تسعون يوما
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
إذا لم تحدث تغيرات ما فإن قمة أوباما ـ بوتين سوف تعقد في يونيو القادم. يفهمنا ذلك التاريخ السبب الذي دفع بالرئيس الأميركي إلى منح وزير خارجيته جون كيري صلاحيات التعامل المباشر مع الأزمة السورية ومع الوضع الفلسطيني .. يستطيع كيري اليوم أن يفصل ويقارب ويباعد ما يراه مناسبا في تلك الأزمة العاصية على الحل حتى الآن.
الشهور القليلة الفاصلة عن تاريخ القمة تلك، ستكون مشهودة .. كل الأطراف تحاول ضبط وضعها بناء عليها. المعارضة المسلحة تحاول قطف ما يمكن من مواقع يمكنها الاستفادة منه لحظة وضع القوى على الطاولة إذا جاز التعبير، ولهذا السبب تم إدخال مسلحين من الأردن تمكنوا من السيطرة على دفاعات جوية للجيش العربي السوري في منطقة درعا، كما وقعت مدينة الرقة بيد المعارضة حيث تقول المعلومات المؤكدة إن جيشا من الأتراك خطط وساعد في التنفيذ، في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لعمل ما على حدودها مع سوريا .. أما لبنان فقد جاءت استقالة رئيس وزرائه نجيب ميقاتي في لحظة كاذبة اسمها “نأي” النفس عن الأزمة السورية، لكن قابلية اشتعال تلك الحدود واردة وبقوة خلال انعدام وجود وزارة لبنانية، مع أنها وإن كانت موجودة فإن الحدث المخطط له سوف يقع في شتى أحوال السلطة اللبنانية. وعلى الجبهة العراقية تبدو الأمور أكثر صراحة حين زارها كيري قبل أيام طالبا من رئيس وزرائها نوري المالكي عدم السماح للطائرات الإيرانية التي تحمل السلاح إلى سوريا بعبور الأجواء العراقية أو تفتيشها على الأقل، فكان رد المالكي كما تقول بعض المصادر، ولماذا مسموح للمعارضة أن تمرر سلاحا من أمكنة متعددة؟!
نوافذ من الشر مفتوحة على الأزمة السورية خلال شهور ما قدره بعض الخبراء من أنه تسعون يوما، فإما تسقط الدولة السورية ومعها الدولة والنظام والمؤسسات، ويبنى عليه تصور جديد لأحداث قد تمتد أعواما تكون فيه سوريا قد أصبحت سوريات، وإما أن يتمكن النظام وتتمكن الدولة من الصمود الكبير ويقال الخارق، وعندها تتجاوز القطوع المرسوم لها وتتحول من مُتحدَّى إلى متحدٍّ. فإذا أضفنا الحدث اللافت لجامعة الدول العربية وما صدر عنها، نكون أمام صورة متكاملة لزحف عالمي على سوريا، مضافا إليه ما يقال عن أسلحة جديدة صارت بيد المعارضة المسلحة من مضادات حديثة للدبابات والطيران الحربي ومن صواريخ أيضا.
رغم ذلك سيدفن الجيش العربي السوري كل تلك الحيثيات التي يراد لها أن تمر، فهو الآن على أعتاب الرقة لإعادتها إلى حضنه الدافئ، وهو في أكثر مكان يعيد ترتيب أوراقه كي يعيد لسوريا ألقها المتعارف عليه. الجيش العربي وحده سيكتب كما كتب خلال السنتين انتصارات الوطن الذي يعيد لنا بهجة مفقودة، ويعلمنا أيضا كيف تسقى الجيوش عقيدتها لتبقى صمام أمان أوطانها.