تركيا: رئيس أركان الجيش تمرد على أوامر حكومته
ترجمة وتحرير: علي مراد..
ذكرت صحيفة حريّت التركية المعارضة في عددها الصادر السبت معلومات موثوقة تتحدث عن تمرد قيادة أركان الجيش التركي على الاوامر التي اصدرتها الحكومة التركية للجيش خلال الاشهر الماضية، وتوضح الصحيفة أن حكومة داوود اوغلو سعت إلى أن تلعب دوراً أكثر فاعلية في دعم اعمال عسكرية بشكل مباشر لقوات ما يسمى “الجيش السوري الحر” ضد قوات الجيش العربي السوري، والأكراد وقوات وفصائل ارهابية مسلحة أخرى في الأراضي السورية، ولكن وبحسب مصادر الصحيفة المطلعة، أبدت قيادة الجيش التركي عدم رغبتها في القيام بذلك، لكسب أكبر قدر من الوقت فيما تتجه أنقرة لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
وفقاً لمصادر الصحيفة، فإنّ “الدعم المباشر” الذي طلبه رئيس حكومة تصريف الأعمال أحمد داوود اوغلو، كان يتضمن استعمال نيران المدفعية بعيدة المدى ضد قوات داعش في مناطق محددة من الأراضي السورية إلى العمليات الجوية ودخول قوات الجيش البرية الى الاراضي السورية لتأمين حزام آمن على طول الحدود التركية مع سوريا.
وأوضح أحد المصادر للصحيفة أن حكومة أردوغان طلبت من الجيش أن يتدخل لمنع مزيد من الاشتباكات بين داعش والقوات الكردية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، وبالتالي منع الأكراد من السيطرة الكاملة على الحدود التركية السورية وإنشاء منطقة آمنة قد تمنع أي تدفق جديد للاجئين من الأراضي السورية، الى داخل تركيا.
وقد أخّر رئيس الأركان العامة للجيش التركي الجنرال نجدت أوزيل التوجيهات الحكومية متذرعاً بمبررات تتعلق بالقانون الدولي والسياسة الدولية وعدم التيقّن من ردود الفعل من كلٍ من الحكومة السورية في دمشق، وكذلك من حلفائها روسيا وإيران، إلى جانب أي ردة فعل محتملة من الولايات المتحدة أيضاً.
وبحسب الصحيفة ومصادرها المطلعة فإن حكومة داوود اوغلو كانت تجري حواراً منذ مدة لإقناع الجيش بصوابية خططها وقراراتها.
ووفقاً لمصادر حريّت، فإنّ داود أوغلو اقترح فكرة أنّ الوقت قد حان لتركيا للتدخل بشكل مباشر بالوضع في سوريا، طالباً استهداف بلدة جرابلس السورية تحديداً استناداً إلى تقديرات منظمة الاستخبارات الوطنية أن داعش قد تشن هجمات جديدة انطلاقاً من تلك البلدة، خصوصاً بعد سيطرة قوات حماية الشعب الكردية على بلدة تل الابيض بعد طرد داعش منها في 16 حزيران/يونيو الجاري.
أوزيل طلب وجود توجيه خطّي رسمي من الحكومة بذلك، بعد أن فشل داود أوغلو في إقناعه أن التفويض السابق من البرلمان سيكون كافياً من الناحية القانونية، ليعود أوغلو ويطلب من مكتبه إصادر توجيه خطي حكومي جديد على الفور وهو ما حصل.
بعد التوجيه الخطي، بدأ أوزيل يعدّد عواقب معينة للانخراط التركي المباشر داخل الأراضي السورية، قائلاً أن التدخل إن كان موجهاً ضد داعش، وهو هدف مشروع لجميع أعضاء الأمم المتحدة، فإنّ التنظيم الأخير سيهاجم الجنود الاتراك والمدنيين في تركيا والجيش التركي سيكون في مواجهة مباشرة مع عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، فضلاً عن المواجهة الحتمية مع التنظيم الشقيق له في تركيا وهو حزب العمال الكردستاني، وسيستأنف الأكراد هجماتهم داخل تركيا بعد هدوء نسبي لمدة ثلاث سنوات بفضل مبادرة السلام الكردية التركية. ثم إن سلاح الجو السوري سوف يستهدف قواتنا، مما يستدعي رداً من قبلنا.
تقول الصحيفة أن أوزيل ومن اجل الاسباب التي فنّدها لداوود أوغلو، يعتبر من أنصار الفكرة القائمة على ضرورة مخاطبة الحكومة السورية حول الدخول الى بعض من اراضيها لمحاربة الارهاب وتأمين اللاجئين. ووفقاً للصحيفة فإن هذه هي القاعدة التي ارتكزت عليها الجهود الدبلوماسية الأخيرة بين الخارجيتين الروسية والتركية، فبعد اجتماعهما بيوم واحد، انقضّت داعش على عين العرب “كوباني” انطلاقاً من “جرابلس” مما أغضب حكومة داوود أوغلو.
وتختم صحيفة حريّت تقريرها بالقول أن الجيش التركي لا يريد الانجرار الى عمل عسكري كبير بناء على اوامر من حكومة حزب العدالة والتنمية، الحكومة التي فقدت أغلبيتها البرلمانية في الانتخابات التي جرت في 7 حزيران/يونيو الجاري. المحادثات لتشكيل ائتلاف حكومي جديد مع حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية ستبدأ الأسبوع المقبل، وإذا ما تم تشكيل حكومة جديدة خلال أسابيع من الوقت، فإن التوجيهات الحكومية التي قد تشعل فتيل حرب سيكون قد عفا عليها الزمن. ووفقاً للصحيفة فإن حزب الشعب الجمهوري إن وجد في قلب ائتلاف حكومي فإن سياسة تركيا تجاه سوريا وداعش ستتغير حكماً، كما لا يمكن اغفال عامل خلط اوراق اللعب بين الرتب العسكرية، فأوزيل ينهي خدمته للتقاعد في شهر آب/أوغسطس القادم، ومصادر الصحيفة تتحدث أنه يماطل ويسوّف ليمرر الوقت، كي لا يسجّل له أنه الجنرال الذي أخذ تركيا الى حرب في أحرج الأوقات.