تكليف ميقاتي: معضلات التشكيل وحساسية المرحلة
موقع الخنادق:
كلّف الرئيس نجيب ميقاتي مرة جديدة لتشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية في أيار الماضي منذ الدعوة الأولى للاستشارات النيابية الملزمة. وهو خلاف ما جرى في الفترة التي سبقت تكليف ميقاتي في تموز الماضي حيث شهدت تلك الأشهر مناكفات سياسية حول الأسماء وجولات من التكليف دون التأليف.
النواب “الجدد” نحو مزيد من التشرذم
لم يكن تكليف ميقاتي مفاجئاً حيث لم يتنافس معه فعلياً سوى نواف سلام المطروح من النواب “الجدد” وممثلي الجمعيات غير الحكومية في المجلس النيابي، لكنهم بسبب تشرذمهم لم يستطيعوا تمرير سلام. وهو ما يضاف الى إخفاقاتهم في الاستحقاق الأول مع عدم قدرتهم على منع وصول رئيس البرلمان نبيه برّي مكتفين بالنكاية السياسية عبر زجّ الشعارات في أوراق التصويت. كما لم يستطع هؤلاء كسب المعركة على منصب نائب الرئيس، فسقط مرشحهم غسان سكاف مقابل النائب الياس بو صعب، بالإضافة الى عدم تقديمهم لمرشح عن منصب أمانة سر المجلس تحت ذرائع طائفية غير منطقية.
كذلك، كثّف السفير السعودي في لبنان وليد البخاري من “نشاطاته” بالتزامن مع الاستشارات النيابية، حيث اجتمع في لقاءات مع النوّاب السّنة (رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، رؤساء الجمعيات الإسلامية في لبنان، أشرف ريفي، عبد الرحمن البزري، بلال الحشيمي، عبد العزيز الصمد، محمد سليمان، فؤاد مخزومي، ياسين ياسين وأحمد الخير) الى جانب لقائه بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. في محاولة لتعويض ما خسرته الرياض في الانتخابات.
لماذا قد يتعرقل التشكيل؟
من ناحية أخرى، كلّف ميقاتي بـ 54 صوتاً، شكلت أصوات نواب الثنائي الشيعي وبعض الحلفاء نسبة مهمة منهم. فيما أعرض عنه التيار الوطني الحر مما قد يصعّب عملية التأليف. لكنّ اعراض “التيار” ليس السبب الوحيد الذي يعقّد ولادة الحكومة الجديدة حيث أن الفريق الآخر قد لا يرغب في منح رئيس الجمهورية ميشال عون “انجاز” تشكيل حكومة قبل حوالي الـ 4 أشهر على نهاية ولايته.
أمّا مع دخول لبنان السباق الرئاسي قريباً، فيرى حزب الله أن تشكيل هذه الحكومة أمراَ في غاية الأهمية ويجب أن تكون أمورها وبرنامجها مدروساً. لأن البلد ونتيجة التجاذبات السياسية قد يقع في فخّ الفراغ الرئاسي، ممّا يحمّل الحكومة الجديدة مسؤولية إدارة البلاد. كذلك يأتي تكليف ميقاتي في فترة زيادة ضغوط الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، وهو ما يجب أن تعالجه هذه الحكومة، حيث قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد “لتكن الحكومة قادرة على خدمة الأولويات التي تتطلّبها المرحلة الحاضرة في البلاد ومنها: إنقاذ الوضع النقدي، تأمين الكهرباء، إقرار خطة تعافي للاقتصاد، تثبيت سعر الليرة اللبنانية، تنشيط الحركة الاقتصادية في مختلف المجالات، وتأمين المواد اللازمة الغذائية والطبيّة والحدّ الأدنى من الرعاية التي تسهم في الإنتاجية في المرحلة المقبلة” داعياً الأطراف السياسية جميعاً الى المسارعة في التشكيل “حتّى لا نضيّع الأشهر المتبقية في توزيع الحصص والتّخاصم حولها”.