تفجيرات فولغوغراد تشعل المخاوف الأمنية في روسيا قبيل استضافة الألعاب الأولمبية
وكالة الأنباء القطرية:
سلطت صحف عالمية كبرى الضوء على التفجيرين الإرهابيين اللذين شهدتهما مدينة “فولغوغراد” الروسية خلال اليومين الماضيين، وراح ضحيتهما 33 شخصا فيما أصيب أكثر من مائة آخرين ، مشيرة إلى ان هذه التفجيرات الارهابية تؤجج مشاعر القلق حول مدى قدرة السلطات الروسية على تأمين الألعاب الاولمبية الشتوية التي تستضيفها، والمقرر انطلاقها في غضون ستة أسابيع من الآن.
وذكرت صحيفة /لوس انجلوس تايمز/ الأمريكية على موقعها الالكتروني اليوم انه على الرغم من ابتعاد مدينة “فولغوغراد” عن منتجع “سوتشي”، المقرر استضافته للألعاب الاولمبية، حيث يفصل بينهما نحو أكثر من 400 ميل، إلا ان تفجيرين إرهابيين في أقل من 24 ساعة كانا كافيين لإثارة المخاوف بين صفوف الرياضيين الأجانب الطامحين للمشاركة في الحدث الأولمبي، وبين صفوف السياح المقرر توافدهم على روسيا لمتابعة هذا الحدث الرياضي الرفيع.
وأوضحت الصحيفة أن منطقة جبال القوقاز الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود طالما ظلت لعقود من الزمان مصدرا للنزاع بين مسلحين من دويلات مثل الشيشان وانغوشيتيا وداغستان واوسيتيا وبين القوات الروسية التي سعت للقضاء عليهم.
وأضافت ان روسيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، قاتلت في حربين خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي لكبح جماح الانفصاليين الشيشان ، ومنذ ذلك الحين أصبحت المنطقة بمثابة منصة إطلاق لعشرات الهجمات ضد الرموز الروسية، راح ضحيتها المئات من المدنيين جراء هجمات استهدفت مطارات وقطار ومحطات مترو انفاق ومدارس ومستشفيات ومسارح، في حملة منسقة الهدف منها هو إجبار موسكو على منح هذه المنطاق حكما ذاتيا.
وأشارت إلى التحذير الذي أطلقه الزعيم الشيشاني دوكو عمروف في شهر يوليو الماضي، عندما هدد باستهداف مدينة سوتشي، واصفا الألعاب الاولمبية بانها “رقصات شيطانية فوق عظام أجدادنا”.
ودعا عمروف في رسالته، المصورة من داخل غابة، أنصاره في كل أنحاء روسيا إلى بذل أقصى جهدهم لإفشال إقامة الألعاب.. كما أعلن مسؤوليته عن عدة هجمات قاتلة تمت في روسيا في السنوات الماضية، إحداها في مطار موسكو- دوموديدوفو التي قتل فيها 37 شخصا، وهجمات في مترو موسكو خلفت 40 قتيلا.
وعلى الرغم من أن الألعاب الاولمبية الشتوية ستبدأ في السابع من فبراير القادم ، إلا ان تأمين مدينة سوتشي يجري حاليا على قدم وساق ، من خلال دوريات تقوم بها مركبات بحرية على طول ساحل البحر الأسود ونقاط تفتيش دائمة تعمل على طول الطرق وخطوط السكك الحديدية المؤدية الى المدينة المستضيفة الواقعة على ضفاف البحر الأسود.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة /وول ستريت جورنال/ الامريكية ان التفجيرات المتكررة في فولغوغراد، وأعمال العنف الإضافية المحتملة في اعقاب ذلك، تهدد بتشويه الألعاب الاولمبية الشتوية التي انفقت روسيا قرابة 50 مليار دولار من أجل تنظيمها، والتي راهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليها بفخره واعتزازه الشخصي.
