تطبيع العلاقات السعودية-الاسرائيلية: استغلال بايدن ثم التخلي عنه؟
موقع الخنادق-
مريم السبلاني:
ثمة اجماع دولي- إقليمي على الرغبة المتبادلة بين إسرائيل والسعودية بتطبيع العلاقات بينهما. وفي ظل تراكم المؤشرات الدالة على دفع كلا الجانبين بهذا الاتجاه، -وتأتي الاتصالات الأخيرة بين ولي العهد ورئيس الوزراء الإسرائيلي ضمن هذا الإطار-، يبدو ان التوصل لاتفاق مكتمل الأركان هو مسألة وقت ليس إلا، يأتي نتيجة نضوج اللحظة الدولية قد يكون انتهاء ولاية الرئيس الأميركي، جزءاً منها.
يشمل الحديث عن تطبيع العلاقات بين كيان الاحتلال والمملكة، 3 أطراف لا اثنين. فالولايات المتحدة، في هذا الاتفاق بالتحديد، هي العرّاب والضامن وطريق التلاقي لكلا الطرفين. خاصة مع اشتراط محمد بن سلمان، تطبيع العلاقات مع واشنطن كخطوة أولى، تمهد لغيرها من الخطوات.
ويمكن قراءة مصالح الأطراف كالآتي:
بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقد وعد بتحقيق طفرة اقتصادية، يتخلص جراءها من المحاولات المستمرة للانقلاب عليه وحماية حكومته من الانهيار. فقد عمد إلى الترويج داخل الكيان، بأن “استمرار الاتفاق مع الرياض يعتمد على وقف محاولات الانقلاب على النظام” وتشير صحيفة هآرتس في هذا الصدد، أنه “ليس من الواضح ما إذا كان مطلب الرياض أو واشنطن، يعكس في الواقع ميل نتنياهو نفسه”.
توازياً مع ذلك، قام نتنياهو بتعيين، ديفيد أمسالم من حزب الليكود، -الذي يشغل حالياً منصب وزير في وزارة العدل-، رئيساً للجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية، وهو منصب مقدس في الكيان. وبحسب صحيفة هآرتس، فإن التفسير المحتمل هو أن هذه هدية تصالحية لأمسالم، وهو أحد المؤيدين المتحمسين لانقلاب النظام.
من وجهة نظر نتنياهو، “سيكون هذا الاتفاق هو الأرنب الذي سيسحبه من القبعة في اللحظة الأخيرة لإنقاذه من السقوط في الهاوية. كما يمكن أن يكون ذريعة قابلة للتطبيق لكبح جماح حلفائه اليمينيين المتطرفين، الذين عقدوا العزم على تغيير الوضع في الضفة الغربية بشكل جذري، وأيضا لوقف الجهود التشريعية وبالتالي كبح حركة الاحتجاج”، على حد تعبير محرر الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل.
أما الرياض، فترى في تطبيع العلاقات غنيمة متعددة المكاسب، خاصة وانها قد ربطت إتمام الصفقة بعدد من الشروط. وبالتالي، فإن الاتفاق سيحقق لها: إعادة تطبيع العلاقات مع واشنطن، الأمر الذي تود ان تظهره اعلامياً، أيضاً، على أنه تحقيق للتوازن بعد اتفاقها مع إيران. إضافة لبرنامج نووي سلمي برعاية أميركية على أراضيها، وتزويدها بالأسلحة اللازمة “لردع المخاطر والتهديدات المحدقة بأمنها القومي”. ويكمن الجدل في هذه النقطة، حول حجم الثمن الذي يرضى الرئيس الأميركي، جو بايدن، بدفعه مقابل إتمام الصفقة. اذ ان كلا البندين المطروحين هما بمثابة مشكلة إسرائيلية: فالطلب السعودي للحصول على أسلحة أمريكية متطورة، يثير المخاوف من تآكل التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في الشرق الأوسط، بينما ترتكز الهواجس حول الحصول على إذن أمريكي لبدء برنامج نووي مدني، خشية إسرائيلية- أميركية مزدوجة من احتمال أن يصبح البرنامج النووي المدني فيما بعد، أساساً لتصنيع الأسلحة النووية السعودية، مما ينهي الاحتكار النووي الإقليمي المنسوب إلى إسرائيل.
ولناحية بايدن، فإن الوفاء بإحدى التعهدات التي كان قد أطلقها خلال حملته الانتخابية الماضية، سيزيد من حظوظه الانتخابية الرئاسية عام 2024.
يقوم بن سلمان بدوره بتهيئة ظروف النضوج. فبعد ان أفشل مساعي بايدن سابقاً في رفع انتاج النفط لتحقيق خفض الأسعار، بدأت الرياض مرة أخرى، بتقديم أوراق اعتماد لواشنطن، وقد برز ذلك جلياً، باستضافة الرئيس الاوكراني، فلاديمير زيلنسكي في القمة العربية. وهو الأمر الذي يشكّل دفعاً لواشنطن لإعادة الاستثمار في تطبيع العلاقات.
هذه الرغبة التي يُجمع عليها الأطراف، لا تعني نضوجها بتوافق تام، أو أن الثلاثي المَعني غيور على مصالح بعضه البعض. اذ يفضل الطرفان السعودي والإسرائيلي، عقد الصفقة بعد انتهاء ولاية بايدن، في ظل الفتور التي تشهدها العلاقات منذ وصوله إلى البيت الأبيض.