تموز.. انتصار وفوز
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
ما الذي يمحو التاريخ الجميل؟
التاريخ هو ذاكرة الأيام، نعود إليها وتعود إلينا في كل الأوقات، ويبقى لوقت الحدث وقعه الخاص، فكيف إذا كان العنوان يختصر تاريخ بلد، وتاريخ مقاومة ميّزت نفسها بقوة الثبات، والقدرة على الانتصار؟
في مثل هذه الأيام، قبل إثني عشر عاماً، كان العدو ينازع، وبعد همجية رعناء استخدمها لأكثر من عشرة أيام، عندما قرر العدو الصهيوني الحرب الشعواء التي أراد منها محو ذكر المقاومة، كان يحاول أن يقنع نفسه بأن هذه المقاومة تعبت وسوف تستسلم، بعد كل ذلك الدمار الذي ألحقته الآلة العسكرية، وخاصة سلاح الجو، بجمهور المقاومة والبنى التحتية، ونفد من عندها بنك الأهداف، فكانت طائراته تقصف المكان وتعاود قصفه من جديد، ولكنه ومثل كل مرة كان يخطئ في الحسابات، فامتدت صواريخ المقاومة إلى أماكن أبعد مما تخيل العدو وازداد رعبه وخوفه من هذا الصمود الأسطوري، وبات هو في المأزق.
كان الوضع مصداقاً للآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم “ولَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” (سورة النساء) صدق الله العلي العظيم. وانتهت الحرب في 14 آب 2006 بعد حوالي 33 يوما على بدئها بنصر مؤزر للمقاومة، واضطر العدو لوقف القتال دون قيد أو شرط، وخرجت المقاومة من هذه الحرب أصلب وأقوى مما كانت.
وحفرت في الذاكرة عميقاً، وتحولت ذكراها إلى بركة تنسحب على كل الأيام والليالي، بفضل الله أولاً، وبفضل سواعد الأبطال والزنود السمراء التي لوّحتها شمس تموز، لتكون حجة على العالمين.
“والشهداء لهم أجرهم ونورهم” (سورة الحديد) أجرهم على الله وهل أحسن من الله في تقديم الأجور؟ ونورهم يضيء لأهل الدنيا فيزرع بركاته حيثما يحل، ويسعى أمامهم في الآخرة لينالوا به أرقى الدرجات، فهم نور على نور، فيشع انتصار دمائهم نصراً يملأ الآفاق.
والجرحى، الشهداء الأحياء، تشهد جراحاتهم على فترة زمنية كتبت بحبر الدم، يسطّرون بتضحياتهم الطويلة حكاية عز للوطن.
فيا تموز الحكايات الجميلة، والأوجاع الطويلة، والبطولات المستحيلة، عرسك عرس الشهادة، ونصرك نصر ولادة، وعنوانك أنبل قادة، على جبينك وشم العبادة، ومن بركاتك حلّت على المخلصين السعادة.
أما أهل النفاق، فنفاقهم عليهم وبال، وعتوّهم ديس بالنعال، وأصبحوا على خزيهم جاثمين، خائبين متألمين.
يا تموز الفخر والبطولة، أشرقت علينا بطمأنينة وهدأة بال، ولقنت العدو درساً من المحال، فهنيئا لك برجال هم أنقى وأنبل الرجال.