تموضع حماس الجديدة
موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير*:
حماس الجديدة هي حماس التي تركت أنشطة الجهاد الفلسطيني، وانخرطت في أنشطة المشاريع الإقليمية للإخوان المسلمين.
ومن حيث الزمن بدأت حماس الجديدة تاريخياً من لحظة ارتمائها في الحضن القطري. وحيث أن متطلبات التموضع للجهاد الفلسطيني تختلف عن متطلبات التموضع في المشروع الإقليمي للإخوان، وقد يتناقضان، فلا يستطيع المرء تغطية تموضعين متزامنين، خاصة إذا كان التموضعان على طرفي نقيض. كما أن البيانات الواردة من الممارسة الحقلية لا بد وأن تؤدي إلى استقراء التموضع المستهدف، مهما كانت درجة التقية التي تمارسها.
إن التموضع الجديد لحماس الجديدة، والمتطلب من خلال انخراطها في المشروع الإقليمي للإخوان، مثل إنشاء الخلافة الإسلامية الفتنوية وعاصمتها القدس، والتي بشر بها هنيّة في إحدى لحظات تجليه في خطبة جمعة، يختلف عن متطلبات التموضع للجهاد لاسترداد فلسطين.
تموضع حماس الجديدة يتطلب أنشطة حقلية محددة، بغض النظر عن الظرفية التي تتم خلالها خطوة إعادة التموضع هذه أو تلك، فهذه الظرفية أو تلك هي عناصر من الصدق الظاهري ولا تنتمي إلى صدق المحتوى.
تموضع حماس الجديدة يتطلب منها كسر شوكة حركة الجهاد الإسلامي؛ لذا كان متوقعاً ـ بكّرت الخطوة أم تأخرت قليلاً ـ أن تحاول حماس القضاء على حركة الجهاد الإسلامي باعتبارها حركة مقاومة إسلامية، أي تنافسها وتمنعها من الاستفراد بالساحة.
في هذا الإطار يأتي اغتيال الشهيد رائد جندية من قبل حماس الجديدة. أي أن اغتيال رائد جندية ليس بالحدث العابر او الظرفي، إلا بقدر ما كانت الحوادث التي تفتعلها وتقوم بها الحكومة الأردنية ضد العمل الفدائي نابعة حقيقة من هذا الخطأ أو ذلك الخطأ الذي يقوم به العمل الفدائي! لذا فأنا أقول للإخوة في الجهاد الإسلامي: انتبهوا فأنتم مستهدفون من قبل حماس الجديدة وفتح عباس على السواء! فتموضع حماس الجديدة يتطلب إزالتكم عن الساحة. وإذا كانت حماس اليوم لا تستطيع ابتلاعكم أو إلغاءكم، فهي تأخذكم خطوة خطوة وفي كل خطوة تخلق المسوّغات الظرفية الآنية، تماماً كما فعل النظام الأردني مع العمل الفدائي! ـ
كان الإخوان يتعللون بمبارك، ومن قبله بالسادات، فهما اللذان يمنعونهم من الجهاد لاستراداد فلسطين السليبة! وما زالت أشعارهم وغزلهم بالمتطوعين من الإخوان الذين ذهبوا لفلسطين لمحاربة الصهاينة موجودة.
ها أنتم وصلتم إلى سدة الحكم في أرض الكنانة، خير جند الأرض، بل وها هي حماس تحكم قطاع عزة، وأنتم تعدون حماس مسمى لحركة الإخوان في فلسطين. وها أنتم تصلون معا إلى خطوط التماس مع العدو الصهيوني والقرار قراركم. فماذا أنتم فاعلون؟ هل هناك علامات أنهم بدأواالتحرك لتحرير فلسطين؟!
وإذا بالإخوان يعلنون النفير للجهاد، هل هو للجهاد في فلسطين؟ لا بل هو الجهاد في سوريا! ويقفزون من فوق الحقائق، ليذرفوا دموع التماسيح على الشعب السوري! متناسين أن 90% من المسلحين هم غير سوريين، ناهيك عن مغازلة الثوار الكذبة، ليس فقط للإسرائيليين، بل لأقذر الصهنازيين في إسرائيل أمثال شارون! ـ
أي أنه بدلاً من أن تجر حماس الإخوان إلى خصوصيتها، حيث الجهاد لتحرير فلسطين له الأولوية القصوى، على الأقل من جهة أن “جحا أولى بلحم ثوره”، إذ بها تذوب في عمومية الإخوان، وترتّب أجندتها بناء على ذلك! وها هو عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، نيابة عن حماس يصرح بذلك علناً ودون حياء، بعد أن كانوا يتكلمون خلسة، بمعنى أنهم انتقلوا من الفسق إلى الفجور بالمصطلحات الشرعية، وها هو يصرح لصحيفة الشروق الجزائرية بـ “أولوية دعم المعارضة السورية في معركتها لوقف إراقة الدماء، على أي انشغال آخر، بما في ذلك الجهاد في فلسطين”. وكأن الشعب الفلسطيني انتخب حماس لتحرر سوريا!
وعندما يسأله مسؤول الصحيفة عن إمكانية وجود شبهة من دعم الغرب والولايات المتحدة الأمريكية للمعارضة السورية، فيجيب بأن الغرب لا يعمل لوجه الله تعالى، هذا مفروغ منه، لكن تلتقي البشرية جمعاء للدفاع عن حقوق الإنسان، ومن ثم أي جهد للدفاع عن حقوق الإنسان هو جهد مرحب به. يعني بالعربي هو مستعد للدخول في تحالف مع الولايات المتحدة (وأتباعها في المنطقة بالطبع بما فيهم إإسرائيل) لتحرير سوريا! تصريح دويك هو جزء من تموضع حماس الجديدة.
*كاتب فلسطيني من غزة