تفجيرات فولغوغراد… والرد الروسي إزاء التورط السعودي
إبراهيم عبدالله –
موقع قناة المنار:
بعد ايام من تفجيرات فولغوغراد نقلت وسائل اعلام ومواقع اخبارية أن مدير الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتينكوف سلم تقريره النهائي بشأن التفجيرات الى الرئيس الروسي فلادمير بوتين ، حيث كشف التقرير أن أحد التفجيرات نفذه قيادي كان ينشط في جماعة مسلحة سورية مدعومة من السعودية، وعلى أثر هذا التقرير نُقل عن الرئيس بوتين “بأنه لن يمهل الجناة طويلاً وسيكون لروسيا ردها…”، فتوعد بحسب ما جاء في وسائل الإعلام مخططي تفجيرات فولغوغراد، برد قاس سيغير خارطة الشرق الأوسط ، مؤكداً أن تلك التفجيرات “مشابهة لتفجيرات سورية والعراق ولبنان”.
في السياق أكد المحلل السياسي التشيكي «لاديسلاف زيمانيك» أن “خطوط التفجيرين اللذين وقعا في فولغوغراد لا تنتهي عند حدود الشيشان أو شمال القوقاز وإنما تصل إلى السعودية”.وقال زيمانيك في تصريح إعلامي “ان السعودية الحليف الاستراتيجي منذ فترة طويلة للولايات المتحدة تجد علاقاتها مع روسيا متوقفة عند نقطة التجمد ولاسيما بعد إخفاقها في تغيير مواقف موسكو تجاه الأزمة في سوريا”.
وعليه، ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة من سيناريوهات مفترضة قد تلجأ إليها القيادة الروسية في ردها على الإعتداءات الواقعة على أراضيها؟
باتت توقعات الرد تنحصر بالإجمال ضمن إتجاهين:
الإتجاه الأول قانوني يندرج ضمن مسارين متتالين يبدأ بالسعي عن طريق مجلس الأمن لإدانة تفجيرات فولغوغراد، بهدف الإستحصال على قرار دولي ملزم يعتبر التفجير عملا إرهابيا يمس بالسلامة والأمن الدوليين، وينتهي بإحالة المتورطين في الإعتداء على المحكمة الجنائية الدولية، ويلزم الدول المتورطة بتسليم الجناة مهما علا شأنهم وفي حال تخلفها سوف تتعرض للعقوبات من قبل المجتمع الدولي.
الإتجاه الثاني المحتمل أمني ويتمثل بالرد على الإعتداء بمعادلة ردع أمني داخل بيئة الخصم.
وفي السياق إعتبر الديبلوماسي الروسي السابق فيتشلاف ماتوزوف في حديث لموقع المنار أن الجهات المتورطة في تفجيرات فولغو غراد هي الإستخبارات الأميركية كونها الراعي العالمي والأساسي لما يسمى بالتنظيمات العالمية كتنظيم الإخوان المسلمين والقاعدة وجميع متفرعاته وأسامة بن لادن بغض النظر عن الجهات التنفيذية سواء كانواعلى مستوى الأفراد من العرب أو القوقاز أو الشيشان أو على مستوى الدول الممولة للإرهاب العالمي كالمملكة السعودية،وأن روسيا الإتحادية ليست غبية لكي تصدق المسرحية الفاشلة حول ما يسمى “الغضب السعودي وحردها تجاه سيدها الأميركي”،معتبراً أن سلوك المسار القانوني مع الأعمال الإرهابية مضيعة للوقت باعتبار الإرهاب مرتبط بالولايات المتحدة الأميركية وعندما يحين الوقت وتقرر الإدارة الأميركية بفك إرتباطها بعالم الإرهاب ينتهي كل شيء، كون الإرهاب الدولي له إرتباطات دولية على صعيد الأجهزة الإستخبارية.
وأكد ماتوزوف أن الدولة الروسية سوف تتصدى للإرهاب الدولي على الأراضي الروسية دون مساعدة من أحد في إشارة الى العرض الأميركي بمساعدة روسيا في التحقيقات والذي إعتبر إستفزازاً للقيادة الروسية بحيث يأمرون بالتفجير ويساعدون ويشجعون على ذلك ثم يسارعون بعد وقوع الحادث الى تقديم المساعدات والمشورات.
