تشّريع «التشّريع» بـ«نصاب قواتي» والحكومة اليوم: «تمديد ملغوم» ورئيس أركان!
جريدة البناء اللبنانية-
محمّد حميّة:
استدرج رئيس مجلس النواب نبيه بري “القوات اللبنانية” إلى ملعبه بـ”فخ” الوعد بإدراج اقتراحات القوانين المعجلة المكررة المتعلقة بتأجيل تسريح رتب عماد ولواء.. فحضرت كتلة الجمهورية القوية بكامل أعضائها يتقدمها النائبان جورج عدوان وستريدا جعجع.
خالفت “القوات” الإجماع المسيحي الرافض للتشريع بظل فراغ الرئاسة الأولى.. فقاطع “التيار الوطني الحر” و”الكتائب” ومعظم النواب المسيحيين من التغييريين والمستقلين، فأمّنت “القوات” نصاب انعقاد الجلسة ومنحتها ميثاقية مسيحية خالصة مخالفة مواقفها السابقة، مع علمها بأنه من غير المضمون طرح بند التمديد لقائد الجيش في الجلسة والذي لم يُدرج بالأصل على جدول أعمال جلسة الأمس، إذ تبيّن وجود جدول آخر يتضمن اقتراحات قوانين معجلة مكررة من ضمنها الاقتراحات المقدمة من كتلٍ نيابية عدة حول تعديل المادّة 56 من قانون الدّفاع، مع العلم بأن التمديد سيُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم.
غير أن “القوات” تبرّر بأنها لم تشارك في جلسة التشريع من حيث مناقشة اقتراحات القوانين والتصويت عليها، بل انتظرت حتى يُطرح بند التمديد. لكن مصادر نيابيّة أوضحت أن القوات جزء من نصاب الجلسة التي أقرّت أكثر من قانون، وهذا ما أشار إليه النائب علي حسن خليل بقوله “إن النواب جزء من النصاب بمن فيهم الجالسون في الطبقة العلويّة من القاعة العامة”.
ثبَّتَت جلسة الأمس رؤية رئيس المجلس جواز عقد جلسات تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي، ونسفت رؤية المعارضة بأن مجلس النواب هيئة ناخبة لا اشتراعية ولا يحق لها التشريع. ما يكرّس أمراً واقعاً ويدفع رئيس المجلس للدعوة إلى جلسات تشريعية أخرى طيلة فترة الفراغ الرئاسي.
تُشير أجواء جلسة الأمس الى أن ملف استحقاق قيادة الجيش، لم يُحسَم حتى اللحظة، ولا وعود مؤكدة على إقراره في مجلس النواب رغم إيحاءات “القوات” بذلك، كما لا تعهدات نهائية على تمريره في مجلس الوزراء، ولا ضمانات بعدم تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة أو قبوله الطعن.
ووفق معلومات “البناء” فإن “القوات اللبنانية” عبرت خلال المشاورات التي تجريها على خط عين التينة – السراي من أن تقرّ الحكومة مرسوم تأجيل التسريح ويُطعَن به أمام “الشورى” ويبطل الأخير القرار قبيل أيام قليلة من نهاية ولاية قائد الجيش في 10 الحالي، وتكون حينها انتهت الجلسات التشريعية وبالتالي استنفدت المهل الدستورية والقانونية لتعديل قانون ورفع سن التقاعد في مجلس النواب، وتنقضي المُهل من دون تمديد.. ولذلك أعلن النائب عدوان أنه “بغضّ النّظر عمّا ستفعله الحكومة، سيناقش مجلس النّواب المادّة 56 من قانون الدّفاع”.
ووفق مطلعين فإن الرئيس برّي سيقوم بواجبه على هذا الصعيد في مجلس النواب بمعزل عن الحكومة، وسيُكرّر الدعوة الى جلسات تشريعية متلاحقة طيلة أيام الأسبوع الحالي والمقبل حتى الانتهاء من جدول الأعمال، لكن ليس مسؤولاً عن تأخر إقرار جدول الأعمال ولا عن قرار الكتل النيابية وعن تأمين نصاب الجلسة عند طرح بند التمديد. كذلك فإن ميقاتي سيطرح التمديد في جلسة الحكومة اليوم، لكنه ليس مسؤولاً عن نية كتل نيابية الطعن بالمرسوم، ولا عن قرار “الشورى”.
وفيما تشير أوساط سياسية الى أن الضغوط الخارجية لا سيما بعد حركة السفير السعودي، نجحت بانتزاع تعهّد من المسؤولين المعنيّين بتمرير التمديد وتحصينه قانونياً أكان في مجلس الوزراء أو مجلس النواب، يستبعد مطلعون خيار التمديد للقائد في مجلس النواب نظراً لأبعاده السياسية، إذ أن تصويت المجلس النيابي على التمديد للقائد سيعكس ميزان قوى نيابيّاً جديداً ويُعدّ استفتاءً سياسياً على انتخابه رئيساً للجمهورية لا سيما بحال نال عدد أصوات تفوق ما ناله مرشح الموالاة (فريق حزب الله وحلفائه)، الوزير السابق سليمان فرنجية، ومما ناله مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، ومما حصده مرشح المعارضة والتيار الوطني الحر الوزير السابق جهاد أزعور، ما يدفع اللجنة الخماسية التي تضغط للتمديد لقائد الجيش، إلى تقديمه لاحقاً وبزخم أكبر كمرشحٍ رئاسي توافقي ويحظى بدعم أغلبية نيابية. أضف الى ذلك، أن “القوات” خاضت معركة التمديد للعماد جوزاف عون، وبحال مُدِد له، فإنها ستُسجل انتصاراً على “التيار”، ما لن يسمح به حزب الله مطلقاً خصوصاً في الوقت الراهن.
وعلى الرغم من تأكيد مصادر “القوات” بأن التمديد لقائد الجيش سيمرّ في مجلس النواب، علمت “البناء” أن المشاورات استمرت حتى ليل أمس وتستمر اليوم، لكن السيناريو المرجّح وفق مصادر أخرى هو تأجيل تسريح قائد الجيش في مجلس الوزراء في جلسة يعمل ميقاتي على تأمين نصاب انعقادها بحضور وزراء حزب الله مع تسجيل تحفظهم على الصيغة المطروحة والامتناع عن التصويت مع ترك القرار عرضة للطعن ورمي كرة النار على “الشورى”، بموازاة تعيين رئيس للأركان جرى التفاهم حوله مع النائب السابق وليد جنبلاط وهو العميد حسان عوده. وعبر هذا الحل يُرضي بري وميقاتي البطريرك الراعي ويحتويان الضغط الخارجي، ويلبّي حزب الله مطلب حليفه “التيار”، وكذلك يُحصّن المؤسسة العسكرية ويقيها شر الفراغ، إذ بحال أبطل “شورى الدولة” مرسوم التمديد، يتولى رئيس الأركان مهام وصلاحية قائد الجيش، أو قد يفتح الباب آنذاك على “مرونة كنسيّة” بتعيين قائد جديد للجيش. لكن هل يبطل “الشورى” القرار أم يتأثر بالضغوط السياسية ويؤجل البت لستة أشهر تنتهي معها الولاية المددة؟