وأوضحت الصحيفة ان الهجومين اللذين وقعا يومي /الأحد/ و /الاثنين/ على التوالي، الاول داخل محطة القطار المركزية بالمدينة والثاني على متن حافلة مزدحمة بالركاب، يعتبران الأكثر دموية في روسيا منذ قرابة ثلاث سنوات ، عندما وقع تفجير انتحاري داخل قاعة الوصول بمطار دوموديدوفو الدولي بموسكو في يناير عام 2011 ، أسفر عن مقتل 37 شخصا.
وأضافت انه رغم عدم إعلان أية جهة مسئوليتها فورا عن الهجومين الأخيرين في فولغوغراد ، إلا ان السلطات الروسية رجحت بأنه عمل إرهابي نفذه متشددون من منطقة شمال القوقاز المشتعلة، وفق المؤشرات الأولية.
ونقلت الصحيفة عن ماثيو كليمينتس، خبير دفاعي وأمني روسي، قوله “إن هذه الأعمال تمثل احراجا للحكومة الروسية وتخلق حالة من انعدام الأمن”.
وأضاف كليمينتس”ان فرص تنفيذ هجوم ناجح في أحد الاماكن الاولمبية ضئيلة ، ولكن تنفيذ هجمات في المنطقة المحيطة بها لا يزال له التأثير النفسي المرغوب من ورائها”.
وأشارت الصحيفة الى تصريحات ادلى بها رئيس اللجنة الاولمبية الروسية الكسندر تشوكوف، أكد فيها انه “ليس هناك حاجة لزيادة الإجراءات الامنية حول الالعاب الاولمبية ، وان جميع الخطوات اللازمة لتأمين الحدث تم اتخاذها بالفعل”.. لافتة إلى ان الهجمات الاخيرة أثارت تساؤلات جديدة حول ما اذا كان منتجع سوتشي هو الاختيار الأمثل لحدث عالمي رفيع المستوى مثل ذلك أم لا.
ونوهت الصحيفة بأن الرئيس الامريكي باراك اوباما عرض تقديم دعم إضافي للسلطات الروسية لمساعدتها في تأمين المناطق المحيطة بالألعاب الأولمبية.
وكانت قوات مكافحة الارهاب الروسية قد أعلنت، يوم أمس، انها قتلت ثلاثة مسلحين في مدينة / قباردينو – بلقاريا / التي تبعد نحو 200 ميل شرق سوتشي ، بعد ان اشتبهت في قيام المسلحين بتنظيم “مؤامرة” لتنفيذ هجوم خلال احتفالات العام الجديد.
ويوم الجمعة الماضي، لقي ثلاثة اشخاص مصرعهم جراء انفجار سيارة ملغومة خارج محطة شرطة في مدينة / بياتيغورسك / جنوبي روسيا ، التي تبعد نحو 170 ميلا عن سوتشي.
وعلى إثر ذلك، اتهمت مصادر أمنية روسية جهات خارجية، لم تسمها، في دعم الإرهابيين لزعزعة الأوضاع الأمنية في روسيا ، بعدما تمكنت موسكو من تعزيز دورها على الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا.
وقالت المصادر إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير راض عن أداء بعض الأجهزة الأمنية ، بعد أن كشفت فحوصات الحمض النووي أن الانتحارية التي نفذت عملية محطة القطارات في فولغوغراد هي صديقة الانتحارية التي نفذت عملية تفجير حافلة الركاب في المدينة ذاتها في 21 أكتوبر الماضي، الأمر الذي يوحي أن الأجهزة التي كشفت عن ملابسات تلك العملية الإرهابية أهملت خيوطًا مهمة في تحقيقاتها.
وأضافت المصادر ذاتها احتمالية لجوء بوتين إلى إعادة هيكلة بعض الأجهزة الأمنية لأنها باتت تواجه امتحانا حقيقيا في مكافحة الإرهاب.