسان الملك عبدالله للرئيس جورج بوش إنّ إصلاح الوضع في العراق لصالح النفوذ السعودي بات مستحيلاً وإنّ البديل الذي يعوّض خسارة العراق بحكم التكوين الديمغرافي هو سورية، وبدأ الإعداد يومها للقرار 1559، ويومها تلاقت القاعدة مع التموضع السعودي وقرّرت النزوح نحو سورية، وبدأ بناء الخلايا والمرتكزات في سورية منذ العام 2004، وظاهرة أبو القعقاع في ريف حلب، واليوم مع بدء الاستدارة الأميركية، يبدو تموضع السعودية و«القاعدة» نحو لبنان.
– يبدأ الكلام السعودي من الديموغرافيا وكلام «القاعدة» من الجغرافيا، فالانتقال السعودي من الخيار العراقي الذي دعمت الحرب عليه، إلى الخيار السوري، كما نشرت مجلة «التايم» عام 2003 عن لسان بندر بن سلطان والملك عبدالله، كان التوزّع السكاني مذهبياً في كلّ من البلدين وما يمنحه للسعودية من عناصر قوة، بينما كان الرهان القاعدي على سورية ينطلق من مكانة شمال سورية في أرياف حلب وإدلب وريف اللاذقية، على الحدود السورية التركية، وقربه من البحر المتوسط، واليوم يبدو الرهان السعودي وفقاً لما يبديه الأميركيون والأوروبيون من حماس غير مفهوم لتوطين اللاجئين السوريين في لبنان، ومثلهم من قبل وربما غداً، توطين اللاجئين الفلسطينيين، وإحداث توزان ديمغرافي جديد، يقاس بتقبّله شخص رئيس الجمهورية الجديد، يوضع الفيتو على كلّ مَن يعارضه بقوة، ووفقاً لتقارير غربية يجري التفكير بتوطين مليون سوري في لبنان، هم المعارضون الذين لن يستطيعوا العودة إلى سورية بسبب ماضيهم، وأدوارهم في الحرب، مع عائلاتهم، وليس مَن هربوا بداعي البحث عن مكان آمن.
– تهجير مسيحي في البقاع يخطط له تنظيم داعش، لتأمين فراغات جغرافية بلا سكان تتيح بلوغ شمال لبنان وساحله المتوسطي، ورهان على تحالفات هناك مع الخارجين من تيار المستقبل، والضربات المكثفة على القاع لا تقول إلا أنّ التهجير هو الهدف، والرسالة هي مهما كلف الأمر لن ندعكم تبقون هنا، وبين مطرقة القاعدة والسندان السعودي، لبنان ممنوع من رئاسة جمهورية، حتى لو نضجت المنطقة للتسويات، والسير حثيث للضغط المالي لتجفيف الاقتصاد وإفلاس المصارف وضرب الليرة، بحجة العقوبات على حزب الله، أملاً بالرضوخ اللبناني للمشروع السعودي، كشرط لتعويم مصارفه واقتصاده وليرته، والإفراج عن رئاسته المخطوفة.