تحرير تدمر بجهد تحالفي روسي – سوري
موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح*
يلينا نيدوغينا*
لَم يُطلق رئيس هيئة أركان القوات الروسية فاليري غيراسيموف تصريحه عن تحرير مدينة تدمر السورية جُزافاً، إذ أن هذا التصريح بتوقيته الدقيق ومُشتملاته يَكتسب أهمية كبرى، تدلل على عزم موسكو الاستمرار في إستراتيجية مُحاربة الإرهاب الدولي بزخم متصل، والتأكيد على موقف الكرملين الذي لا لَبس فيه ولا متاجرة به، بأن موسكو ستستمر في نهجها الحربي التحريري العادل حتى النهاية. فروسيا الكبيرة و الكُبرى التي ردّت ودحرت كرار المنغول والتتار القُدماء، وسحقت الفاشية والنازية والعسكرتارية اليابانية في الحرب العالمية الثانية، ستدحر منغول وتتار وفاشيي ونازيي وعسكرتاريي اليوم، الأمريكيين والإسرائيليين الصهاينة التوسعيين، والأتراك العثمانيين، وتخلّص المنطقة والعالم منهم.
تصريحات الجنرال غيراسيموف هزّت العالم، فسارعت وسائل الإعلام العالمية لإبرازها وتحليلها، إذ أنه كشف بالحرف وبكلمات قليلة عمّمتها مختلف الصحف والمواقع الإخبارية عن أن المشاركة الروسية في تحرير تدمر كانت بجهود متميزة من “”قوات العمليات الخاصة والخبراء العسكريين الروس””، بينما تُنسب فضائية “روسيا اليوم” وموقعها الشبكي العربي للأركان الروسية نبأً أشارت فيه لمشاركة “عناصر من قوات النخبة الروسية في العملية “، وهذا يَعني بوضوح مشاركتها بعملية أرضية.. برية ومباشرة، بالإضافة للدور الهام للقوات الجوية الفضائية الروسية التي ساهمت بوقف نمو الورم السرطاني للارهاب بحسب توصيف غيراسيموف، ومهّدت لدور أساسي للقوات السورية في تقطيع أوصال الإرهاب في المدينة، بعمليات حاذقة وتكتيكات ذكية، فحصارِ هذا الإرهاب في مربعات عديدة، أضعفته وشتّـته وأنهكته، وقضت عليه وكنّسته، فالسيطرة على المدينة المُنهكة والمُعذّبة.
شخصياً نلمس، أن هيئة الأركان الروسية أرادت بتصريحها الأخير التنويه ولفت الأنظار إلى دور روسيا كدولة كبرى وقوية في العملية المباشرة والمستمرة لتحرير تدمر وسوريا من الإرهاب، وهي عملية نوعية وظّفت فيها روسيا كامل خبراتها القتالية، إبتداءً من خبراتها في الحرب الوطنية العظمى للشعب السوفييتي (الحرب العالمية الثانية على الجبهة السوفييتية – الألمانية النازية)، مروراً بخبراتها في الحرب على ذات الارهاب الدولي في أفغانستان والشيشان وغيرها من الأماكن والبلدان، فالتأكيد أيضاً على أن النصر الاستراتيجي المؤزّر في المدينة الاثرية لم يكن بالتصدي الروسي للإرهاب بالطائرات فقط، إذ أن هذا التصريح أعادنا الى إعلان الصحافة الروسية قبل شهور عديدة، وقبيل دخول القوات الجوية والفضائية الروسية الى عملية التصدي للارهاب، أن قوات روسية كانت بإنتظار الارهابيين وكمنت لهم واوقفت تسلّلهم الى النقطة العسكرية الروسية في اللاذقية، وغنمت منهم بعدما كبّدتهم خسائر في الارواح، خرائط وصور أقمار صناعية أشير فيها الى مخابئ الطائرات ومواقع اخرى، كانت هذه الاقمار التابعة لدولة كبرى قد صوّرتها وحولتها أجهزتها الاستخبارية للعناصر الارهابية لينالوا من المنشأة الروسية في اللاذقية!
كما يُعيدنا تصريح الاركان الروسية الى إعلان سابق لرئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قادروف، كشف فيه عن أنه أرسل عناصر قوة شيشانية مسلمة مسلحة الى سوريا للقيام بعمليات نوعية، منها القنص و/أو إعتقال زعيم داعش وزعماء وأفراد وقادة الإرهابيين الدوليين.
المشاركة الروسية والسورية والحليفة في تحرير تدمر وشرقي سوريا حتى حدود العراق، تهدف لضمان الالتحام مع القوات العراقية ، ليتواصل التحالف الكفاحي الدولي جيوسياسياً وعسكرياً، بعد ان سبق تقطيعه بمخطّطات خارجية ومن خلال داعش وأخواتها.
تصفية القوات الروسية للارهاب في سوريا تتم بمختلف صنوف الأسلحة التي نعجز عن ذكرها واستعراض فعالية قدراتها المدهشة والمذهلة. بينما جرت معارك في تدمر بمواجهات مُباشرة مع الإرهابيين، واستخدمت فيها أسلحة متطورة. كما ذهبت بعض الاخبار الى القول، أن النزال مع الارهابيين تمت أحياناً بالإلتحام معهم بالسلاح الأبيض.
وفي خضم المعركة لاستعادة تدمر، أُعلن عن توقيع الرئيس فلاديمير بوتين أمراً رئاسياً بمشاركة الخبراء والتشكيلات الروسية الخاصة، والتقنيات المتقدمة والروبوتات في عملية واسعة لتفكيك الألغام الداعشية التي زوّدهم بها أسيادهم الخارجيين بغية إصطياد عناصر القوات السورية والحليفة. وكان الأمر الرئاسي البوتيني بمثابة رسالة قوية وواضحة لكل الغرب وأذنابه العرب والفرنجة، بأن أرض سوريا صارت ومنذ دخول القوات الروسية إليها، خطأ أحمر يُمنع المَساس به، ومَن يجروء على ذلك، سيَدفع الثمن باهظاً بالأسلحة الروسية الضاربة، ويتم تصفيته، كما صُفّيت قُطعان الارهاب المُتعدّدة الجنسيات في تدمر وفي غيرها من مدن ورياح سوريا، وسيُدرك العالم إذ ذاك هذا الأمر، كما أدركته تركيا أردوغان وارتعدت فرائصها منه.
موسكو طيّرت مِن خلال مشاركتها الجوية الفضائية والأرضية بمقارعة الارهاب في تدمر، رسالة قوية لكل الدول الرجعية والكولونيالية الجديدة، مفادها أن العملية العسكرية الروسية في سوريا عزّزت قُدرات الجيش السوري القتالية والمَعنوية، وستبقى روسيا تعزّزها لاحقاً، من خلال ثبات موقفها وقرارها السياسي الذي لا يتزعزع، برغم الإرهاب الإعلامي والفبركات الصحفية الدولية التي تُشن بجنون على موسكو ودمشق والعواصم العربية المناهضة للارهاب والتبعية، للنيل من سمعتها ولتشويه صورتها.
موسكو ماضية بخط مستقيم لا إعوجاج فيه ولا تكسّر في مسيرتها المقاومة للاسترقاق والسّحل والتفتيت، وفي سبيل تعزيز التحالف الكفاحي الدولي الذي تقوده روسيا لتخليص العالم من الفكر والممارسة الارهابيتين.
*كاتب ومُتخصّص بالشأنين الروسي والصيني.
* كاتبة وإعلامية ورئيسة تحرير سابقة.