تناغمات روحاني ـ أوباما تربك النادي الخليجي
حزب الله يخترق في الحراك الأردني لصالح طهران والأمير بندر قد يكون أول ضحايا المستجدات
صحيفة القدس العربي من لندن ـ
عمان ـ بسام البدارين:
تنظر غرفة القرار الأردنية العميقة ببعض الإرتياب للتطورات اللافتة التي تشهدها عملية التواصل بين مؤسستي الرئاسة في طهران واشنطن حيث فرضت عملية غزل عن بعد بين العاصمتين قواعد جديدة للعبة على مستوى عواصم عربية في المنطقة.
الانطباع داخل أوساط القرار الأردنية وتحديدا تلك الملتصقة بشخصيات سعودية وإماراتية يتكرس بأن الضرورة الملحة تتطلب قراءة دقيقة للواقع في ظل التوازن القوى الدولية واعادة صياغة بعض الأدوار والتحسب لكل الاحتمالات.
سياسيا يعتقد المحلل السياسي والوزير الأردني الأسبق وجيه العزايزة بان تبادل الرسائل بين الثنائي اوباما وروحاني عامل مهم وأساسي لا بد من التوقف عنده بجدية عندما يتعلق الأمر ليس فقط بالملف السوري ولكن بمجمل ما يجري في المنطقة.
وجهة نظر عزايزة تفترض ومن باب الإجتهاد التحليلي بأن الفرصة متاحة اليوم والأرضيات تمهد لانطلاقة صفقة التسوية الكبرى للملفات الأساسية في المنطقة خصوصا بعد ابتعاد شبح الضربة العسكرية وشبه الاتفاق بين الفرقاء على برنامج تسليم الكيماوي السوري.
ثلاث نتائج وعوامل يمكن تأملها كنتائح فورية لمغازلة روحاني واوباما التي انشغل العالم بها مؤخرا على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
العامل الأول يتعلق بتأثير هذه التناغمات على قوة وحضور دول نادي الخليج العربي بشكل عام في المعادلة الإقليمية، وتحديدا في المسار السوري حيث يعتقد بأن حملة الغزل الدبلوماسيية الإيرانية التي جذبت اهتمام اوباما قد تضعف هامش المناورة والمبادرة أمام دول الخليج لصالح اللاعب الإيراني والراعي الروسي خصوصا وأن دمشق باعت تماما ملف الكيماوي الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا.
العامل الثاني باجماع المحللين يتعلق بالموضوع الإسرائيلي حيث تتقلص هوامش المناورة والمبادرة أيضا أمام بنيامين نتنياهو المحرض الأكبر على ضربة عسكرية لإيران.
وهنا حصريا يلفت عزايزة النظر الى بعض تعبيرات الصحافة الإسرائيلية المؤثرة التي تتوقع تغييرا في معادلة الغطاء الأمريكي الشامل والدائم لإسرائيل حيث ظهرت مقالات لكتاب كبار في اسرائيل تطالب بالإستعداد نفسيا للعب الإنفرادي بعد الآن.
مقابل ذلك وفي ذروة لحظة التعاطي الإيراني مع اوباما والولايات المتحدة يتكفل حزب الله اللبناني الصامت الى حد كبير بانجاز اختراقات في الظل لصالح المعادلة الإيرانية والسورية.
ويفسر ذلك تمكن حزب الله الأسبوع الماضي من تدبير زيارة لوفد يمثل بعض قوى حراكية أردنية وهو وفد زار طهران عبر رافعة بيروت وحضانة حزب الله مع التفكير حاليا باختراقات أكثر عمقا في الساحة الأردنية مثلا عبر مراكز دراسات أو تواصل اعلامي.
العنصر الثالث في تداعيات الغزل النسبي المتبادل بين واشنطن وطهران يتمثل في الإحتمالات القوية للدخول وبصورة فورية في تسوية شاملة لعملية السلام بالمنطقة بعد الانتهاء من مراسم دفن الكيماوي السوري على أن معادلة جديدة ستبرز في هذا السياق مبرمجة على أساس دور نشط وفاعل لسورية الجديدة بعد اغلاق التسوية الداخلية واعادة التموضع في انتاج تسوية شاملة ستكون ايران طرفا اساسيا فيها.
هنا حصريا يقرع الأردنيون جرس الإنذار خوفا من تقليص دورهم في عملية السلام لصالح دور ممكن ان يحظى به النظام الجديد او البديل في دمشق.
بالقياس يمكن وفي وقت مبكر تلمس آثار عاصفة لاي تفاهمات ايرانية امريكية على الأوضاع الداخلية في تركيبة حكم بعض الدول الكبيرة مثل السعودية حيث يسود الاعتقاد بان شخصية من طراز الامير بندر بن سلطان ستخرج من المعادلة في وقت قريب ضمن ميكانيزم التفاعل مع المستجدات والأحداث.
ويسود الاعتقاد بأن الأردن بدوره سيحرص على ادامة التواصل في الأسابيع القليلة المقبلة مع نظام دمشق وبعض أطياف المعارضة فيه بالحد الأدنى، الأمر الذي قد ينتهي بتعيين مستشار سياسي جديد في القصر الملكي الأردني قد تكون مهمته هندسة وترتيب مثل هذا التواصل حتى ان الأمر قد ينعكس على مناصب بعينها بالحالة الأردنية. في دولة مثل الامارات ثمة مؤشرات موازية على نمط القلق العربي وكذلك في أوساط الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي كلف بدوره بعض المقربين منه بالاتصال بفرقاء سوريين.
محصلة القول يمكن النظر لرسائل المجاملة المتعددة بين اوباما وروحاني باعتبارها أشبه بزلزال سياسي ودبلوماسي ضرب دبلوماسية التخاصم في دول الاعتدال العربي مع طهران ودمشق وموسكو.
هذا الزلزال يتميز بالديناميكية فقد صدم العواصم المعنية بعد الهزة الارتدادية الحاصلة اثر استبعاد خيار الضربة العسكرية ومجسات الاستشعار تترقب اليوم هزة ارتدادية موازية تحت عنوان الملف الفلسطيني.