تراجع التصنيف الائتماني الأميركي.. أول الهاوية؟
يُعد “AAA” أعلى مستوى تمنحه وكالات التصنيف الائتماني لديون الحكومات والشركات على مستوى العالم. وتستخدم وكالات التصنيف الرئيسة الثلاث “ستاندرد آند بورز” و”فيتش” و”موديز” نظام تصنيف يتراوح من “AAA” إلى “D” للتخلف عن السداد، مرورًا بـ”B” و”C”. وتُعد هذه التصنيفات مؤشرًا للمستثمرين، على قدرة الكيانات على سداد ديونها، عند إصدارها تصنيفًا ائتمانيًا.
وبهذا الصدد، خفّضت وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من “AAA” إلى “AA+”، مشيرة إلى عوامل تشمل “تآكل الحوكمة” خلال العقدين الأخيرين، بعدما شهدت البلاد بشكل متكرّر خلافات تتعلق برفع سقف الدين العام، ما يعني أن الولايات المتحدة باتت بوجه الخطر.
الباحث الاقتصادي والمالي زياد ناصر الدين يتحدث لموقع “العهد” الإخباري عن قرار “فيتش”، مؤكدًا أنه أول خطوة تراجع كان غير محسوب لاقتصاد الولايات المتحدة الأميركية.
ما المقصود بالتصنيف الائتماني؟
وقبل الدخول في تفاصيل قرار وكالة “فيتش”، يوضح ناصر الدين أن التصنيفات الائتمانية هي “تقييمات تقدمها شركات عالمية مرموقة – معظمها في الولايات المتحدة – لتقييم الجدارة الائتمانية لبلد ما، ويعتمد على تحليل شامل لعدد من العوامل المالية والاقتصادية، وهو مقياس لقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدولية تجاه المقرضين، ومقياس لحجم السيولة المالية، ووضع الاستثمار، ونسبة الفوائد”.
لماذ هذا القرار؟
يؤكد ناصر الدين أنّ الوكالة اتخذت قرارها بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب المخاوف المالية، وأبرزها ارتفاع سقف الدين العام ونسبة الفوائد، وهذان مؤشران خطران جدًا، اذ إن الأمور باتت واضحة للعيان، ولا تستطيع واشنطن إخفاءها.
يعود ناصر الدين ويُذكّر أن الأزمة الأميركية بدأت تزامنًا مع انتشار جائحة كورونا، اذ تمت طباعة النقود بشكل كبير وضُخت بالاقتصاد ما نتج عنه تضخم وغلاء بالأسعار، وسط ارتفاع نسبة الفوائد التي انعكست سلبًا على الأسواق والمصارف، التي بدورها شهدت انهيارات مؤخرًا، فكل بلد ترتفع فيه الفوائد يرتفع فيه الخطر، وهذا ما حصل مع واشنطن. وجاءت الحرب الأوكرانية بعد جائحة كورونا مباشرة وأدت لرفع معدلات التضخم التي بلغت حدودًا كبيرة، وشكلت ضغطًا على الاقتصاد.
كما تظهر الصين وعلاقتها الاقتصادية التنافسية مع الولايات المتحدة كأحد العوامل التي لعبت دورًا، بحسب ناصر الدين، الذي يشير إلى أن الصين باتت اليوم بالصدارة.
ويضيف ناصر الدين: “إنّ الولايات المتحدة تعاني من رفع سقف الدين، بحيث أصبح الناتج المحلي 23 ألف مليار دولار، فيما نسبة الديون 31 ألف مليار دولار، وبالتالي ارتفاع ضخم جدًا بين الاثنين”. وعليه، فإنّ سياسة الفوائد المرتفعة، وارتفاع سقف الدين، وسط تراجع الاستثمارات من شأنه التأثير على الصحة الاقتصادية العامة لواشنطن.
وبحسب ناصر الدين، فإن “فيتش” أصبحت ثاني وكالة تصنيف ائتماني كبرى تخفض تصنيف الولايات المتحدة، بعد أن خفضته “ستاندرد آند بورز” عام 2011 في إثر رفع سقف الدين العام. ويتابع أن “التصنيف في الولايات المتحدة يخضع للتقنيات الاقتصادية، بينما خارجها تلعب الضغوط السياسية دورًا أساسيًا، كما حصل في لبنان، حيث ضغط مسؤولون أميركيون على شركات الائتمان لتخفيض تصنيف لبنان الائتماني بشكل سريع”.
ووفقًا لناصر الدين، فإنّ المؤشرات الصعبة في الولايات المتحدة ستظهر نتائجها خلال السنوات القادمة.
هل سيتضرر الشرق الأوسط؟
يُجيب ناصر الدين: “إن الضرر سيطالنا، اذ إن اقتصاداتنا “مدولرة”، وأي اهتزاز بالدولار سيؤثّر على أموالنا، ومن هنا كانت الدعوة دائمًا للتنويع بالمحفظات المالية من العقارات والذهب وغيرهما”.