تبرئة لنوايا العفاريت.. لبنان على كفّ مواطن
موقع إنباء الإخباري ـ
سحر بلوط:
جرت العادة أن نُرجع أسباب خراب الوطن إلى النوايا السيئة لملائكة ضلّوا طريق الحق وشياطين وأشرار الماورائيات عند حصول أي كارثة سياسية أو اجتماعية في لبنان. ولكننا اليوم ندين بالاعتذار إلى العفاريت والمخلوقات الفضائية والكائنات الخيالية لتحميلها وزر خطايا نرتكبها، عن سابق تصميم أحياناً وغباء مريب أحياناً أخرى، بحق بلدنا وأرضنا وشعبنا.
يعيش لبنان اليوم رهينة تاريخ، رغم أننا لم ننسه، إلا أننا كررناه ونكرّره يومياً وللأسف يُرجّح أن نكرره إلى أبد الآبدين بحجة الدفاع عن لبنان العظيم، واهمين أننا حماة الديار الأشاوس.
ونعيش، نحن أبناء الوطن الواحد متعدد الهويات والانتماءات، رهن جهلنا أو تجاهلنا لنتائج محتمة؛ والأخطر معرفتنا تمام المعرفة لتلك النتائج.
نعم، ننتظر بشغف أن تندلع حربٌ أو كارثة أو أن يقع تفجير لعلّنا نصل إلى فهم حقيقةٍ ما، نظن أننا نقرّرها، لطيبة فينا، ولخبث في نفس المشرفين على مصائرنا.
وتعيش بيروت حبلى بقرارات لا نملك رفاهية اتخاذها، ولا ندرك أن جنين أفكارنا مشوّه سلفاً وغير مكتمل التكوين، وأن سفاحاً نبرز فيه رجولية تعصّبنا سيأتي بمولود عاق بحق الوطن الأكبر.
لبنان لم يعد أخضر. فلنكف عن تملّق الأرزة التي شابت وهرمت وكلّت من تعليق كلّ ثوراتنا عليها. ولبنان الذي نغنّيه شاخ مع صباح ووديع ولربما غاب مع كبار من غابوا.
بيروت خلعت عنها ثوب العفّة، واستباحها عشاق العمالة، ولهجتها تخلّت عن مخارج الحروف، وثقافتها اعتزلت ولازمت كتب تاريخ تراكم عليها الغبار. فأينكم من حلم لبنان العظيم؟
لبنان لا يقف اليوم على حافّة الهاوية، لبنان اليوم في قعر حفرة ضيقة، أشبه ببئر مهجورة، لا ينفعه نشيد وطني منسيّ، أو أطلال نبكي عليها بعد أن وأدناها، فنحن اليوم كمواطنين أمام استحقاق هام وخطير ويبقى السؤال الأهمّ:
من هو الرابح في معركة المواطن ضد المواطن؟