بيروت ودمشق على موعد مع انتصار تاريخي… المملكة الهرمة لا تعترف بوقائع الهزيمة، وتغامر في لبنان
تغيرت عناوين النقاشات التي يخوض فيها زوار بيروت الغربيين، مع القادة والزعماء والسياسيين المحليين، لم يعد المبعوثون الغربيون، أمريكيون و/ أو أوروبيون، يتحفظون كثيراً على مناقشة خفايا «علاقاتهم الخليجية»، لا بل يؤكد قيادي لبناني أنهم باتوا يبادرون الى فتح قلوبهم والشكوى من «وقاحة» بعض الدول الخليجية، التي ترفض الإعتراف بالوقائع وتعاند المتغيرات الدولية بحفنة من المجموعات التي تبيع ولاءها عند أول هبة ريح.
«المملكة الهرمة» تصر على عرقلة مساعي الحوار وإيجاد الحلول السلمية للأزمة السورية، وهي بالكاد تستطيع لملمة وضعها الداخلي المقبل على انفجار بات وشيكاً»، لا يحتاج المرء لأحرف أولى ليعرف من يقصد «المسؤول اللبناني» بالمملكة الهرمة، ولكنه حين يستفيض يزيل أي لبس بقوله «المملكة باتت أعجز من أن تصنع متغيراً في سوريا، لا في حلب ولا في حمص ولا في دمشق ولا حتى في القلمون، فكيف تريد أن تغير الأوضاع وتقلب الطاولة من طرابلس؟»، يرسم الرجل إشارة في الهواء ثم يضيف «يعتقد السعودي أكان بندر أم غيره أن خطته التي أغرقت العراق في بحر من الدم اليومي، قابلة للنجاح في لبنان، ويعول على مجموعات حشدها بالحقد والمتفجرات في القلمون، وعلى مجموعات يحركها في طرابلس، ويعرقل تشكيل الحكومة، وانعقاد المجلس، ويمنع انعقاد الحكومة للاستفادة من النفط، وهو يعلم تماماً أن هذه آخر محاولاته في لبنان، ومصيرها بالوقائع فشل لن يكون دويه أقل من دوي المفاجآت السورية، وعندها لن نقبل على الإطلاق بما نقبل به الآن».
أحد المسؤولين الأوروبيين، الذي يزور بيروت لترتيب موعد لممثل رسمي لحكومته مع قيادة حزب الله، عرج على مسؤول لبناني رسمي في معرض انتظاره جواب الحزب والترتيبات المتعلقة بالمواعيد، فأسر له حقيقة مهمته، فما كان من المسؤول اللبناني الا الابتسام واجابته بما اطلع عليه شخصياً من قيادات مهمة في الحزب، وهو وإن صاغها بلسانه فقد حاول التعبير عنها أحياناً كما هي وكما وردت على لسانهم، «قف بالصف يا صديقي»، وأضاف موضحاً لم يعد رنين الهاتف يتوقف هذه الأيام طلباً لإعادة فتح القنوات مع الحزب، وفي الحقيقة لا اعتقد أنهم مستعجلون في اتخاذ قرارات من هذا النوع، انهم يأخذون وقتهم في مناقشة التفاصيل فيما بينهم قبل أن يضعوها أمامكم.
قد يكون المسؤول الأوروبي اقتنع أو أبدى دبلوماسية فائقة في إظهار اقتناعه، لكن أحد الحضور من السياسيين اللبنانيين المرافقين له، حاول التشكيك من باب استدراج المزيد من المعلومات، فكان الجواب حاضراً وبالمعلومات، قطر أول المتقاطرين إلى طلب المواعيد وفتح الأبواب، وهي وإن لعبت على الوقت بقضية الزوار، وإبقاؤهم لهذه الفترة الطويلة كان من أجل كسب رهانات في الموضوع السوري، لكنها وبعد اليأس من تحقيق متغيرات، ساهمت في الإفراج عنهم.
المسؤول اللبناني الذي أدرك جيداً غاية سائله، أسترسل قائلاً «وأزيدك من الشعر بيتاً، ليست المسألة فرصة للمبالغة، لكن الوقائع تفرض نفسها، تركيا التي تعرفونها تغيرت، ومصر باتت مشغولة بنفسها، وحزب الله هنا ليس حالة لبنانية، هو قلب المحور وقوة اقليمية أثبتت أنها قادرة على خوض حرب عالمية ثانية، أقوى من حرب تموز وقادرة على أن تصمد، وأن تكون على موعد مع تحقيق انتصار تاريخي.. سجل كلامي في هذا المحضر وليكن رسمياً، إن مفاعيل النصر هذا، كبيرة وكبيرة جداً، وسيكون له أثار على المنطقة برمتها.»
يتوقف الرجل «الستيني» في السياسة قليلاً، يجيب على اتصال طارئ، ثم يسأل ضيفه المشكك «وهل ترى في الخلاف السعودي الأميركي إلا نتيجة لصمود هذا المحور؟ هل كان من السهل على الروس قبل اليوم إقناع الأمريكيين بالسير في تسويات لا تشمل الرياض أو تستأنس برأيها؟.»
هل تعلم عدد الضباط السوريين المنشقين الذين تقدموا بطلبات لإعادة النظر بوضعهم؟ ثق وسجل لديك لا زالت «المفاجآت» في بدايتها، وكل متغير على الأرض وفي الميدان السوري، سيكون له مفاعيل مضاعفة في السياسة الإقليمية وفي الحراك الدولي.
هذه اللهجة الحاسمة والحازمة لا تسمع فقط في الصالونات السياسية الكبرى، بل باتت تتردد هنا وهناك، وترن في المجالس التي تجمع الإعلاميين بالسياسيين، برجال الدين، وأيضاً في آذان المخابرات العالمية التي حضرت بعدتها وعديدها استعداداً للمتغيرات «اللبنانية» على وقع «التطورات السورية»، فالتقارير المتداولة على حساسيتها في مضمونها متشابهة وان اختلفت اساليب وخلفيات مناقشيها وتعليقات كاتبيها، الخائف، والمتردد، والمعاند، والمشكك، والمتحمس إلى الحصاد تطرفاً أو اعتدالاً.
الكل يريد أن يقرأ «ردود فعل» و «خيارات» وبرامج وخطط «حزب الله» في ظل المتغيرات الإقليمية، والحزب مشغول بقراءة متأنية لتطورات ملفتة أثارت إعجاب كوادره وقيادييه، مجدداً، يراقب حزب الله التجربة الإيرانية في مقاربة الديموقراطية من مفهوم سيادة الشعب بإندهاش وتقدير، خاصة وأنه ممن يعرفون حجم الضغوط الهائلة التي تعرضت لها الدولة الإسلامية في إيران، والحصار القاسي الذي فرض عليها، والذي كان يمكن أن يدمر دولاً أقوى وأكثر تقدماً وتطوراً وحجماً، يقرأ الحزب التطورات الإيرانية بعكس ما يتمناه بعض اللبنانيين، ويزداد اعجاباً بالتجربة الرائدة في كافة المجالات، وفي نفس الوقت، يحضّر نفسه لاستحقاقاتٍ آن أوان «قطافها»، وهي على ما بدأ يتظَهّر أكبر بكثير من حجم التضحيات التي قدمها، والتي توقع أو جهز نفسه لتحملها، ويستطيع أن يتحمل أعباء تردداتها خلافاً لما يعتقد ويظن خصومه ومستهدفوه.
موقع سلاب نيوز ـ
جمال شعيب