وفيما خص تقديم دعوى دولية بحق المملكة السعودية، إعتبر ماتوزوف أن روسيا ليست عازمة على تقديم دعوى كونها لا تربط جريمة التفجير بالدور السعودي فقط، هناك أهم من الدور السعودي وروسيا كدولة عظمى تتعاطى مع الأسياد، باعتبار أن هناك مركزا واحدا يدير العمليات الإرهابية عبر العالم واشنطن عبر أجهزة إستخباراتها كونها تملك باعا طويلا في هذا المجال على أساس أنها من أوائل المستثمرين في مجال الإرهاب زمن الإتحاد السوفياتي.
تفجيرات فولغوغراد مرتبطة بالملفات الإقليمية
وبالنسبة لمدى علاقة التفجير بالملفات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، إعتبر ماتوزوف أن تفجيري فولغوغراد مرتبط بالملفات الإقليمية نتيجة نمو المجموعات التكفيرية في سوريا وبعد إشتباكات وتناقضات في تركيا وفي كل المناطق هذا النمو السريع للإرهاب سوف يرتد على الدول التي كانت تدعمهم بهدف تدمير سوريا والإطاحة ببنية الدولة، اليوم فشلوا في هذه السياسة ووصلوا الى المأزق وإصطدموا مع خطر الإرهاب المتوجه اليهم، فلذلك الإرهاب سوف يضرب كل العالم، في روسيا وسوريا والعراق واليمن وسوف يأتي الدور على الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية نفسها.
روسيا.. وإمكانية الرد
وحول إمكانية الرد الروسي على التفجيرات داخل الأراضي السعودية في حال ثبت تورطها، أشار ماتوزوف الى أن روسيا الإتحادية تتعاطى مع الموضوع بكثير من النبل ورفعة الأخلاق،لأنه من غير المنطقي معاقبة العرب أو المسلمين وتعريض مصالحهم للخطر إذا كان هناك مرتزقة إشترتهم الإدارة الأميركية لتنفيذ بعض أجنداتها، فروسيا لاتنظر اليهم على أنهم عرب أو مسلمين بل تنظر إليهم على أنهم مرتزقة أجانب غربيين ينفذون أجندات غربية وأميركية.
وفي تعليق على كلام الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأن الرد سيكون باهظ الثمن الى درجة يمكن أن يغير وجه الشرق الأوسط، رأى ماتوزوف ان هذا التصريح موجه ضد مراكز الإرهاب في الشرق الأوسط وليس ضد الدول والشعوب التي سوف تتعرض لضربة قوية من قبل الدولة الروسية بما فيها داخل أراضي روسيا الإتحادية.
مستقبل جنيف2 وحظوظ النجاح
فيما يتعلق باتفاق جنيف 2، لفت ماتوزوف الى أن المؤتمر معلق حتى تحسم الإدارة الأميركية أمرها، لأن أميركا امام إختيار إما أن تبقى مع القوى الإرهابية أو أخذ موقف المجابهة من تلك القوى التي تضرب سوريا وروسيا ولبنان وإيران والمنطقة.
جنيف2 وتحوله الى مؤتمر تتشكل فيه جبهة عالمية لمحاربة الإرهاب
وحول امكانية تحول مؤتمر جنيف 2 الى مؤتمر دولي لتشكيل جبهة عالمية لمحاربة الإرهاب، إعتبر ماتوزوف أن الأمر أصبح حاجة ملحة وأكثر من ضرورية لمناقشة موضوع الإرهاب الدولي على صعيد المجلس الأمن للأمم المتحدة، وهناك جهود تبذل لتحضير الأرضية بشكل حقيقي كون الأميركي يعتبر أن بعض التنظيمات هي بمثابة أدوات جيوبوليتكية، يستعملها لتهشيم منطقة الشرق الأوسط وتغيير الخرائط السياسية بما يتلاءم مع خارطة الشرق الأوسط الكبيرالذي بشر به المحافظون الجدد، هذا الأمر يعتبر من الموانع الحقيقية لأن الجزء الكبير من هذا الإرهاب هو تحت السيطرة التامة من قبل الإستخبارات الأميركية .