تحرير كسب : المعاني والأبعاد
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
غداة اجتياح العصابات التكفيرية الإرهابية لمنطقة كسب تحركت حملة سياسية إعلامية واسعة النطاق لتقديم ما جرى بوصفه انتصارا باهرا لحلف العدوان على سورية وبدأت السيناريوهات الافتراضية تنتشر عن معاني بلوغ الجماعات المسلحة لمنطقة الساحل وسيطرتها على منفذ بحري ربطه كثيرون بصراع القرم وبينما تحدث البعض عن نتائج ما وصف بتهديد مدينة اللاذقية ، ذهب كثيرون في مطابخ العدوان الإعلامي على سورية أبعد بكثير في تخيلاتهم الجامحة لما بعد كسب ونجدهم اليوم جميعا مذهولين صامتين وقد بلعوا ألسنتهم في وجه السؤال نفسه : ماذا بعد كسب ؟ فالمرة يقرر المنتصر الإجابة والمنتصر هو الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني.
أولا تتأكد حقيقة تحدث عنها العديد من الخبراء والمسؤولين في قراءتهم لتوازن القوى الميداني وهي أن الجيش العربي السوري الذي يخوض حربا على امتداد الجغرافيا السورية يستطيع حيث يقرر ان يسترجع أي منطقة او موقع من العصابات الإرهابية بطريقته وبأدواته التخطيطية والقتالية ومن الواضح ان القيادة العسكرية السورية اكتسبت الكثير من مهارات التعامل مع التحديات في رسم أولوياتها وأسلوبها في إدارة المعارك ووضع الخطط الدفاعية والهجومية .
إن من يعود لسير المعارك والأحداث في ساحل اللاذقية الشمالي منذ الغزوة التي دعمتها حكومة أردوغان بالنيران بعدما سهلت عبور فصائل التكفير والإرهاب عبر الحدود واختبرت في بدايتها فرص اختراق الأجواء السورية يلاحظ ان القيادة السورية ردعت أول الأمر العربدة التركية وفرضت تسيد سلاح الجو السوري في فضائه الوطني وردعت محاولات التسلل التركية البحرية بجاهزية منظومات دفاعية قادرة ومن ثم احتوت الهجوم على الأرض ومن بعدها فرضت حصارا على المواقع التي احتلتها القوة المهاجمة وباشرت عملية تقطيع خطوط الإمداد وسارت في عمليات شاملة ومحكمة لتحرير المناطق التي شملها الغزو البربري وشرعت تسترجعها تباعا.
ثانيا استندت القيادة السورية في معركة تحرير ريف اللاذقية الشمالي إلى حالة قوية من التضامن الشعبي مع الجيش عبرت عن نفسها بالعديد من التحركات والأنشطة الجماهيرية وبالدور النشط لفصائل الدفاع الوطني وبالمقابل فشلت العصابات التكفيرية في العثور على أي حاضن محلي بفعل قوة التعبئة الإعلامية والسياسية التي فضحت جرائم التكفيريين ورسخت الالتفاف حول الدولة الوطنية وقواتها المسلحة .
ولا بد من التنويه إلى مفاعيل المناخ الملتهب حماسة الذي رافق الانتخابات الرئاسية وكان من عناصر الاستنهاض والدفع المعنوية للقوات المسلحة بقدر ما رسخ التلاحم بين الشعب وكل من الدولة والجيش وفي هذه الأجواء تنعكس الحالة المعنوية على توازن القوى الميداني بتعزيز النزعة الهجومية وارتفاع مستوى الاستعداد للتضحية لدى الجماعات والأفراد وهو العنصرالفاصل والحاسم في أي قتال.
ثالثا أظهرت وحدات الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني براعة وخبرة كبيرتين في إدارة الصراع العسكري بأسلوب القضم والهضم وفي تنفيذ المفاجآت العسكرية التكتيكية وبالقدرة على خوض المعارك في مناطق وعرة راهن المسلحون على التحصن فيها لفترة زمنية طويلة .
إن كثيرا من الدروس والخبرات القتالية تراكم في سياق معركة تحرير كسب دون شك وحيث شكل استرجاع السيطرة على بعض التلال والقمم بذاته إنجازا صعبا اقتضى تضحيات كبيرة وثباتا في إرادة القتال والتصميم على النصر وهذا ما يظهر أهمية الروح المعنوية العالية التي تمتعت بها الوحدات السورية المقاتلة من الجيش والدفاع الوطني على السواء وهي مستمدة من الحاضن الشعبي للدولة الوطنية ولقواتها المسلحة .
لقد سدد السوريون بمقاومتهم البطولية ضربة جديدة لحلف العدوان ولأدواته ورهاناته البائسة وهم يواصلون مطاردة الفلول الهمجية في كل مكان من سورية حيث تنتظر القوات العربية السورية معارك جديدة وعمليات حسم قادمة لا محالة لتطهير المزيد من المناطق ولإغلاق المزيد من بوابات التدخل العدواني .