تفجير السفارة: اللحظات الأخيرة
صحيفة السفير اللبنانية ـ
جعفر العطار :
في حين يستكمل الجيش و«فرع المعلومات» تفريغ وتحليل محتوى كاميرات المراقبة بغية رصد مسار الانتحاريين اللذين فجّرا نفسيهما بالقرب من السفارة الإيرانية، علمت «السفير» أن إحدى كاميرات المراقبة التابعة لـ«كافيه فقيه» أظهرت مرور السيارة من أمام المقهى في طريق المطار الجديد.
وتظهر الكاميرا أن السيارة الرباعية الدفع مرّت من أمام المقهى عند الساعة التاسعة و33 دقيقة، أي بعد ساعة على مغادرة الانتحاريين الفندق في فردان، متوجهة نحو «مستديرة الجندولين»، ومن هناك سارت نحو المفرق المؤدي إلى السفارة الإيرانية في بئر حسن.
وبينما أكدت مصادر الجيش و«فرع المعلومات» لـ«السفير» أن «تفريغ الكاميرات وتحليلها واستثمارها تحتاج إلى وقت وجهد مكثّف»، أوضحت مصادر مطّلعة أن «ما تردد في شأن مرور السيارة من طريق المطار القديم حصراً ليس دقيقاً، بل مرت من أحد مسارب طريق المطار الجديد بالقرب من المقهى، ويجري العمل حالياً على تحديد الطريق الفرعي الذي دخلت منه».
وقال مرجع أمني لـ«السفير» إن «المحققين توصلوا إلى تقديرات عدة، من بينها تحليل غير دقيق حتى الساعة، مفاده أن السيارة خرجت من إحدى المناطق الشعبية المكتظة بالسكان قرب طريق المطار»، مشيراً إلى أن النتائج «المؤكدة تتبيّن حين يتم ربط محتوى الكاميرات ببعضها».
ومن بين الترجيحات المفترضة للخط الذي سلكته السيارة قبل المقهى، ثمة احتمالات ترافقها أسئلة يعمل المحققون على تفسيرها، أبرزها: الفاصل الزمني بين خروج الانتحاريين من الفندق سيراً على الأقدام باتجاه الروشة، وبين لحظة التفجير هو ساعة. بذلك، لا يمكن تأكيد الفرضية التي ترددت في شأن مجيء السيارة من الجنوب.
المحققون المعنيون رسموا أكثر من خريطة افتراضية للمسار الذي سبق مرور السيارة من جانب المقهى، أهمها: خلدة، طريق المطار القديم، جسر المطار، فيما لم يُعلم حتى الساعة هل عاد الانتحاريان والتقيا بعد افتراقهما في منطقة الروشة سيراً على الأقدام، وأين؟
وأكدت مصادر أمنية موثوقة لـ«السفير»، أن الانتحاري معين أبو ضهر لم «يقصد الكويت نهائياً، خلافاً لما يتردد في هذا الشأن، بل تبيّن لنا أنه كان في لبنان قبل بدء معركة الشيخ أحمد الأسير مع الجيش بإثني عشر يوماً، وغادر إلى سوريا بعد انتهاء المعركة بتسعة عشر يوماً. واتصل بوالدته من سوريا، فسألته عن مكانه فأجابها: أنا في الكويت».
وتشير المعلومات إلى أن الانتحاريين تم اختيارهما من جانب «كتائب عبد الله عزام» بدقة، وتم اختبارهما نفسياً وفق أسلوب يعتمده تنظيم «القاعدة» مع الانتحاريين، إذ يخضعون لاختبارات نفسية مكثّفة تضمن عدم تراجع الانتحاري عن العملية حين تبدأ خطوات التنفيذ الأخيرة.
وخلافاً لما تردد عن ملاحقة الدركي الشهيد هيثم أيوب للانتحاري الذي كان يقود السيارة (عدنان المحمد) وإجباره على النزول من السيارة، اطلعت «السفير» على شريط فيديو لدى المحققين المعنيين، يظهر أن سائق السيارة رجع إلى الخلف قليلاً بعدما اصطدم بشاحنة المياه الصغيرة، ثم توقف عن القيادة لمدة 3 ثوان.
حينها، كان باستطاعة السائق أن يلتف حول الرصيف الفاصل بين خطيّ السير ويتجه نحو مدخل السفارة. لكن الفيديو يظهر بوضوح كيف ارتبك الانتحاري، ثم عاود السير باتجاه الشاحنة. في تلك الأثناء، وبينما المواطنون كانوا يتوافدون لمساعدة الضحايا، توجه أيوب إلى السيارة المفخخة، بهدوء، ووضع إحدى يديه على صندوق السيارة الأمامي.
بعد ذلك، اقترب أيوب من السائق الانتحاري، وما إن فتح الباب حتى دوى الانفجار الثاني.